لا جلسة للبرلمان العراقي إلا بعد حسم التوافق مع الصدريين

لا جلسة للبرلمان العراقي إلا بعد حسم التوافق مع الصدريين

ما زالت جلسات البرلمان العراقي معطلة منذ ما يقارب شهرين، بسبب الخلافات على تشكيل الحكومة الجديدة بين “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف “الإطار التنسيقي”، الذي يجمع القوى الموالية لإيران، من دون أن تظهر أي بوادر على توافق سياسي بين الطرفين.

وكان رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، قد أعلن في 30 يوليو/تموز الماضي، تعليق عمل البرلمان حتى إشعار آخر، بعد اقتحام أنصار الصدر المنطقة الخضراء المحصّنة وسط بغداد، وسيطرتهم على المبنى.

ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى “الإطار التنسيقي” ضد “التيار الصدري”.

وقال مقرر البرلمان العراقي، غريب عسكر، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إنه “حتى هذه الساعة لم تحدد رئاسة مجلس النواب أي موعد لعودة عقد جلسات المجلس بشكل طبيعي، من أجل إعادة العمل التشريعي والرقابي بعد توقف منذ ما يقارب شهرين”.

وبيّن عسكر أن “رئاسة البرلمان تريد حصول توافق ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي على عودة عقد جلسات البرلمان، حتى لا تكون هناك أي معرقلات لمنع انعقاد الجلسات من جديد من خلال الاحتجاجات الشعبية وغيرها، ولهذا فإن عودة الجلسات متوقفة على التفاهم مع الصدريين”.

وأضاف مقرر البرلمان العراقي: “حتى الآن، التيار الصدري رافض لأي حوار وتفاوض مع الإطار التنسيقي وباقي الأطراف السياسية، وهذا ما سيعرقل العودة القريبة لجلسات مجلس النواب، والكل الآن بانتظار حصول تفاهم مع الصدريين لعودة جلسات البرلمان والمضي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة”.

تقارير عربية
“الإطار التنسيقي” يبدي استعداده لتغيير مرشحه لرئاسة الحكومة العراقية
من جهته، قال القيادي في “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، مهدي عبد الكريم، خلال حديث مع “العربي الجديد”، إن “عودة جلسات مجلس النواب تتطلب اتفاقا سياسيا، وحتى الآن لا اتفاق على ذلك، بسبب عدم موافقة التيار الصدري على أي حوار وتفاهم، خصوصاً مع قوى الإطار التنسيقي”.

وبيّن عبد الكريم أن “عودة جلسات مجلس النواب من دون الاتفاق مع التيار الصدري، يمكن أن يدفع أنصار التيار إلى الاحتجاج من جديد، وربما تصل الأمور إلى الدخول إلى مبنى المجلس مجدداً، ولهذا غالبية الكتل والأحزاب تريد التفاهم مع الصدريين قبل الذهاب نحو إعادة جلسات البرلمان”.

وأضاف أنه “حتى الساعة لا توجد أي بوادر حقيقية على حل الأزمة السياسية في العراق، خصوصاً أن أي حوار وتفاوض دون التيار الصدري لن يأتي بأي حلول، والتيار مازال مصراً على موقفه برفض أي حوار والإصرار على حل البرلمان والذهاب نحو الانتخابات البرلمانية المبكرة”.

أما النائب المستقل هادي السلامي فقال، خلال اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إنه “حتى الساعة لا بوادر لعقد أي جلسة لمجلس النواب خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً أن عودة جلسات المجلس مقرونة بحل الأزمة السياسية الحالية والاتفاق بين الأطراف السياسية المتصارعة على تشكيل الحكومة الجديدة”.

وبيّن السلامي أن “رئاسة مجلس النواب تنتظر حصول تفاهم واتفاق ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي حتى تعلن إعادة عقد جلسات البرلمان، رغم تعطيلها لفترة طويلة جداً، وهذا أثر على عمل المؤسسة من الناحية التشريعية والرقابية”.

وأضاف النائب المستقل أن “اللجان البرلمانية عادت تمارس عملها من أجل إحياء العمل الرقابي على مؤسسات الدولة، فلا يمكن ترك حكومة تصريف الأعمال اليومية بلا رقابة برلمانية، ولهذا اللجان تمارس عملها بشكل طبيعي، لمنع أي شبهات فساد وقضايا مخالفة للقوانين”.

تقارير عربية
العراق: “الإطار التنسيقي” يعاود محاولات استمالة النواب المستقلين
في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “عودة عقد جلسات مجلس النواب العراقي من دون وجود اتفاق مسبق على ذلك مع التيار الصدري أمر صعب جداً، وأي جلسة من دون الاتفاق مع الصدريين سوف تدفع إلى التصعيد الشعبي من جديد من قبل أنصار الصدر لمنع أي جلسة تعقد”.

وبين الشريفي أن “عودة عقد جلسات مجلس النواب العراقي متوقفة حالياً على حصول الاتفاق ما بين التيار الصدري وباقي القوى السياسية الأخرى على المرحلة المقبلة، خصوصاً الملفات التي تتعلق بحل البرلمان وموعد الانتخابات المبكرة وشكيل الحكومة الجديدة ومن يرأسها”.

وأضاف المحلل السياسي “وفق كل المعطيات والمعلومات فإنه لا جلسة قريبة للبرلمان العراقي، بسبب عدم وجود أي تقدم في حصول تفاهمات ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، كما أن كل المعطيات تؤكد أن لا حلول قريبة للأزمة السياسية وهي سوف تطول كثيراً، بسبب عدم تقديم أي تنازل من قبل الأطراف السياسية من أجل المصلحة العليا للبلاد”.

ومع استمرار الخلافات وعدم ظهور بوادر الحل هناك مخاوف سياسية وشعبية من تكرار الصدام المسلّح ما بين أنصار “التيار الصدري” والفصائل المسلّحة الموالية والمدعومة من إيران، مع عزم “الإطار التنسيقي” على المضي في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وإصرار مقتدى الصدر على رفض أي حكومة يشكلها التحالف القريب من إيران وفق المحاصصة والتوافق، مع ترقب نزول جديد لأنصار الصدر إلى الشارع لمنع البرلمان من عقد أي جلسة يراد منها تشكيل الحكومة.

تقارير عربية
مليشيات الظل في العراق… انتهاكات وابتزاز تحت غطاء سياسي
وتتلخص محاور الأزمة العراقية حالياً في إصرار قوى “الإطار التنسيقي” على استئناف جلسات البرلمان ومعاودة عمله بشكل كامل. كما تتمسك بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلاً عن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي.

في المقابل، يرفض “التيار الصدري” ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر. كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة.

كذلك يرفع مطلباً آخر هو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية التي تولت فعلياً منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة، وعددهم 11 عضواً، بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية، إلى جانب ذلك يرفض “التيار الصدري” تعديل قانون الانتخابات.

العربي الجديد