مغامرة التونسيين بـ”الحرقة” في ازدياد رغم التغييرات السياسية

مغامرة التونسيين بـ”الحرقة” في ازدياد رغم التغييرات السياسية

تونس – رصدت تقارير مختلفة تزايد إقبال التونسيين على الهجرة السرية المعروفة بـ”الحرقة” نحو إيطاليا بالرغم من التغييرات السياسية الجديدة التي شهدتها البلاد خلال أكثر من سنة.

وتقول التقارير إن أكثر من 70 في المئة من المهاجرين غير النظاميين الذين يغادرون من تونس هم تونسيون.

ويعتبر مراقبون أن المخاوف التي غرستها في نفوس التونسيين عشر سنوات من الثورة لم تتراجع إلى حد الآن، حيث يستمر الآلاف من المغامرين في السعي لاجتياز الحدود بشكل غير قانوني بحثا عن وضع أفضل في أوروبا، بالرغم من المخاطر التي ترافق مغامرة “الحرقة”.

ويرى المراقبون أن التفاؤل بالتغييرات السياسية التي حدثت منذ 25 يوليو 2021 بقي محصورا لدى دوائر سياسية وثقافية وفكرية محدودة، ولم يصل إلى عامة التونسيين الذين يريدون أن يروا تحسنا فعليا في الواقع سواء ما تعلق بارتفاع الأسعار ومواجهة الاحتكار، أو ما تعلق بالنجاح في توفير فرص عمل جديدة خاصة بالنسبة إلى الشبان من خريجي الجامعات الذين باتوا يمثلون نسبة عالية من مغادري البلاد.

أغلب التونسيين يريدون رؤية تحسن فعلي سواء ما تعلق بارتفاع الأسعار، أو بالنجاح في توفير فرص عمل جديدة

وخلال الأشهر الأخيرة ارتفعت وتيرة حوادث الغرق قبالة السواحل التونسية مع زيادة في محاولات العبور من تونس وليبيا إلى أوروبا عبر إيطاليا مع تحسن الطقس.

وأثبتت المقاربات الأمنية فشلها في احتواء الظاهرة نظرا إلى كونها لا تعالج الهجرة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية. وطالب متابعون للشأن التونسي بضرورة تخصيص برنامج تنموي حقيقي في تونس وباقي الدول الأفريقية للحد من نزيف الهجرة.

ويعتقد المراقبون أن الحكومة التونسية مطالبة بالتحرك السريع لمعالجة قضية الهجرة، ليس فقط بالاتفاق مع أوروبا على طرق استعادة “الحراقة” بطرق غير قانونية، ولكن من خلال خطاب سياسي عملي موجه إلى الشباب التونسيين يشرح البرامج الحكومية قريبة المدى في ما يخص الوظائف والاستثمارات والتشجيعات الموجهة إلى القطاع الخاص مقابل توظيف خريجي الجامعة مثلما كان يحصل مع حكومات ما قبل الثورة.

وطالب المراقبون بحوار أكثر تكافؤا مع الدول المستقبلة للمهاجرين بما يحسن ظروف الموجودين هناك من جهة ويدفع نحو الهجرة النظامية بوضع قواعد ميسرة وإغراءات تشجع عليها، وكذلك دعوة هذه الدول إلى الاستثمار في تونس وبناء مشاريع تنموية لتشغيل الشباب، وبالتالي تجاوز السياسات الأمنية ونظرية حرس الحدود.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد حث في لقاءات سابقة مع مسؤولين إيطاليين على أن “السياسات التقليدية لإدارة ظاهرة الهجرة غير النظامية أثبتت محدوديتها”، داعيا إلى مقاربة مشتركة “تمكّن من التشجيع على الهجرة النظامية وفق آليات تضمن حقوق المهاجرين”.

وشهدت تونس في الأسابيع الأخيرة موجة غير مسبوقة من الهجرة الجماعية للعائلات في مناطق مختلفة من البلاد، وبعض هذه العائلات قد وصل سالما، وبعضها الآخر شهد حوادث مأساوية مثل غرق كل أفراد العائلة، أو غرق البعض ونجاة البعض الآخر.

تونس شهدت في الأسابيع الأخيرة موجة غير مسبوقة من الهجرة الجماعية للعائلات في مناطق مختلفة من البلاد

وباتت العائلات تتنافس على تصوير رحلتها المحفوفة بالمخاطر نحو أوروبا، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وضبطت وحدات الحرس البحري في تونس 362 مهاجرا على طول السواحل خلال اعتراضها لـ24 عملية هجرة غير شرعية ليلة الأربعاء/الخميس.

وأفاد المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي بأن عدد التونسيين الذين تم ضبطهم في عمليات الاعتراض بلغ 277 شخصا فيما ينحدر البقية من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

ويجري إحباط عمليات للهجرة غير الشرعية بشكل يومي على السواحل التونسية، حيث تنشط قوارب تهريب البشر بوتيرة أكبر في فترات الصيف نحو السواحل الإيطالية القريبة بحثا عن فرص حياة أفضل داخل الاتحاد الأوروبي.

وضبطت وزارة الداخلية هذا العام وحتى يوم 23 أغسطس الماضي أكثر من 15 ألف مهاجر غير شرعي من بينهم 8700 أجنبي، مقابل أكثر من 20 ألفا في عام 2021 بأكمله.

العرب