العلاقات السعودية الأمريكية إلى أين؟

العلاقات السعودية الأمريكية إلى أين؟

جاء قرار منظمة الدول المصدرة للنفط(أوبك) والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها (أوبك+) في اجتماعها الذي عقد بالعاصمة النمساوية فيينا بتاريخ الخامس من تشرين الاول الحالي بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا ليلقي العديد من التساؤلات عن مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية وقرار المنظمة الذي شكل واقعا ميدانيا واحدث تداعيات سياسية واقتصادية على الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين والدول المستهلكة واستاثر باهتمام صناع القرار في واشنطن و الدوائر السياسية في البيت الابيض حيث يأتي في وقت يتهئ فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه الديمقراطي لخوض الانتخابات النصفية التي يعول عليها كثيرا في دعم إدارته للعامين القادمين وبعد إعلانه الترشيح لولاية أخرى، وأن دخول تنفيذ قرار منظمة أوبك في الاول من شهر تشرين الثاني القادم سيشكل عاملا مهما يتسبب في ارتفاع أسعار البنزين والغاز ويكون بمثابة كارثة سياسية يستغلها أعضاء الحزب الجمهوري ضد إدارة الرئيس بايدن واثبات فشل سياسته الاقتصادية ، ولهذا جاء الرد الأمريكي في بيان مستهجن على لسان جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي وبراين ويس مدير المجلس الاقتصادي بالبيت الابيض واصفا القرار بأنه يشكل خيبة امل كبيرة للرئيس بايدن وانه قصير النظر خصوصا وأن الاقتصاد العالمي يعاني هذه الأثناء من تداعيات المواجهة العسكرية الروسية الأوكرانية.
وتصاعدت حدة الاعتراضات في الكونجرس الأمريكي تدعو لإعادة النظر بالعلاقة مع المملكة العربية السعودية وطرح النائب الديمقراطي (توم مالينوفسكي) مشروع قانون في مجلس النواب يطالب إدارة الرئيس بايدن سحب أنظمة الدفاع ضد الصواريخ مع(3000) جندي هم عديد القوات الأمريكية في السعودية والإمارات وقتل في بيان له (لقد حان الوقت لكي تستأنف الولايات المتحدة دورها كدولة عظمى في علاقتها بزبائنها في الخليج ) .
امام هذه المواقف الأمريكية كان الرد السعودي واضحا في حديث وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان الذي أبدى استغرابه من هذه التطورات قائلا إن الجميع يعلم أن المملكة قد صوتت لصالح أوكرانيا في اجتماعات منظمة الأمم المتحدة منددة بممارسات روسيا ضدها ، كما أعلنت الرياض أن قرار منظمة أوبك بلص تم إقراره بالتوافق الجماعي ولم تنفرد به دولة دون غيرها من الأعضاء وهو إشارة ضمنية لما اتهمت به القيادة السعودية من وقوفها مع روسيا واعتبار توجه المنظمة دعما للرئيس الروسي بوتين وان القرار سياسيا وليس اقتصاديا للحفاظ على أسعار النفط في السوق العالمية وملاحظة أوليات العرض والطلب كما أعلنت الأعضاء في منظمة أوبك .
اهتمت الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية بتطورات الأحداث حول تداعيات انخفاض إنتاج النفط وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن فقد تحدث رئيس البعثة الأمريكية في السعودية سابقا (ديفيد رونديل) و( مايكل فويلز ) المستشار السياسي السابق للقيادة المركزية بأن الهجوم على السعودية ينم عن عدم فهم لمواقفها السياسية والاقتصادية والظروف التي أدت إليها ، وأن من يرى إيقاف التعاون العسكري وبيع الأسلحة للسعودية عليه أن يعلم أن تبادل المعلومات الاستخبارية وبيع الأسلحة لهم ليس مجانيا بل لأن من مصلحتنا القيام بذلك ومن الخطأ معاقبة دولة مستقلة ماليا وواثقة من نفسها واستهدافهالانه سيؤدي إلى نتائج عكسية والكل يعلم أن السعودية ليست دولة متلقية للمساعدات .
عند قراءتنا لطبيعة العلاقة بين واشنطن والرياض بعد هذه الأحداث يمكن لنا أن نقول أن الإدارة الأمريكية سوف لا تذهب بعيدا في اتخاذ أي قرار يؤثر على طبيعة التحالف الاستراتيجي مع الرياض وإنما ستكتفي ببيانات وتصعيد اللهجة الدبلوماسية دون أي قرار لخفض التعاون الدفاعي والأمني وما يهدد مستقبل العلاقات بين الدولتين لأنها تدرك أن الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي يخدم الأمن القومي الأميركي ولبس فقط امن الخليج العربي وان العائدات المالية من توريد الأسلحة المنطقة يعود بالنفع العام للولايات المتحدة وان تأثير خفض الشراكة يعني خروج أمريكا من منطقة الخليج العربي وعلى الإدارة الأمريكية أن لا تجعل الرياض أمام خيار أن تكون معها أو مع الصين وروسيا التي تتابع تطور العلاقة بين واشنطن والرياض وان أي تحالف استراتيجي سيكون بدون معنى اومغزى سياسي اذا لم يكن قائما على ثوابت عديدة أهمها مصلحة الطرفين ولبس طرف وأحد وان السعودية ليست دولة تدير علاقات عامة وتتفق أموال كبيرة وإنما تسعى لتحقيق مصالحها واهدافها الإستراتيجية وحماية أمنها الوطني والقومي والتعامل السليم مع العائدات المالية للطاقة.

وحدة الدراسات الدولية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية