تُشير المعلومات المتوفرة أن برنامج طهران النووي هو أكثر تقدماً بكثير مما كان عليه في عام 2015، لذا فإن التهديد الحقيقي باستخدام القوة هو وحده الذي سيمنع النظام الإيراني من تجاوز عتبة الأسلحة النووية.
قبل عقد من الزمن، كان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك يزور واشنطن بانتظام ويعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين في إدارة أوباما. وشكل برنامج إيران النووي المحور الرئيسي لتلك الاجتماعات، وأتذكر تحذيره المتكرر: «تقولون إن هناك وقتاً للتعامل مع هذه المسألة، ولكنني أخشى أن يستمر ذلك يتردد على مسامعنا حتى يُقال لنا: “لقد فات الأوان ولم يعد بوسعنا أن نفعل شيئاً وعلينا التعايش مع الأمر”». كنت أحد أولئك المسؤولين في الحكومة الأمريكية الذين حاولوا طمأنته بأننا لن نسمح بحدوث ذلك. ولكن مع قَوْل رافائيل غروسي، المدير العام لـ “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” حالياً، إن البرنامج النووي الإيراني “يتقدّم بسرعة”، فإنني أخشى أن تصبح توقعات باراك حقيقة واقعة.
تملك إيران حالياً قنبلتين من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، أي ما يقارب المستوى المطلوب للأسلحة [النووية]، وتواصل تركيب وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة يمكنها تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر بكثير من الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي من نوع “IR-1”. فقد تقدم خط الأساس للبرنامج النووي الإيراني بشكل كبير بحيث تجاوز المرحلة التي كان يمكن أن يكون فيها لو التزمت طهران بحدود الاتفاق النووي الإيراني، المعروف أيضاً بـ «خطة العمل الشاملة المشتركة». ومن هذا المنطلق، وفّر قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» مبرراً لإيران للمضي قدماً، ومن هذا المنظور من الواضح أن حملة “الضغط الأقصى” التي شهدتها سنوات ترامب باءت بالفشل.
وترك النهج الفاشل لترامب المتعلق ببرنامج إيران النووي إرثاً ثقيلاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن. لكن السياسة التي انتهجها بايدن حتىالآن لم تنجح أيضاً. فعلى مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، تطور البرنامج النووي الإيراني بوتيرة متسارعة، حيث يشمل كميات كبيرة من المواد المخصَّبة المخزَّنة ومادتين (اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة وإنتاج معدن اليورانيوم) اللتين “ليس لهما أي غرض مدني مبرَّر”، على حد تعبير غروسي أيضاً. ويعني هذا الواقع أنه حتى لو تم إعادة صياغة «خطة العمل الشاملة المشتركة»، ستصل إيران بعد عام 2030 إلى مستوى يسمح لها بالانتقال بسرعة إلى حيازة قنبلة [نووية] ما لم يدرك القادة الإيرانيون أن تكلفة هذه الخطوة باهظة للغاية.
أنا أتفهم رغبة إدارة بايدن في العودة إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة». فمن شأنها أن توقف تقدم البرنامج النووي الإيراني، وتفرض على طهران شحن اليورانيوم المخصب الفائض الذي خزنته إلى الخارج (19 مرة فوق حدود «خطة العمل الشاملة المشتركة»)، وتُبقي على كمية لا تكفي لصنع قنبلة واحدة من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67% فقط، وتنهي إنتاج معدن اليورانيوم، وتوقف عمل أجهزة الطرد المركزي المتطورة الخاصة بإيران.
لكن إيران طورت اليوم دراية نووية وأصبحت بالتالي دولة على حافة العتبة [النووية]. ولن يكون لإيران فترة تجاوز للعتبة النووية عندما تُرفع القيود النوعية والكمية التي تفرضها «خطة العمل الشاملة المشتركة» على برنامجها النووي في نهاية عام 2030. إن إعادة إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة» تسمح في الأساس بكسب الوقت حتى ذلك الحين. ومن شأنها تأجيل التهديد النووي الإيراني وليس إنهائه، ونتيجة لذلك، سيعتمد الكثير من مسار الأمور على كيفية استغلال الولايات المتحدة وغيرها للوقت الذي كسبته.
