إذا كنت في إسبانيا وسألك أحدهم: هل أكلت اليوم؟ هل أنت متأكد من أنك ستأكل؟ فإن إجابتك ستكون من المحتمل أنك أكلت أو ستأكل، باعتبارك واحدا من بين 900 ألف نسمة يواجهون نوعا من الجوع أو سوء التغذية في هذا البلد الأوروبي. أما إذا كنت واحداً من بين 550 مليون أفريقي يعانون من الجوع المعتدل، وهم يشكلون 40 في المئة من إجمالي سكان القارة، فإن إجابتك ستكون مختلفة.
مدريد – البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل تواجه مصيراً مرعباً حيال الجوع في هذه الأيام، حيث يؤثر في آسيا على ما يقرب من 10 في المئة أو حوالي 500 مليون من مجموع سكانها البالغ عددهم 5 مليارات نسمة، أي 60 في المئة من سكان العالم بأسره.
أما في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي فيرى باهر كمال في “أنتر برس” أن نسبة الذين يعانون من الجوع المعتدل إلى الشديد وانعدام الأمن الغذائي تبلغ 9 في المئة من إجمالي سكان المنطقة البالغ عددهم 550 مليون نسمة، وهذه النسبة تصل بالكاد إلى 2.5 في المئة من سكان أميركا الشمالية وأوروبا، وتشير التقديرات إلى أن ما يعادل 8.9 في المئة و10.5 في المئة من إجمالي سكان العالم واجهوا الجوع في عام 2021.
الحقيقة هي أن مليار إنسان في هذه اللحظة يواجهون أزمة ندرة الغذاء، هذا إن وجدوا أي طعام على الإطلاق، بغض النظر عما إذا كانت وسائل الإعلام الرئيسية تتظاهر الآن بأن مصيرهم ناتج عن حرب واحدة فقط أم هو بسبب الممارسة المعتادة للمضاربة والجشع التي ترفع أسعار المواد الغذائية.
ربما لا يدرك الملايين من الجياع أن العالم ينتج ما يكفي من الغذاء لتغطية جميع احتياجات سكان كوكب الأرض. ولا يدركون حقيقة إهدار أكثر من ثلث إجمالي إنتاج الغذاء وإلقائه في صناديق القمامة وفقدانه في مرافق التخزين غير الملائمة.
ويحذر المجتمع العلمي الدولي كل يوم من أن تغير المناخ والجفاف الشديد والفيضانات الكارثية وعوامل أخرى تزيد من النقص الحاد في الأموال لإنقاذ الأرواح بينما تندلع النزاعات المسلحة ويتم الإنفاق على أسلحة الدمار الشامل بشكل غير مسبوق إذ بلغ أكثر من 2 تريليون دولار خلال العام الماضي وحده.
يُعرَّف الأمن الغذائي بأنه الوصول الكافي إلى الغذاء من حيث النوعية والكمية، بينما يواجه الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل حالة من عدم التيقّن من إمكانية الحصول على الغذاء ويضحّون بجودة الأغذية وكمية ما يتناولونه ليتدبروا أمورهم، وعادة ما ينفد الطعام بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وفي أسوأ الأحوال يمضون يوما أو أياما دون تناول الطعام.
فجوة جوع بين الجنسين خلال عام 2021
31.9 في المئة من النساء في العالم عانين من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل أو شديد
27.6 في المئة من الرجال عانوا من الظاهرة ذاتها
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن “العالم يسير في الاتجاه الخاطئ”، وقد أصدرت للتو الأرقام المذكورة أعلاه في تقريرها لسنة 2022 الذي حمل عنوان “حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم”.
وتشير التقديرات الجديدة لسنة 2021 إلى أن انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد ظل دون تغيير نسبيا مقارنة بسنة 2020، وفقا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة التي حددت أن انعدام الأمن الغذائي الحاد قد ازداد، مما يوفر المزيد من الأدلة على تدهور وضع أولئك الذين يواجهون بالفعل صعوبات خطيرة.
وتذكر أن ما يقدر بنحو 29.3 في المئة من سكان العالم كانوا يعانون بشكل معتدل أو شديد من انعدام الأمن الغذائي في 2021. وواجه 11.7 في المئة من هؤلاء السكان انعدام أمن غذائي حادا. بعبارة أخرى تضاعف الجوع الشديد في 10 من أسوأ المناطق المناخية في العالم على مدى السنوات الست الماضية.
ووفقا لتقرير صادر عن منظمة أوكسفام في 16 سبتمبر 2022، عانت عشر من أسوأ المناطق المناخية في العالم ارتفاعا في الجوع الحاد بنسبة 123 في المئة خلال السنوات الست الماضية.
من جانب آخر توجد فجوة متزايدة بين الجنسين في مجال انعدام الأمن الغذائي؛ ففي عام 2021 عانت 31.9 في المئة من النساء في العالم من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل أو شديد مقارنة بـ27.6 في المئة من الرجال. وهي فجوة تزيد عن 4 نقاط مئوية، مقارنة بـ3 نقاط مئوية في 2020، وفقا للتقرير نفسه.
وكشفت أحدث التقديرات أن 14.6 في المئة من الأطفال حديثي الولادة ولدوا بوزن منخفض في سنة 2015، وهو انخفاض طفيف من 17.5 في المئة سنة 2000.
وفيما تعتبر الرضاعة الطبيعية المثلى، بما في ذلك الرضاعة الطبيعية الحصرية للأشهر الستة الأولى من الحياة، بالغة الأهمية لبقاء الطفل على قيد الحياة وتعزيز الصحة والنمو المعرفي، تدقّ المنظمات المتخصصة في مجال الصحة والأطفال جرس الإنذار مرة أخرى على المستوى العالمي بشأن ما تصنفه على أنه حيل تسويقية “مروعة ومخادعة واستغلالية وعدوانية ومضللة ومنتشرة” تستخدمها شركات ألبان الأطفال بهدف وحيد هو زيادة أرباحها المرتفعة بالفعل.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى أن معدل انتشار الرضاعة الطبيعية على مستوى العالم قد ارتفع من 37.1 في المئة عام 2012 إلى 43.8 في المئة عام 2020. ومع ذلك لم يتمتع أكثر من نصف الأطفال دون سن ستة أشهر على مستوى العالم بالرضاعة الطبيعية الحصرية، بحسب التقرير الذي أضاف “يقوض التَّقزُّم غير المتناسب بالنسبة إلى عمر المرء النمو البدني والمعرفي للأطفال ويزيد من خطر وفاتهم من العدوى الشائعة ويعرضهم لزيادة الوزن والأمراض غير المعدية في وقت لاحق من الحياة”.
العرب