ما الذي يسعى إليه الإيرانيون.. الاتفاق أم كسب الوقت؟

ما الذي يسعى إليه الإيرانيون.. الاتفاق أم كسب الوقت؟

في شتاء 2014 تابع الشرق الأوسط مباراة كرة الطاولة لوزير الخارجية الأمريكي في ذاك الوقت جون كيري. أجرى كيري في المنطقة حملة مكوكية مهووسة بهدف إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين مرة في رام الله، ومرة في القدس، وأخرى في عمان، وفي البلاد وهلمجرا.

في تلك الأيام طرحت مخاوفي على محفل أمريكي عليم. “تجربتي تفيد بأن مساعي السلام بالحرب تنتهي هنا في المنطقة. فما هي خطتكم البديلة لحالة الفشل؟” كان جوابه أن لا بديل.

النتائج معروفة. انهارت مسيرة كيري: المفقودون الثلاثة من “غوش عصيون” اختطفوا، وحملة “الجرف الصامد” التي استغرقت 51 يوماً نشبت.

مباراة كيري سجلت كفشل أمريكي آخر في فهم الشرق الأوسط. هاكم قائمة جزئية: تأييد كارتر للخميني، ووهم بوش بأن العراق سيزدهر بعد تصفية صدام حسين، ومطلب كونداليزا رايس في 2006 لإجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية التي توجت حماس في غزة، وخطاب أوباما في القاهرة في 2009 ومطالبته بازاحة مبارك بعد سنتين من ذلك، ما أدى إلى سيطرة الإخوان المسلمين على مصر.

في فترة السنة والنصف الأخيرة يتابع العالم مباراة كرة طاولة أمريكية في المنطقة مرة أخرى. يدور الحديث هذه المرة عن مفاوضات إدارة بايدن مع إيران على الاتفاق النووي. مرة تكون الكرة لدى الأشرار في طهران، ومرة يضربونها لتعود إلى الغرب. مرة يكون هذا هو “العرض الأخير” و”اتفاق في غضون أيام”، ومرة أخرى “يبتعد الاتفاق”، والدائرة تدور. مريح للطرفين مواصلة المباراة إلى الأبد، مثلما يمكن أن يحصل بشكل نظري في بعض من المسابقات. أو مثلما قال روب مالي، قائد المحادثات عن الأمريكيين، “بوابة المفاوضات ستبقى مفتوحة إلى الأبد”.

من ناحية الأمريكيين، هناك مواضيع أكثر إلحاحاً. أما بالنسبة للإيرانيين، فالزمن يلعب في صالحهم، والبرنامج النووي يتقدم، والتخصيب يصل إلى 60 في المئة، واليورانيوم يتجمع، ويدخل بشكل كاف، وأسعار الوقود ارتفعت والصين تشتريها، وروسيا تشتري السلاح، والنظام ليس في خطر لا من الداخل ولا من الخارج. فما الضرر؟!

وبالفعل الضرر هو انعدام الفهم الأمريكي في أن تؤدي مساعي السلام إلى حرب. لأن رد الإيرانيين في نهاية الأسبوع على اقتراح الغرب يؤكد فرضية الموقع أدناه، وأن الإيرانيين لا يريدون اتفاقاً، بل يريدون الزمن الذي تمنحه لهم هذه المحادثات.

المحادثات تسمح لإيران بصرف الانتباه عما كان، ويبقى الأمر الحقيقي: تقصير زمن الاختراق إلى القنبلة النووية إلى الصفر لأجل أن تكون في موقع انطلاق في اللحظة التي تنهار فيها المحادثات. إلى أن تعد الولايات المتحدة بديلاً للمفاوضات، ستكون القنبلة جاهزة. مباراة كرة الطاولة بالنسبة للإيرانيين ليست سوى غطاء للمباراة الحقيقية. تبين من المعلومات العلنية أن زمن الاختراق يبلغ اليوم أسابيع معدودة. يمكن الافتراض بأن الإيرانيين الذين ليسوا أغبياء، يحافظون على بضع أوراق لا يعرفها الغرب؛ للحظة الحقيقة أو لن تكون هناك مفاوضات فيندفعون إلى القنبلة، ويقف الأمريكيون أمام المعضلة المتوحشة التي أرادوا الهروب منها. التسليم بقنبلة إيرانية أو حرب مضرجة بالدماء ضد النظام الإجرامي في طهران. فضلت الولايات المتحدة العار على الحرب، لكن الجميع، هي ونحن، نوشك على أن نتلقى حرباً أيضاً.

القدس العربي