وعلى الاقل، من الضروري أن تستغل واشنطن الوقت لاتخاذ خطوات من شأنها أن تزيد بشكل موثوق من التكاليف التي ستتكبدها إيران إذا اختارت التوجه نحو امتلاك سلاح نووي بعد عام 2030 وتزيد من التهديدات في المنطقة. ولن تكون هذه المهمة سهلة بما أن إيران ستستغل ذلك الوقت أيضاً، وربما مئات المليارات من الدولارات التي يمكن أن تكسبها خلال الفترة المتبقية لـ «خطة العمل الشاملة المشتركة»، لتقوية وكلائها الإقليميين، وتطوير ترسانتها من الصواريخ الباليستية بشكل أكبر، وتعزيز بنيتها التحتية النووية لجعلها أقل عرضة للهجمات.
وفي هذه المرحلة، يبدو أن المواقف الإيرانية الأخيرة قد قلصت آمال وسطاء “الاتحاد الأوروبي” في التوصل إلى اتفاق لإعادة إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة» في المستقبل القريب. فقد صرح مفوض السياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي”، جوزيب بوريل، في 5 أيلول/سبتمبر، قائلاً “يؤسفني أن أقول إنني أقل ثقة اليوم مما كنتُ عليه قبل 28 ساعة… بشأن إمكانية إبرام الاتفاق الآن”.
وهناك أمر واحد مؤكد: أن القادة الإيرانيين لم يتعاملوا مع “الاقتراح النهائي” الذي قدمه “الاتحاد الأوروبي” للإيرانيين والأمريكيين على أنه نهائي، بل على أنه قابل للتفاوض، ووافقوا عليه ولكن بشروط متعددة. ويقوم الشرط الأول على إلغاء العقوبات المفروضة على الشركات الإيرانية التي تتعامل مع «الحرس الثوري الإسلامي». بينما يتمثل الشرط الثاني بالحق في استئناف جميع جوانب برنامج إيران النووي إذا انسحبت الحكومة الأمريكية من «خطة العمل الشاملة المشتركة» مجدداً، مما يعني أن التخصيب بنسبة 60% وإنتاج معدن اليورانيوم، اللذين ليس لديهما غرض مدني مبرر، سيحظيان بقبول قانوني. وأخيراً، يمكن أن تبدأ عملية إعادة الامتثال لقيود «خطة العمل الشاملة المشتركة»، إلا أنها لن تكتمل ما لم تُنهِ “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” تحقيقاتها التي تطال ثلاثة مواقع إيرانية غير معلنة وجدت فيها آثاراً لليورانيوم. (أشارت تلك الآثار إلى عمل محظور وبرنامج سري.)
ويبدو أن الأوروبيين مستعدون للموافقة على استئناف «خطة العمل الشاملة المشتركة» حتى مع بقاء مسألة “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” دون حل. وبصرف النظر عن السماح لإيران بالوصول إلى بعض الحسابات المصرفية المجمدة في اليوم الأول من عملية التنفيذ، سيعني ذلك أيضاً وضع الكرة في ملعب “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، علماً أنه سيكون هناك تردد حقيقي على الأرجح في التصرف بطريقة تؤدي إلىعرقلة الاتفاق الآيل إلى تنفيذ الصفقة.
وإذا حدث ذلك وتمكنت إيران مجدداً من الإفلات من أي مساءلة عن عمل محظور، فقد يكون من الصعب للغاية ضمان عدم امتلاك إيران لبرنامج نووي سري. ولا يقتصر الأمر على عدم معرفة العالم الخارجي بصورة جماعية بما تفعله إيران في هذه المواقع الثلاثة غير المعلنة، ولكن يمكن أيضاً أن تكون إيران قد نقلت المواد المخصبة إلى مواقع سرية من دون علم “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، بما أنه تعذّر على هذه “الوكالة” الوصول إلى كاميرات المراقبة الخاصة بها في المواقع المعلن عنها منذ شهور.
