العراقيون يعودون إلى الشارع بمطالب ثابتة ورفض لحكومة المحاصصة

العراقيون يعودون إلى الشارع بمطالب ثابتة ورفض لحكومة المحاصصة

تشهد العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى عصر الثلاثاء، مظاهرات شعبية لإحياء ذكرى انتفاضة الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2019، التي استمرت عدة أشهر وراح ضحيتها عشرات الآلاف بين قتيل وجريح.

وتتزامن هذه المظاهرات مع إخفاق الكتل السياسية منذ أكثر من عام في الاتفاق على تشكيل حكومة عراقية جديدة، حيث يواجه رئيس الحكومة المكلف محمد شياع السوداني صعوبات وضغوطات كبيرة من جميع مؤيديه من الكتل السياسية لاختيار تشكيلته الوزارية المقبلة، قبيل عرضها على البرلمان.

ويتوجه المئات من العراقيين من مناطق بغداد والمحافظات الأخرى نحو ساحة التحرير، رافعين شعارات ضد الفساد، ورافضين تشكيل حكومة السوداني، التي يعتبرونها امتدادا للنفوذ الإيراني بالعراق.

وأعلنت قوى التغيير الديمقراطية، التي تضم كلا من الحزب الشيوعي العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحزب البيت الوطني، والتيار الديمقراطي، وتيار الوعد العراقي، وحراك البيت العراقي، وحركة تشرين الديمقراطية والتيار الاجتماعي الديمقراطي، دعمها للتظاهرات “التشرينية” المزمع خروجها الثلاثاء، داعية تنظيمات الأحزاب والحركات المنضوية ضمنها إلى تنظيم الوقفات مع المحتجين.

وجاء في بيان “نؤكد مساندتنا للتظاهرات السلمية التي ستنطلق في ساحة التحرير وبقية ساحات الاحتجاج في المحافظات”، مؤكدة كذلك “نتابع وإياكم مسار تشكيل الحكومة، وإصرار المعنيين على التمسك بالمحاصصة، وفتح مزاد لبيع وشراء الوزارات بين هذه الجهة وتلك”، معتبرة أن “وصفة الفشل هي المحاصصة التي تشكلت وفقها الحكومات السابقة، ويعاد اعتمادها اليوم، لا يمكن أن تنتج حلولا ومعالجات جذرية وشاملة لأزمات البلد”.

وأشارت إلى أن “مشروع التغيير، الذي يستند إلى الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية، بات ضرورة ملحة وحاجة يشعر بها المواطنون يوما بعد آخر”.

وقبل ثلاث سنوات اندلعت التظاهرات العراقية في الأول من أكتوبر 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.

وتطورت الأحداث بعد أن استخدمت القوات العراقية الأعيرة النارية والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في ساحة التحرير، مما أدى إلى توسع رقعة المظاهرات لتشمل 9 محافظات عراقية شيعية في وسط وجنوبي البلاد، وراح ضحيتها، حسب إحصائيات حكومية، 600 قتيل ونحو 25 ألف مصاب، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.

واستبقت القوات الأمنية العراقية خروج المتظاهرين بقطع عدد من شوارع وجسور العاصمة بغداد، بالحواجز الكونكريتية، لاسيما القريبة من ساحة التحرير والمنطقة الخضراء.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” الثلاثاء عن مصدر أمني قوله “تم قطع جسري السنك والجمهورية، والطرق المؤدية إلى ساحة التحرير والمنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد”.

وأوضح أن “توجيها صدر للقوات المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، بدخول حاملي الباجات فقط، مع إغلاق ساحة النسور باتجاه مجسر القادسية بالكامل، فضلا عن نصب سيطرات عند باقي المجسرات، لخنق حالة السير”.

وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية مساء الاثنين عشرة توجيهات إلى قوات الأمن بشأن التعامل مع المتظاهرين وتأمين الحماية اللازمة لهم.

ووجه السكرتير الشخصي للقائد العام الفريق أول ركن محمد حميد، بحسب كتاب صادر عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بـ”منع استخدام الرصاص الحي (العيارات النارية والعتاد المطاطي) وقنابل الدخان”، مؤكدا أن “أي إجراء خلاف ذلك ستتم محاسبة القادة والآمرين الذين يثبت استخدامهم للذخيرة الحية ضمن قاطع مسؤوليتهم”.

وبحسب الكتاب، فإن هيئات التفتيش في الأجهزة الأمنية والعسكرية “تتولى تفتيش القوات المكلفة بحماية ساحات التظاهر ‎والتأكيد على عدم حملهم أي سلاح ناري أو وسيلة جارحة”، مطالبا الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة بـ”توجيه الضباط والمراتب والمنتسبين بتأمين الحماية لساحات التظاهر”.

ودعا الأجهزة الأمنية إلى “توظيف الموارد البشرية والمعلوماتية والتقنية في إنجاز المهام الموكلة إليهم”، مشيرا إلى أن “الكثافة العددية مهمة في مسك مداخل ومخارج ساحات التظاهر وتقديم الحماية للمتظاهرين، عبر نشر مفارز التفتيش تحسبا لأي سلاح خارج القانون ومصادرته في حالة التقرب من ساحات التظاهر، فضلا عن حماية المقار الحكومية والمباني والبنى التحتية”.

وتسببت تلك الإجراءات في اختناقات مرورية واسعة في أغلب مناطق العاصمة، وقد تعثر وصول الكثير من المواطنين إلى دوائرهم وأماكن عملهم، على الرغم من انتشار رجال المرور الذين يحاولون تنظيم حركة السير.

صحيفة العرب