قال الكرملين في بيان السبت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث إلى نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي عبر الهاتف، وأكدا على تعميق التعاون السياسي والتجاري والاقتصادي.
يأتي هذا في الوقت الذي يتعرض فيه البلدان إلى ضغوط غربية شديدة بسبب اعتماد روسيا على المسيّرات الإيرانية في الحرب على أوكرانيا.
ولم يشر البيان إلى توقيت الاتصال، ولا إلى إمدادات الأسلحة الإيرانية لموسكو. وكثفت روسيا جهودها لإقامة علاقات مع إيران ودول أخرى غير غربية منذ تدخلها في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
وقال الكرملين “تمت مناقشة عدد من القضايا المطروحة في الأجندة الثنائية، مع التركيز على زيادة تعزيز التعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية، بما في ذلك قطاع النقل والخدمات اللوجستية”.
2400
طائرة من طراز “شاهد” طلبتها موسكو من طهران تجنبا لتعريض المقاتلات الروسية المتطورة والطيارين للخطر
والتقى مسؤول أمني روسي كبير بعدد من المسؤولين الإيرانيين في طهران الأربعاء الماضي، وتعهد البلدان بتعزيز العلاقات، وهو ما يشير إلى تكثيف الاتصالات بين البلدين خاصة بعد تطورات الحرب في أوكرانيا.
وقال مراقبون إن روسيا باتت في حاجة إلى إيران، وخاصة للحصول على المسيّرات الانتحارية التي كان لها دور فارق في ضرب واستهداف منشآت الطاقة والكهرباء ومقار المؤسسات الأمنية والعسكرية في المدن الأوكرانية، مشيرين إلى أن إيران بدورها باتت في حاجة إلى الدعم الروسي مع فشلها في تمرير الاتفاق النووي بالطريقة التي تلائم مصالحها، وتراجع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن حماسها للتوصل إلى اتفاق.
وكانت إيران اعترفت للمرة الأولى السبت الماضي بأنها زودت موسكو بطائرات مسيّرة، لكنها قالت إنها أرسلتها قبل الحرب، في خطوة اعتبر مراقبون أنها جاءت متأخرة، وأن إيران قد اضطرت إلى ذلك الاعتراف تحت ضغط دولي واسع بتحميلها مسؤولية الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية المدنية في أوكرانيا بسبب اعتماد روسيا على مسيّراتها في الحرب.
وقال حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية الإيراني إنه تم إرسال “عدد صغير” من الطائرات المسيّرة إلى روسيا قبل أشهر قليلة من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي إن روسيا طلبت من إيران 2400 طائرة من طراز “شاهد”. ويتيح استخدام هذه المسيّرات لروسيا تجنب تعريض الطائرات المتطورة والطيارين للخطر وحفظ مخزونها المحدود من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى وباهظة الثمن.
وطائرات “شاهد” المعبأة بالمتفجرات، والتي يمكن أن تتم برمجتها مسبقا بإحداثيات الهدف، تُعرف باسم “الطائرات الانتحارية” لأنها تنحرف نحو الأهداف وتنفجر عند الارتطام مثل الصاروخ.
ووافق الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي على فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تسليم طائرات مسيّرة لروسيا، وفرضت بريطانيا عقوبات على ثلاث شخصيات عسكرية إيرانية وشركة لصناعة الطائرات بسبب تزويد روسيا بطائرات مسيّرة لمهاجمة أهداف مدنية وبنى تحتية في أوكرانيا.
ويرى مراقبون أن ظهور المسيّرات الإيرانية في المشهد الأوكراني جعل الأضواء تتسلط على المخاطر التي يمكن أن يسببها السكوت عن خطط إيران نحو التسلح على أكثر من مستوى، من المسيّرات إلى الصواريخ الباليستية وصولا إلى تجربة صاروخ فرط صوتي، لتتحول إلى دولة مهددة للأمن الإقليمي والدولي خاصة مع مواقفها المعلنة وتهديداتها لسفن النفط في مضيق هرمز وتهديدات الميليشيات الحليفة لها في اليمن لأمن الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما يؤكد مشروعية التحذيرات السعودية في السنوات الماضية من التهديدات الإيرانية والتي قابلها العالم باللامبالاة.
وتعمل إيران على تغذية الصراع في اليمن من خلال تزويد الحوثيين بالمسيّرات والصواريخ من أجل امتلاك ورقة ضغط كبيرة، تتعلق بأمن الملاحة وعبور السفن، وخاصة تلك التي تنقل النفط، وهو ما يتيح لطهران التفاوض من موقع قوة في الملفات التي تخصّها وعلى رأسها ملف البرنامج النووي.
وتتخذ طهران من هجمات الحوثيين على منشآت النفط في اليمن وقبلها الهجمات المختلفة على السعودية ورقة ضغط تُشْهرها في وجه المملكة، وقد بلغ التوتر أشده الأربعاء حين لوّح وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب بنفاد “الصبر الإستراتيجي” لبلاده تجاه السعودية، وهو ما يعد مؤشرا على إمكانية لجوء طهران إلى الخيار العسكري.
صحيفة العرب