وبطبيعة الحال، قد ترفض الولايات المتحدة شروط إيران، وقد لا يتم بالتالي التوصل إلى اتفاق. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فما هي الخطوات التي ستكون إدارة بايدن على استعداد لاتخاذها لوقف تقدم برنامج إيران النووي؟ وفقاً للنهج الحالي، ستعمد واشنطن إلى زيادة الضغط الاقتصادي على إيران من خلال تطبيق العقوبات بصرامة أكبر، مما يجعل من الصعب، مثلاً، على إيران بيع نفطها، عبر تضييق الخناق على الدول التي تنتهك العقوبات بشرائها النفط الإيراني. ولكن من غير الواضح إلى أي مدى سيكون الصينيون على استعداد للتعاون، لا سيما اليوم، وقد لا يكون البيت الأبيض حريصاً على إبقاء النفط بعيداً عن السوق نظراً لسعره. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون الثمن الاقتصاديوحده كافياً لإقناع القادة الإيرانيين بالتخلي عما يريدونه على ما يبدو، وهو إما امتلاك إيران القدرة [على صنع] أسلحة نووية أو مجرد خطوة بسيطة بعيداً عن امتلاكها هذه القدرة.
وخلاصة القول هي أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستقترب إيران من امتلاك قنبلة [نووية] عاجلاً وليس آجلاً. وإذا أعيد إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة»، ستمتلكها آجلاً وليس عاجلاً، إلا إذا عملت إدارة بايدن وخليفاتها على إقناع المسؤولين الإيرانيين بالمخاطر التي يواجهونها، بما في ذلك من خلال إبلاغهم بوضوح تام أن واشنطن ستستخدم القوة لمنع هذه الخطوة.
وللأسف، هناك أساساً أصوات في أوساط السياسة الخارجية تعتبر، كما توقع باراك، أنه لا يمكن منع إيران من تطوير سلاح نووي وأنه يجب على العالم أن يتعلم ببساطة التعايش مع الأمر. وفي اجتماع آب/أغسطس الذي عقدته “مجموعة آسبن الاستراتيجية”، التي تضم كبار المتخصصين في السياسة الخارجية من الحزبين الأمريكيين، أخبرني أحد أعضاء المجموعة أن عدداً مذهلاً من المشاركين كانوا يطرحون هذه الفكرة.
وعلى الرغم من أن مقدمي هذا الطرح مستعدون للتعايش مع قدرة إيران على امتلاك قنبلة نووية، إلا أنهم يخفقون في توقع الكيفية التي سيرد فيها الآخرين في المنطقة [على هذا الطرح]، حتى في الوقت الذي يستخلصون فيه دروساً خاطئة من الحرب الباردة بشأن آفاق الاستقرار في شرق أوسط يمتلك أسلحة نووية. على سبيل المثال، إذا رأت إسرائيل – التي تؤمن بأن إيران المسلحة نووياً تشكل تهديداً وجودياً للدولة اليهودية – أن الولايات المتحدة والآخرين مستعدون للتعايش مع إيران المسلحة نووياً، فسيزيد ذلك إلى حد كبير من احتمال قيام إسرائيل بشن ضربات عسكرية كبيرة على البنية التحتية النووية الإيرانية. وبالمثل، أعلن ولي العهد السعودي أنه إذا امتلكت إيران القدرة [على صنع] أسلحة نووية، فستحذو المملكة حذوها أيضاً. هل ستتخلف مصر وتركيا كثيراً عن الركب؟
يبدو أن أولئك الذين يشعرون بالطمأنينة من تجربة الحرب الباردة وتوازن الرعب الذي كان قائماً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي يعتقدون أن المنطق ذاته أو المبادئ ذاتها ستنطبق في الشرق الأوسط أيضاً. ولكنهم يتغاضون على الأقل عن عاملين: أولاً، كانت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تتمتع بقدرات توجيه ضربة ثانية، مما يعني أنه لا يمكن منعهما من الرد بواسطة قوتهما النووية حتى ولو تعرضا للقصف أولاً. أما في الشرق الأوسط، باستثناء إسرائيل – التي يقال إن لديها القدرة على إطلاق صواريخ مسلحة نووياً من الغواصات – فسوف يستغرق الأمر سنوات لتطوير قدرات توجيه ضربة ثانية، مما يجعل القوة النووية لدول الشرق الأوسط عرضة بشدة لضربة استباقية.
