انتهت الجلسة الثانية من الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والتي غاب عنها التيار الصدري إلى ست توصيات أبرزها الاتفاق على تشكيل فريق فني من مختلف القوى لاستكشاف الرؤى والأفكار المشتركة حول خارطة طريق لحل الأزمة التي تشهدها البلاد، وتقريب وجهات النظر بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة في البلاد.
ويرى مراقبون أن نجاح الحوار الوطني يبقى رهين انخراط التيار الصدري في العملية التفاوضية، وهذا الأمر خاضع لقرار زعيمه مقتدى الصدر، الذي من غير المستبعد أن يقبل في النهاية بهذا المسار مع اضمحلال خياراته لفرض أجندته.
وعلى خلاف الجلسة السابقة لم يسارع التيار الصدري إلى التعليق على نتائج الحوار، في خطوة يراها المراقبون إيجابية. وكان التيار وصف نتائج الجلسة الأولى بأنها “لا تسمن ولا تغني من جوع”.
وجاءت الجلسة الجديدة التي شاركت فيها الرئاسات الثلاث ممثلة في رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، بعد أيام من أحداث دامية في المنطقة الخضراء كادت أن تنتهي بالعراق إلى حرب أهلية لولا ضغوط مارستها القوى المتدخلة في العراق وأساسا إيران على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
الاتفاق على تشكيل فريق فني من مختلف القوى لاستكشاف الرؤى والأفكار المشتركة حول خارطة طريق لحل الأزمة
وأكد البيان الختامي للجلسة على “تفعيل المؤسسات والاستحقاقات الدستورية”. وأشار المجتمعون في بيانهم إلى أن “تطورات الأوضاع السياسية وما آلت إليه من خلافات تحمّل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني للتوصل إلى حلول وضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني”.
وجدد هؤلاء دعوة “التيار الصدري للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية، ومناقشة كل القضايا الخلافية، والتوصل إلى حلول لها”.
وقاطع التيار الصدري للمرة الثانية الحوار الوطني، لكن زعيمه حرص على ألّا يفوت فرصة انعقاد هذه الجلسة ليغرد مجددا على حسابه على تويتر، حاملا هذه المرة الجديد لجهة تلميحه بإمكانية قبوله تشكيل حكومة جديدة تتولى التحضير لانتخابات تشريعية شريطة أن تكون “لا شرقية ولا غربية” وألّا يحكمها “ابن الدعي”، في إشارة على ما يبدو إلى خصمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وطالب المشاركون في الاجتماع بـ”ضرورة تنقية الأجواء بين القوى الوطنية ومن ضمن ذلك منع كل أشكال التصعيد، ورفض الخطابات التي تصدر أو تتسرب وتسبب ضرراً بالعلاقات الأخوية التاريخية، ومعالجتها من خلال السبل القانونية المتاحة، وبما يحفظ كرامة الشعب العراقي ومشاعره واستحقاقاته، واحترام الاعتبارات الدينية والسياسية والاجتماعية”.
وشدد المجتمعون على “ضرورة تحقيق الإصلاح في بنية الدولة العراقية، وتثمين المطالب بمعالجة أي اختلال في أطر العمل السياسي أو الإداري من خلال التشريعات اللازمة، والبرامج الحكومية الفعالة، وبتعاون كل القوى السياسية، وبدعم من شعبنا العزيز، ومن ضمن ذلك مناقشة أسس التعديلات الدستورية، والتمسك بالخيارات الدستورية في كل مراحل الحوار والحل”.
وشهد الاجتماع مشاركة لافتة لقيادات تحالف “الإطار التنسيقي”، وفي مقدمتهم هادي العامري زعيم كتلة “الفتح”، وعمار الحكيم زعيم “تيار الحكمة”، ونوري المالكي زعيم “ائتلاف دولة القانون”، وفالح الفياض زعيم “الحشد الشعبي” وكتلة “عطاء”، وزعيم كتلة “النصر” رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.
كما حضر الاجتماع رئيس تحالف “السيادة” خميس الخنجر، ووزير الخارجية فؤاد حسين ممثلاً عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبافل طالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وكانت الجلسة الأولى للحوار الوطني قد عُقدت في السابع عشر من أغسطس. ويرى مراقبون أن إطلالة الصدر “التويترية” بالتزامن مع انعقاد الجلسة الثانية من الحوار الوطني، والتي أعلن من خلالها وبشكل غير مباشر عن عودته إلى الساحة السياسية بعد أيام من الاعتزال، تحمل أكثر من دلالة.
ويشير المراقبون إلى أن الصدر من خلال قوله “أنا وأصحابي لا شرقيين ولا غربيين.. ولن يحكم فينا ‘ابن الدعي’ كائناً من كان”، يمكن استنتاج أن الأخير قد يقبل حكومة جديدة شريطة أن تكون بعيدة عن هيمنة الإطار التنسيقي ولاسيما المالكي، تتولى التحضير للانتخابات المبكرة.
ويقول المراقبون إن ما يعزز هذا الرأي المبادرة التي كان طرحها حليفه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي قبل ساعات من انطلاق جلسة الحوار والتي من المرجح أن الأخير عرضها بعد أن حصل على ضوء أخضر من الصدر.
ودعا الحلبوسي إلى ضرورة أن يتوصل قادة الكتل السياسية في الحوار الوطني إلى اتفاق يقضي بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في موعد أقصاه نهاية العام المقبل واختيار حكومة عراقية كاملة الصلاحيات متفقا عليها تمهد لهذه الانتخابات من خلال تعديل قانون الانتخابات وإقرار الموازنة العامة الاتحادية وتسريع قانون المحكمة الاتحادية العليا في العراق.
وعلى الرغم من أن دعوة الحلبوسي جمعت وجهات نظر جميع الأطراف السياسية بشأن حل الأزمة السياسية، فإنها لم تحظ بردود فعل واضحة من القوى السياسية، ولاسيما من الإطار التنسيقي.
وجرت جلسة الحوار فيما تستعد المحكمة الاتحادية العليا في العراق لعقد جلسة يوم الأربعاء المقبل لإصدار قرار بشأن الدعوى التي تقدم بها التيار الصدري لحل البرلمان العراقي بعد أن كانت قد أرجأت النطق بالقرار لأربع جلسات سابقة.
صحيفة العرب