قال المعلق ديفيد إغناطيوس بمقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن الاحتجاجات في إيران أدت لتفكك نسيج الاضطهاد في إيران. فقد مضى عليها سبعة أسابيع بعدما بدأت بشعار بسيط “نساء، حياة، حرية”، لكن المطلب الأساسي وأن النساء يجبرن على ارتداء الحجاب تحدى سطوة الرجال في القمة والذين يديرون الجمهورية الدينية في إيران.
فعندما بدأت النساء بخلع الحجاب تكشف معها نسيج الاضطهاد. وشاهدنا هذا الأسبوع كيف حاول وقف الحركة، ففي يوم الإثنين أعلن النظام أنه سيقوم بمحاكمة ألف من المتظاهرين الذين خرجوا بعد وفاة الفتاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما. وكانت رسالة الحكومة: استسلموا وإلا قمنا بالقمع.
وكان رد المتظاهرين بالتحدي وتنظيم المزيد من الاعتصامات. ووضع المتظاهرون أشرطة فيديو على منصات التواصل تصور اعتصاما في جامعة طهران وثلاث مدن إيرانية. ويقول نورمان تي رول، الذي عمل 34 عاما في سي آي إيه “بات من المحتوم حدوث نوع من التغيرات في النظام لو أراد النجاة”. وكان رول مسؤولا عن النشاطات المتعلقة بإيران داخل سي آي إيه في الفترة ما بين 2008- 2017 حيث راقب كيف قمع النظام الاحتجاجات السابقة، مضيفا أن الحملة الحالية “رأى فيها العالم المحتجين وهم يقاومون مجموعة صغيرة من قوات الأمن. ولم تكن محاولات النظام تحييد الاضطرابات ناجحة”.
وقال إغناطيوس إن العلامة عن قلق النظام ما تم نشره من تقارير عن حالة تأهب أمريكية- سعودية من احتمال هجوم إيراني على السعودية والتي تزعم أنها تقدم الدعم للمحتجين، ومن خلال قناة تلفزيونية مقرها في لندن. وجاء في التقرير أن السعودية أبلغت الولايات المتحدة بأنها خائفة من هجوم إيراني لحرف النظر عما يحدث في إيران من اضطرابات. وقال إغناطيوس إن حيدر الخوئي من عائلة عراقية شيعية معروفة أشار إلى زخم حركة الاحتجاج في تغريدة حيث كتب “وصلت الآن لطهران” و”لا يوجد ما يشعر بثورة جارية ومن الواضح أن هناك تغيرات سياسية- اجتماعية ضخمة، إذ تسير النساء بشكل عادي في الشوارع بدون حجاب. ومن المتوقع نزع أنياب الشرطة الاخلاقية، على الأقل مؤقتا وربما اختفت للأبد”.
وبالنسبة للنظام، فهذا الخطاب حول تغيير وضع الحجاب لن يكون سهلا، فالمرشد آية الله علي خامنئي يعتقد أنه عندما يبدأ بتقديم تنازلات كبرى، حتى بخصوص أمر يتعلق بتغطية المرأة لرأسها، فستبدأ سلطة النظام بالتآكل.
الخطاب حول تغيير وضع الحجاب لن يكون سهلا، فالمرشد آية الله علي خامنئي يعتقد أنه عندما يبدأ بتقديم تنازلات كبرى، حتى بخصوص أمر يتعلق بتغطية المرأة لرأسها، فستبدأ سلطة النظام بالتآكل
وناقش خامنئي في الماضي ضد تقديم تنازلات، مشيرا إلى الاتحاد السوفييتي السابق وزعيمه الأخير، ميخائيل غورباتشوف، الذي تخيل أنه قادر على إصلاح النظام والحفاظ في الوقت نفسه على سلطاته.
ويعتقد خامنئي أن الغرب يتآمر لتخريب إيران من خلال “خطة مشابهة لتلك التي أدت لانهيار الاتحاد السوفييتي السابق”، كما جاء في خطاب ألقاه عام 2000، وأشار إليه الزميل في وقفية كارنيغي كريم ساجدبور. ويرى الكاتب أن قمع التظاهرات الحالية سيكون صعبا لأن الكثير من رجال الأمن والمجندين لديهم أمهات وأخوات وبنات مثلهن. ويقول رول “قلة من رجال الأمن العاديين يريدون مهاجمة الناس” و”يحتجزون المتظاهرات لفترة من أجل زرع الخوف ولكن ليس لمدة طويلة تستدعي خروج أهلهن إلى الشوارع”.
ولم تستطع السلطات تحديد المنظمين وقادة التظاهرات لأنها عفوية. وهم يكافحون لتحييد حركة أصبح لديها جذور في المدن الإيرانية الكبيرة وكذلك في مناطق الأكراد، شمال- غرب ومناطق البلوش في جنوب- شرق.
والمعضلة بالنسبة للنظام انه يريد تجنب قمع كذلك الذي قامت به السلطات الصينية عام 1989 في ساحة تيانامين حتى لا يتوسع الاحتجاج. ولمعرفة ما يجري في إيران، عليك متابعة حساب 1500 تسفير والذي يجمع أشرطة فيديو ملتقطة بالهواتف المحمولة. وأظهرت لقطة لصورة ملوثة بالدم لخامنئي وآية الله الخوميني الذي قاد الثورة عام 1979. ومشاهد تظاهرات في 11 جامعة في أنحاء البلاد. وجاء في تعليق على تيك توك “لا تطلق على هذا احتجاج، فهذه ثورة”.
ويرى الكاتب أن إدارة بايدن يمكنها مساعدة الاحتجاجات من خلال تحميل إشارات القمر الاصطناعي ستارلينك لكي تستمر اللقطات. ويجب على واشنطن ألا تعطي النظام الحالي شريان حياة من خلال فتح المحادثات بشأن الموضوع النووي في وقت تسفك فيه الدماء بالشوارع. وهذه الحركة ونشيدها “براي” تريد التغيير في عقول المتشددين”. هذه قضية أمريكية وعالمية أيضا إذ يريد المحتجون بلدا عاديا وربما حانت لحظتهم.
القدس العربي