بغداد – وصفت مصادر عراقية رفض التيار الصدري المشاركة في الحكومة الجديدة بالتسليم بوضعية الهامش والقبول بوجوده خارج اللعبة السياسية في العراق، فيما شرع رئيس الحكومة العراقية المكلف محمد شياع السوداني السبت في إجراء مشاورات مع كتل البرلمان العراقي بشأن برنامج الحكومة المقبلة والتشكيلة الوزارية.
وقالت أوساط سياسية إن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق والشخصية النافذة في الإطار التنسيقي الموالي لإيران، نجح في التفوق على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حين تمكن بعد مناورات من إعادة البرلمان لعقد جلساته وانتخاب رئيس عراقي جديد وتكليف رئيس الحكومة الذي رشحه الإطار مسبقا، وإعادة التحكم في العملية السياسية برمتها، فيما وجد الصدر نفسه خارج اللعبة تماما بسبب فشله في فرض لاءاته على المشهد السياسي.
محمد صالح العراقي: لن نشارك في حكومة ائتلافية تبعية وميليشياوية مجرّبة
وأضافت الأوساط أن التوليفة التي نجح المالكي في التوصل إليها تعتبر انتصارا على الصدر بالدرجة الأولى، خاصة أن زعيم ائتلاف دولة القانون استفاد من استقالة النواب الصدريين لبناء تحالفات جديدة، مستعينا بمن كانوا في صف الصدر وحوّلهم لصالحه.
وأعلن التيار الصدري على لسان المقرب من زعيم التيار محمد صالح العراقي السبت عن رفضه المشاركة في الحكومة المقبلة في العراق، وذلك بعد نحو يومين من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة بعد أزمة سياسية طويلة.
وبعد عام من الانتخابات التشريعية المبكرة انتخب البرلمان العراقي الخميس مرشح التسوية عبداللطيف رشيد (78 عاماً) رئيساً للجمهورية، الذي بدوره كلّف محمد شياع السوداني (52 عاماً) بتشكيل حكومة جديدة للبلاد.
ورُشّح السوداني لهذا المنصب من قبل الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
ويسعى الإطار الذي يملك أكبر عدد من النواب في البرلمان لتسريع العملية السياسية بعد عام من الشلل والانقسام. لكن التيار الصدري الذي يملك زعيمه قدرة تعبئة عشرات الآلاف من المناصرين بتغريدة واحدة، أكّد السبت موقفه الرافض لهذا المرشّح والحكومة المقبلة.
وتحدّث صالح في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود “مساعٍ لا تخفى لإرضاء التيار وإسكات صوت الوطن”، في إشارة إلى تصريحات إعلامية وخبراء يتحدثون عن إمكانية اقتراح مناصب وزارية على التيار الصدري.
وقال صالح “في خضم تشكيل حكومة ائتلافية تبعية ميليشياوية مجربة لم ولن تلبّي طموح الشعب (…) بعد أن أُفشلت مساعي تشكيل حكومة أغلبية وطنية (…) نشدد على رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا (…) في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم”.
وأضاف “كل من يشترك في وزاراتها معهم ظلماً وعدواناً وعصياناً لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الإطلاق بل نبرأ منه إلى يوم الدين ويعتبر مطروداً فوراً عنّا (آل الصدر)”.
وشكّل ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان لنحو شهر.
وبلغ التوتر ذروته في التاسع والعشرين من أغسطس حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.
وأعرب السوداني في كلمة له الخميس ليلاً عن استعداده “التامّ للتعاون مع جميعِ القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواء الممثَّلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاء الوطني”.
وكان في صميم الأزمة خلال الأشهر الماضية الخلاف بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.
وأمام المكلّف الجديد 30 يوماً منذ يوم تكليفه لطرح التشكيلة الحكومية الجديدة. ورجحت المصادر أن تضم تشكيلة الحكومة المقبلة ما بين 25 إلى 30 حقيبة وزارية غالبيتها ستكون من حصة قوى الإطار التنسيقي الشيعي صاحب الأغلبية في البرلمان العراقي.
وأوضحت المصادر أن القوى السياسية تدرس تسمية ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة العراقية المكلف سيقدم تشكيلة الحكومة في غضون أسبوعين أو مطلع الشهر المقبل وستحظى بقبول البرلمان العراقي.
ورجحت المصادر أن يتم اقتسام الحقائب الوزارية للوزارات السيادية (الخارجية والنفط والمالية والدفاع والداخلية) حصرا بين القوى الشيعية والكردية والسنية صاحبة الأكثرية في البرلمان.
العرب