وفي أي أزمة، تكون جميع الجهات الفاعلة في حالة تأهب، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام شن ضربة نووية واندلاع حرب. ثانياً، حتى في ظل ما يسمى بواقع التدمير المؤكد المتبادل، كان العالم على وشك أن يشهد كارثة نووية خلال الحرب الباردة. فبالإضافة إلى أزمة الصواريخ الكوبية، التي قادت البشرية إلى شفير حرب نووية بدرجة فاقت توقعات الجميع آنذاك، بات من المعروف أيضاً أن السوفيت أخطأوا في قراءة مناورة واسعة النطاق لحلف شمال الأطلسي عام 1983، اعتقاداً منهم أنها مقدمة لشن هجوم، وكانوا يستعدون لتوجيه ضربة نووية، إلا أن القدر حال دون حدوث تبادل نووي.
وليس من الضروري حتى النظر إلى الماضي. لنأخذ على سبيل المثال التهديدات الحالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقد رفع حالة التأهبلقواته النووية، مما أثار مخاوف من أن يؤدي دعم أوكرانيا بقوة إلى استخدام روسيا للأسلحة النووية. يجب أن يُظهر ذلك للعالم أن استخدام الأسلحة النووية لم يعد مستبعداً. وإذا طوّرت إيران سلاحاً نووياً، فستكون الاحتمالات كبيرة في أن يؤدي ذلك إلى تسلح الشرق الأوسط نووياً، وبالتالي يزداد خطر اندلاع حرب نووية في منطقة تمزقها الصراعات.
وبطبيعة الحال، ستترتب نتيجة أخرى عن السلاح النووي الإيراني، حيث سيزداد عدد الجهات التي تشعر أنه يجب عليها امتلاك قنبلة نووية أيضاً ومن المرجح جداً أن تتسع رقعة هذه الجهات فيما يتخطى الشرق الأوسط، مما ينذر بنهاية “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”، التي تُعد من أنجح معاهدات الحد من التسلح في التاريخ، حيث أبقت عدد الدول المسلحة نووياً أقل بكثير مما توقعه واضعوها أساساً.
إن بايدن محق بقوله إن الولايات المتحدة ستمنع إيران من حيازة سلاح نووي. ولكن من المؤسف أن المسار الذي ينتهجه قد يجعل موقفه هذا ذو طبيعة خطابية أكثر من كونها حقيقية. صحيح أن هذه الخطوة قد تأخرت ولكن لم يفت الأوان بعد لمنع إيران من تحويل قدرة “عتبتها النووية” إلى سلاح. لكن الأمر يستوجب أولاً أن يؤمن القادة الإيرانيون أنهم يخاطرون فعلياً ببنيتهم التحتية النووية بالكامل إذا استمروا في السعي إلى صنع قنبلة نووية. فهم لا يعتقدون اليوم أن واشنطن ستستخدم القوة ضدهم. ولكن لا يزال بإمكان المسؤولين الأمريكيين تغيير هذا التصور من خلال اتخاذ عدد من الخطوات.
أولاً، من الضروري أن تغيّر واشنطن موقفها العام. عليها أن تؤكد أنه في الوقت الذي يفضل فيه بايدن بشدة التوصل إلى نتيجة دبلوماسية، يتصرّف المسؤولون الإيرانيون كما لو كانوا يريدون سلاحاً نووياً ويستخدمون المحادثات كغطاء للسعي وراء هذا الهدف. يجب على هؤلاء المسؤولين أن يفهموا أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات في مرحلة معينة وتقضي على البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، وهي بنية استثمر الإيرانيون فيها بتكلفة كبيرة على مدى عقود.
على وزير الخارجية الأمريكي إلقاء خطاب بشأن إيران يشرح فيه سياسة الولايات المتحدة، والتي تشمل سعيها إلى التوصل إلى حل دبلوماسي من شأنه أن يتيح لإيران امتلاك طاقة نووية مدنية ولكن ليس أسلحة نووية. كما عليه أن يوضح سبب ضرورة عدم امتلاك إيران أسلحة نووية.
وبالإضافة إلى تهديد مستقبل “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية” وزيادة خطر نشوب حرب نووية في الشرق الأوسط بشكل كبير، على وزير الخارجية الأمريكي أن يوضح أن إيران دولة لا تلتزم بأي قواعد أو حدود، إذ تواصل محاولة اغتيال مسؤولين أمريكيين سابقين ومنشقين إيرانيين في الولايات المتحدة ودول أخرى، وتوفر الأسلحة والتمويلوالتدريب لجماعات إرهابية مثل الحوثيين و «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وتستخدم القوات بالوكالة (الميليشيات الشيعية) لتقويض سلطات [بعض] الدول (في لبنان والعراق)، وتهدد جيرانها والممرات المائية الدولية، وتدعو بصراحة إلى القضاء على إسرائيل، دولة عضو في الأمم المتحدة.
