نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لمراسلتها نجمة بوزرجمهر، قالت فيه إن إيران تحاول استغلال الفجوة بين روسيا والغرب، حيث عززت موسكو وطهران العلاقات الودية بينهما.
واستخدم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله على خامنئي خطابه الأخير أمام الأكاديميين، حيثتحدث فيه بفخر عن الطائرات بدون طيار الإيرانية التي يقول الغرب إن إيران باعتها لروسيا واستُخدمت لدكّ المدن الأوكرانية.
وعلق المرشد قائلا إن الغرب شكك في قدرة المسيرات الإيرانية في الماضي، و”لكن يقولون الآن: المسيرات الإيرانية خطيرة جدا وتبيعونها لهذا وذاك”.
واتهم الرئيس الأوكراني فولودومير زيلنسكي، روسيا باستخدام طائرات إيرانية الصنع من جيل “شاهد-139” ضد بلاده، قائلا إن موسكو طلبت آلافا جديدة منها. ونفت إيران وروسيا أي صفقات في مجال المسيرات المقاتلة.
وما لا يشك أحد به، هو أن العلاقات الودية بين البلدين زادت منذ الغزو الروسي الشامل ضد أوكرانيا في شباط/ فبراير هذا العام. وكان هذا واضحا في الزيارة الأخيرة لفلاديمير بوتين إلى طهران، حيث أثنى خامنئي على بوتين لاتخاذه المبادرة في الحرب قبل أن يفرض الغرب حربا عليه. ورد بوتين الممتن بالدعوة لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وأشار إلى مشاركة إيران في مناورات عسكرية ثلاثية مع الصين.
ويعول القادة في إيران على الصدع بين روسيا والغرب منذ غزو أوكرانيا، لبناء علاقات استراتيجية مع الكرملين، بشكل يخفف من أثر العقوبات الأمريكية المفروضة عليهم. وحرمت القيود إيران من استخدام النظام الدولي المالي، والقدرة على التجارة، والاستفادة من موارد النفط التي تحتاجها طهران للحفاظ على استقرار الاقتصاد. لذلك فإن علاقات تجارية جيدة واستثمارات مع روسيا يمكن أن تخفف من أثر تلك العقوبات.
كما أن الحصول على المعدات العسكرية الروسية هدف آخر لإيران. ويقول إلهي خولائي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران: “العقلية في إيران هي أنه كلما توسعت الفجوة بين روسيا والغرب، كلما زادت الفرص لإيران”، مشيرا إلى المنافع التي حصلت عليها طهران من الانضمام للاتحاد اليورو-آسيوي ومنظمة شنغهاي للتعاون. وأضاف: “تساعد هذه على تطوير العلاقات التجارية مع بقية الدول، وهي فرصة لا يمكن لإيران تجاهلها”. ومع ذلك، هناك إشارات قليلة من موسكو أنها تتعامل مع إيران كحليف دائم. ويقول المحللون إن العلاقات تعتمد بشكل رئيسي على مسار الحرب في أوكرانيا والمحادثات الجامدة بشأن إحياء الاتفاقية النووية، إلا أن النظام الإيراني ليست لديه أي فرصة سوى الرهان على بوتين.
وتنظر إيران للولايات المتحدة بنوع من الشك، وتعتقد أن هدفها هو الإطاحة بالنظام في طهران. ويقول الساسة الإيرانيون إن الدول الأوربية وإن تتشارك بهذا الهدف مع واشنطن، لكنها تلتزم بشكل كامل بالعقوبات الأمريكية، مما يجعل من تحسين العلاقات التجارية وصفقات بيع النفط أمرا مستحيلا. وبحسب التقييم الأمريكي الأسبوع الماضي، فلم تستخدم القوات الروسية السلاح الإيراني، ولكن طهران أرسلت مستشارين إيرانيين لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
واستلمت روسيا أعدادا من المسيرات الإيرانية، فيما عبّر البيت الأبيض عن مخاوفه من طلب موسكو المزيد منها. ويقول الخبراء إن إيران ترى في تغذية حرب الكرملين بأوكرانيا خطوة لعلاقات أوسع واستبدال أسطولها من المقاتلات العسكرية العجوزة بجيل جديد من مقاتلات سوخوي روسية الصنع. فقد أدت عقود من العقوبات العسكرية على إيران، لمنعها من تحديث أسطولها الجوي، والتركيز على تطوير صواريخ باليستية ومسيرات رخيصة.
وقال محسن جليلفاند، العضو في المجلس العلمي بجامعة أزاد: “أحدث مقاتلات إيران هي ميغ-29 اشترتها من الاتحاد السوفييتي”، مما يعني أن أحسن المقاتلات الإيرانية عمرها يمتد عقودا. وقال: “تأمل إيران الآن في شراء مقاتلات حديثة مثل سوخوي، سو-34”.
وأكد قائد سلاح الجو الإيراني، الجنرال حامد واحدي الشهر الماضي، أن إيران تريد شراء مقاتلات سوخوي من روسيا. ويعرف إبراهيم رئيسي مثل بقية الرؤساء الإيرانيين السابقين أن روسيا ليست حليفا يمكن الوثوق به، ويتذكرون المعاهدات في القرن التاسع عشر التي قادت إلى خسارة إيران، داغستان وأرمينيا وجورجيا وأذربيجان.
وتواجه إيران مشاكل في عقودها مع روسيا لبناء مفاعل بوشهر. ومع ذلك، تعاون البلدان بشكل جيد في سوريا لدعم بقاء الأسد في السلطة، ودعمت روسيا جهود إحياء الملف النووي الذي انسحبت منه أمريكا عام 2018، مع أن المحادثات تواجه عقبات بسبب خلاف أمريكا وإيران على عدد من القضايا، ولم يتفقا على أي مقترح، مثل المقترح الأوروبي وهو الأخير في محاولات التوصل لتسويات.
ومع ذلك، فإيران مهتمة باتفاقية طويلة الأمد مع روسيا مشابهة لتلك التي وقّعتها مع الصين في عام 2021. وهي اتفاقية وسعت التعاون الصيني- الإيراني في مجالات الطاقة والصناعات البتروكيماوية والطاقة النووية والتكنولوجيا العسكرية.
وهناك إشارات عن توسع في التجارة بين روسيا وإيران، حيث قال حسام الدين حلاج، نائب الشؤون الدولية في غرفة تجارة طهران، إن الوفود التجارية الروسية زارت إيران بشكل منتظم.
ووصل حجم التجارة بين البلدين حتى أيلول/ سبتمر المنصرم إلى 1.2 مليار دولار، أي أعلى عن نفس الفترة عن العام الماضي، حسب الأرقام الرسمية. ويرى سعيد ليلاز، المحلل الاقتصادي، أن التجارة بين البلدين محدودة نظرا لعدم حاجة أي منها لشراء السلعة المهمة وهي الهيدروكربون (النفط). وقال: “هل يمكننا بيع النفط والغاز إلى روسيا والعكس؟ لا”. مضيفا أن “أفضل طريقة للتعاون هي في المجال العسكري”.
القدس العربي