تسعى الولايات المتحدة لكبح النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسط توترات جيوسياسية آخذة في التصاعد على أكثر من جبهة بين القوتين العالميتين، فيما ترسم تحركات كل منهما خارطة تحالفات اقتصادية وأمنية، وسط تشابك للمصالح وصراع على إيجاد موطئ قدم ثابت في فضاءات جغراسياسية إستراتيجية لمصالح كل منهما.
ومع أن صراع النفوذ بين واشنطن من جهة والصين وروسيا من جهة ثانية ليس بالأمر المستجد في خضم نزاعات تجارية ومالية وجيوسياسية تعود لعقود، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار منذ توليه الرئاسة التفرغ لمواجهة النفوذ الصيني، وهو عنوان رئيسي في حملته الانتخابية التي أوصلته إلى البيت الأبيض على حساب منافسه دونالد ترامب.
وبدأت الولايات المتحدة سلسلة اجتماعات مع وزراء من دول آسيا وجزر الهادئ في لوس أنجلس الخميس، في إطار قمة اقتصادية تهدف إلى مواجهة نفوذ الصين المتزايد في المنطقة.
ويعد الحدث الذي يستمر ليومين أول لقاء مباشر بين أعضاء “الإطار الاقتصادي للازدهار في المحيطين الهندي والهادئ”، وهي مبادرة أطلقها بايدن في مايو الماضي.
وتأمل إدارة الرئيس الديمقراطي من خلال الشراكة التجارية الجديدة في تعزيز حضورها في منطقة شعرت بأنها أُهملت في عهد سلفه دونالد ترامب.
وفي ظل سياسته الانعزالية القائمة على مبدأ “أميركا أولا”، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية “الشراكة عبر المحيط الهادئ” التجارية والتي ينصب تركيزها على آسيا، في خطوة رأى البعض أنها تفسح المجال للصين للهيمنة في منطقة تعد غاية في الأهمية من الناحية الاقتصادية بالنسبة للعالم.
وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو في مستهل القمة إن “الوقت حان لتكون لدى الولايات المتحدة رؤية اقتصادية ملموسة في المنطقة”، مشيرة إلى أن الدول الـ14 المنضوية في الحلف تساهم في أكثر من 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي.
وتأمل واشنطن في وضع معايير مشتركة على مستوى المنطقة، لكن من دون الترويج للوصول إلى سوقها المحلية على شكل اتفاقية تقليدية للتجارة الحرة.
وستركز المحادثات على أربع نقاط رئيسية، هي الاقتصاد الرقمي وسلاسل الإمداد والطاقة النظيفة ومكافحة الفساد.
وواجه الحلف انتقادات على اعتباره مجرّد كلام فارغ تعد قيمته رمزية ليس إلا، لكن الحديث عن اتفاقيات للتجارة الحرة لا يحظى بشعبية في الولايات المتحدة، حيث يعتبر الرأي العام أنها تشكّل تهديدا للوظائف الأميركية.
ويضم “الإطار الاقتصادي للازدهار في المحيطين الهندي والهادئ” الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي وفيجي والهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا ونيوزيلندا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام.
ويعد الحلف نظريا “منصة مفتوحة” يمكن في مرحلة ما أن تنضم إليه دول أخرى، لكنه لا يشمل تايوان، الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبر الصين أنها جزء من أراضيها.
صحيفة العرب