بريطانيا في مواجهة التقشف الحتمي رغم الركود الاقتصادي

بريطانيا في مواجهة التقشف الحتمي رغم الركود الاقتصادي

لندن – دخلت الحكومة البريطانية في مغامرة صعبة من أجل المواءمة بين خفض الإنفاق العام مع جمع أكبر قدر ممكن من الأموال من دافعي الضرائب، ومواجهة الانكماش الذي يلوح في أفق ثاني أكبر اقتصادات أوروبا.

وأعلنت الخميس عن موازنة تقشف تقوم على زيادة الضرائب وخفض الإنفاق بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني (65 مليار دولار)، بينما أكدت أن اقتصادها دخل في حالة ركود.

ويواجه رئيس الوزراء ريشي سوناك التحدي المتمثل في موازنة ميزانية الدولة مع مساعدة ملايين الأشخاص الذين يعانون من أزمة تكلفة المعيشة، حيث أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة وإبطاء النمو الاقتصادي.

ويقود سوناك الذي تولى منصبه قبل ثلاثة أسابيع فقط خلفا لرئيسة الوزراء السابقة ليزا تراس، ووزير المال جيريمي هانت جهود تحديد سبل زيادة الضرائب وخفض الإنفاق لإصلاح المالية العامة، على الرغم من التوقعات القاتمة.

وأكد هانت أثناء عرضه الموازنة على البرلمان أن الإجراءات الصعبة ضرورية من أجل تحقيق الاستقرار المالي بعد الاضطرابات الأخيرة، مشددا على أنها ستخفف من حدة التباطؤ الذي تشهده البلاد.

وكشف عن “ثلاث أولويات هي الاستقرار والنمو والخدمات العامة”. وقال “حاولت أن أكون منصفا عبر الطلب من الجهات التي تملك أكثر، للمساهمة أكثر”.

وأفاد بأن “مكتب المسؤولية عن الموازنة خلص إلى أن المملكة المتحدة، كغيرها من الدول، تسجّل ركودا”.

ومن المقرر أن تزيد الحكومة الضريبة الاستثنائية التي تفرضها على أرباح شركات الطاقة العملاقة بنسبة تتراوح بين 25 و35 في المئة، وستمددها حتى العام 2028.

كما أنها تفرض ضريبة جديدة مؤقتة نسبتها 45 في المئة على منتجي الكهرباء لتمويل العجز في الموازنة.

ورغم التباطؤ الاقتصادي يشدد هانت وسوناك على الحاجة إلى خطوات متشددة بعدما أطلقت تراس سلسلة إجراءات لخفض الضرائب أحدثت حالة من الهلع في أسواق المال.

وتشير التوقعات الجديدة إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1.4 في المئة العام المقبل مقارنة مع نمو بنسبة 1.8 في المئة بالتوقعات السابقة التي نشرها مكتب مسؤولية الموازنة (أو.بي.آر) في مارس الماضي.

ومنذ ذلك الحين، تعرض الاقتصاد لضغوط من معدل تضخم بلغ الآن فوق 11 في المئة، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وتقلبات السوق المالية السياسية الشديدة خلال فترة تراس القصيرة في 10 دواننغ ستيرت.

وقال هانت إن “توقعات مكتب الموازنة العامة أوضحت بشكل صارخ تأثير الرياح العالمية المعاكسة على الاقتصاد البريطاني”.

غلاء المعيشة

وتوقع مكتب الموازنة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3 في المئة خلال 2024 وبنسبة 2.6 في المئة في العام التالي، مقارنة بتوقعاته السابقة للنمو بنسبة 2.1 و 1.8 في المئة على التوالي.

وتهدف ميزانية الطوارئ إلى استعادة المصداقية المالية والسياسية للحكومة بعد أن أعلنت تراس عن تخفيضات ضريبية غير ممولة بقيمة 45 مليار إسترليني دفعت العملة المحلية إلى مستويات منخفضة قياسية أمام الدولار الأميركي.

ويحذر النقاد من العودة إلى نوع القيود المشددة على الإنفاق التي اتبعها حزب المحافظين الحاكم في السنوات الاثنتي عشرة الماضية، مشددين على أنها ستضر بالخدمات العامة التي تعاني بالفعل من ضغوط كبيرة.

وأكد تورستن بيل الرئيس التنفيذي لريزوليوشن، وهي مؤسسة فكرية بريطانية تسعى إلى تحسين مستويات المعيشة لذوي الدخل المنخفض والمتوسط، أن الحكومة ستكافح من أجل تلبية جميع المطالب.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن بيل قوله إن “الحقيقة غير المريحة هي أنه ما لم تنعكس أسعار الطاقة العالمية، فسنظل أفقر كدولة مما كنا نأمل أن نكون”. وأضاف “العالم كما هو، ليس كما نرغب أن يكون، ولكن السؤال هو إلى أي مدى نتصارع مع هذا الواقع”.

العرب