وللتأكيد على تصريحات وزير الخارجية الأمريكية، على بايدن استخدام خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر لإعادة التأكيد على أن واشنطن تفضل التوصل إلى نتيجة دبلوماسية، بينما يشير نهج إيران إلى رغبتها في حيازة أسلحة نووية، وليس طاقة نووية مدنية، ونتيجة لذلك تجازف ببنيتها التحتية النووية بالكامل. وسوف يشير هذا الموقف العام أيضاً إلى أن واشنطن تعمل على تهيئة البيئة دولياً للقيام بعمل عسكري أمريكي محتمل. وحتى قبل إعلانها عن ذلك، على الولايات المتحدة إبلاغ حلفائها وعليها استخدام القنوات الخاصة لإيصال هذه الرسالة إلى المسؤولين الإيرانيين.
ثانياً، يجدر بالقوات الأمريكية إجراء تدريبات مع “القيادة المركزية الأمريكية” على عمليات جو-أرض ضد أهداف محصنة، والتي يجب أن تتضمن بالضرورة ضرب الدفاعات الجوية التي تحميها. وتولي إيراناهتماماً بالتمارين الأمريكية، وستفهم نوع الهجمات التي تعدها وتحاكيها وزارة الدفاع الأمريكية.
ثالثاً، من الضروري أن تستمر واشنطن في تحديث دفاعات شركائها الإقليميين ضد هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار. والهدف من ذلك هو طمأنة شركائها الإقليميين والإظهار لطهران أن بإمكان الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها أن تخفف من حدة ردودها أو تهديداتها العسكرية. (يتم عمل الكثير في “القيادة المركزية الأمريكية” بشأن الإنذار المبكر الجماعي للهجمات، ومن الضروري أن يستمر ذلك ويتوسع في مجموعات فرعية داخل المنطقة لفعل المزيد لتعزيز الدفاعات النشطة والمتكاملة. ودائماً ما سيكون الكل أكبر من مجموع الأجزاء المنفردة.)
رابعاً، على البنتاغون تسريع تسليم ناقلات التزود بالوقود من طراز “KC-46” إلى إسرائيل. فقدرة إسرائيل على ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل فعال تتطلب وقتاً أطول للتريث لضمان قدرتها أيضاً على القضاء على أهداف محصنة. وهي تحتاج إلى هذه الطائرات لتتمكن من تنفيذ نوع الضربات الضرورية. وحالياً، من غير المرجح أن يحصل عليها الإسرائيليون، الذين من المقرر أن يشتروا أربع ناقلات من طراز “KC-46“، قبل عام 2025. وإذا كان الهدف هو إقناع القادة الإيرانيين بأن الخيار العسكري واقعي وأنهم يلعبون بالنار إذا استمروا في التقدم نحو حيازة سلاح نووي، على إسرائيل الحصول على هذه الناقلات قبل الموعد المتوقع بكثير. وبالفعل، فإن إمدادها على وجه السرعة سيُظهر لإيران أن بايدن مستعد لدعم أي عمل إسرائيلي ولن يقوم بتقييده.
وطالما تشك إيران في استخدام الولايات المتحدة القوة ضدها أو ضد بنيتها التحتية النووية، فليس هناك احتمال كبير في التوصل إلى نتيجة دبلوماسية تؤثر فعلياً على مسار برنامجها النووي في نهاية المطاف. وبدلاً من ذلك، ستقترب إيران عاجلاً أم آجلاً من القدرة على التسلح، وعندئذ، إما سيقوم الإسرائيليون بعمل عسكري تكون نتائجه غير مؤكدة أو ستتحقق نبوءة باراك.
وإذا حصلت إيران على سلاح نووي، سيحذو السعوديون وغيرهم في المنطقة حذوها، وستنهار “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية”. وهناك العديد من الأشخاص الجادين الذين بدأوا بالفعل في الدعوة بأخذ النتيجة التي كان يخشاها باراك على محمل الجد، وأن تكون بمثابة جرس إنذار. لقد حان الوقت لتغيير هذا الواقع.
دينس روس
معهد واشنطن