واشنطن للرياض: شكرا ولكن..

واشنطن للرياض: شكرا ولكن..

أظهرت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشأن تعاون السعودية في ملف أوكرانيا أن واشنطن لا يرضيها سوى أن يكون الموقف السعودي مشابها أو تابعا للموقف الأميركي بدلا من أن تتصرف المملكة وفق مصالحها.

وبدا بلينكن كأنه يقول للسعوديين شكرا على خطواتكم تجاه أوكرانيا، لكن ذلك لا يكفي ولا بد من مراجعة الموقف الخاص بخفض الإنتاج الذي اتخذه تحالف أوبك+ والذي يرى الأميركيون أن للسعودية فيه تأثيرا كبيرا بالرغم من التصريحات التي أدلى بها أعضاء في هذا التحالف تؤكد أن الخطوة اقتصادية وليست سياسية.

وقال وزير الخارجية الأميركي الأربعاء إن تقديم السعودية في الآونة الأخيرة مساعدة إلى أوكرانيا وتصويتها في الأمم المتحدة لصالح إدانة ضم روسيا للأراضي الأوكرانية يمثلان تطوريْن إيجابيّين، لكنهما لا يعوّضان القرار “الخاطئ” الذي اتخذه تحالف أوبك+ والقاضي بخفض إنتاج النفط.

◘ واشنطن تحاول أن تعتمد إستراتيجية تقوم على الضغط من جهة وتشجيع السعودية على اتخاذ المزيد من الخطوات باتجاه دعم موقف واشنطن في خلافها مع روسيا

ويرى مراقبون أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تريد أن تستوعب أن السعودية، ودول الخليج ككل، قد تغيرت وصارت تنظر إلى الولايات المتحدة كشريك مهم من ضمن شركاء آخرين وليس كشريك وحيد تربط به كل قراراتها ومواقفها.

ويشير المراقبون إلى أن واشنطن مازالت تعتقد أن السعودية يمكن أن تتراجع تحت الضغوط والحملات الإعلامية والدبلوماسية وأن التلويح بالقوانين الأميركية مثل جاستا ونوبك سيخيفها تماما مثل ورقة حقوق الإنسان وتحريك التحقيق في قضية مقتل جمال خاشقجي للضغط على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، معتبرين أن هذه أساليب قديمة لم تعد تؤثر في السعوديين.

وإلى حد الآن يتمسك السعوديون بخطاب هادئ في التعامل مع التوتر الحاصل مع إدارة بايدن، ويدعون إلى التفاهم والحوار مع التذكير بأن الرياض لديها مصالحها ومن حقها أن تتصرف وفقها خاصة في موضوع النفط، وهي توضيحات جاءت على ألسنة بعض الوزراء مثل وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ووزير المالية محمد الجدعان، فيما تحاشى الأمير محمد بن سلمان إلى حد الآن الخوض في هذا الجدال بالرغم من الحملة الأميركية التي تستهدفه.

وفي تعليق على تصريحات بلينكن قال وزير المالية السعودي الخميس إن المملكة يجب ألا تُلام على حماية مصالحها ومصالح شعبها، مؤكّدا أن العلاقات بين الرياض والولايات المتحدة إستراتيجية وتمتد على مدى عقود.

ولا شيء يوحي بأن السعوديين يمكن أن يتراجعوا، بل على العكس استمروا في دعم علاقات خارجية متنوعة مع دول مثل الصين وروسيا؛ إذ بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي الخميس مع نظيره الصيني وانغ يي مسألة تعزيز العلاقات بين البلدين، وذلك ضمن اجتماع عبر الاتصال المرئي، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

ونظيره الصيني جانغ جيان هوا، وأعرب الجانبان عن استعدادهما للتعاون بشأن المحافظة على استقرار أسواق النفط العالمية.

وأظهر الرئيس الروسي  فلاديمير بوتين الخميس دعما واضحا لولي العهد السعودي في مواجهة الحملة الأميركية، وقال إن الأمير محمد بن سلمان يستحق الاحترام وإن روسيا عازمة على تعزيز العلاقات مع المملكة.

ويقول مراقبون إن واشنطن تحاول أن تعتمد إستراتيجية تقوم على الضغط من جهة وتشجيع السعودية على اتخاذ المزيد من الخطوات باتجاه دعم موقف واشنطن في خلافها مع روسيا، وهو أمر تفهمه السعودية وتتصرف على ضوئه خاصة أنه من الصعب أن تقْدم الولايات المتحدة على اتخاذ خطوات أو فرض عقوبات من شأنها أن تؤثر بدرجة أولى على مصالحها ومصالح شركاتها في ظل التنافس الدولي على دخول الأسواق الخليجية.

وأكد بلينكن موقف واشنطن المتعلق بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية بطريقة “متأنية للغاية” للتأكد من أن ذلك يخدم المصالح الأميركية بشكل أفضل.

لكنه أضاف أن الولايات المتحدة شهدت “بعض الأمور المثيرة للإعجاب” من جانب السعودية منذ قرار أوبك+.

وأشار تحديدا إلى قرار الرياض تقديم 400 مليون دولار مساعدات إنسانية لأوكرانيا، وتصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لصالح إدانة ضم روسيا لأربع مناطق محتلة جزئيا في أوكرانيا.

وقال بلينكن “هذه تطورات إيجابية. إنها لا تعوض القرار الذي اتخذه تحالف أوبك+… لكننا سنأخذ هذا في الاعتبار”.

صحيفة العرب