التضخم يلقي بثقله على أوضاع الموظفين في الشركات المصرية

التضخم يلقي بثقله على أوضاع الموظفين في الشركات المصرية

كشفت أحدث الدراسات الاقتصادية أن التضخم المالي في مصر صار يؤثر بكثرة في أوضاع الشركات المحلية، حيث اتجهت إلى خفض تكاليف التدريب والتطوير وألغت مكافآت الموظفين مما ينعكس سلبا على وضعهم الصحي والنفسي، لكنها تحاول تدارك هذه الآثار بإجراءات أخرى تمكن الموظفين من التأقلم مع ظروف العمل الجديدة.

القاهرة – تعاني مصر منذ سنوات من أزمة اقتصادية فاقمتها تداعيات جائحة كورونا والأزمات العالمية حيث ارتفع معدل التضخم السنوي في البلاد خلال هذا العام إلى أعلى مستوى في أربع سنوات، مدفوعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية واستمرار الضغوط الناتجة عن الأزمة الروسية – الأوكرانية.

ولا يلقي التضخم بثقله على تراجع مستوى المعيشة فقط، بل تمتد تأثيراته إلى سوق العمل حيث يضر بأوضاع الشركات المالية وبالتالي ظروف العمل التي تنعكس سلبا على الموظفين.

وخلصت دراسة أجرتها شركة بوبا إيجيبت للتأمين في مصر نشرت نتائجها الأربعاء إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في مصر يدفع عددا من المدراء التنفيذيين للشركات في البلاد إلى خفض تكاليف البحث والتطوير ووقف مكافآت الموظفين، وذلك في ظل ما يتسبب فيه التضخم المرتفع من ضغط على الأرباح.

وأجريت الدراسة في الفترة ما بين الثالث من أغسطس والسابع من سبتمبر، وأظهرت أنه سعيا لخفض النفقات، قال 11 في المئة من المدراء التنفيذيين الذين جرى استطلاع آراءهم إنهم يلجأون إلى وقف مكافآت الموظفين، كما يلجأ تسعة في المئة منهم إلى خفض تكاليف البحث والتطوير.

كما تؤثر معدلات التضخم المرتفعة على النظرة المستقبلية للمدراء التنفيذيين في مصر حيال أوضاعهم المادية، إذ قالت الدراسة “ظهر ارتفاع معدل التضخم على رأس مخاوف المدراء التنفيذيين على مستوى العالم في العام الحالي، ويتضح هذا في مصر، إذ أن حوالي 30 في المئة من الفئة المستهدفة من الاستبيان قلقون بشأن استقرارهم المادي، وارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة معدل التضخم”.

وأظهرت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في وقت سابق من الشهر الماضي أن التضخم السنوي بالمدن ارتفع بأكثر من المتوقع في أكتوبر إلى 16.2 في المئة، مسجلا أعلى مستوى في أربع سنوات.

لكن على صعيد آخر، أفادت الدراسة بأن الشركات في مصر مازالت تخطط لضخ المزيد من الاستثمارات، وزاد الاستثمار في مجال تدريب وإعداد الموظفين 23 في المئة، واتجه 17 في المئة من الشركات إلى تقديم بعض المزايا لموظفيها في ظل موجة التضخم تلك، مثل الإسهام في اشتراكات الصالات الرياضية وتقديم وجبات وقسائم شراء.

وبحسب دراسة مؤشر بوبا غلوبال للحالة الصحية للمدراء التنفيذيين، فإن الشركات المصرية “تعتزم استثمار ما يزيد عن 1.6 مليون جنيه إسترليني لدعم رفاهية الموظفين وصحتهم النفسية والعقلية”.

وقال العضو المنتدب لشركة بوبا للتأمين في مصر محمد بزى “مع استمرار تغير التحديات الاقتصادية وزيادة معدلات التضخم في مصر، على الشركات الحفاظ على هدفها الجديد ليكون على المستوى المؤسسي في ما يتعلق برفاهية الموظفين وصحتهم النفسية والعقلية، وذلك لمساعدة الشركات على النمو”.

وأضاف أنه مازال هناك المزيد من الخطوات التي يمكن اتخاذها حتى لا يتم اعتبار مشكلات الصحة النفسية شيئا يدعو للخجل وحتى لا يحجم الموظفون عن طلب المساعدة النفسية، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على شعور الموظفين بالإرهاق والتوتر، وانخفاض الحالة المزاجية.

وقال التقرير إن 51 في المئة من المدراء التنفيذيين يؤمنون بأن العمل من المنزل يحسن من إنتاجية الأفراد، ويتفق 49 منهم مع فكرة أن العمل عن بعد خلق أسلوب حياة أفضل للموظفين.

وقال 40 في المئة من المدراء التنفيذيين إنهم شعروا بمرونة أسلوب العمل الهجين، فيما يدعم 35 منهم شركاتهم في فكرة حصول الموظفين على فرصة العمل عن بعد.

وأشار التقرير إلى أن 31 في المئة من الفئة التي تم إجراء البحث عليها يميلون للعمل أثناء الانتقال من مكان إلى آخر، كما أن 31 في المئة “يعملون بشغف” من المنزل، وأن 15 في المئة يبدأون العمل مبكرا عندما يعملون من المنزل.

واستطلعت الدراسة أيضا آراء المدراء التنفيذيين في الشركات المصرية في ما يتعلق بتأثيرات جائحة فايروس كورونا على نماذج تسيير العمل، إذ أظهرت أن العديد من الشركات تشجع على أسلوب العمل الهجين الذي يجمع بين العمل من المنزل ومقر العمل.

وظهر ارتفاع معدل التضخم على رأس مخاوف المدراء التنفيذيين على مستوى العالم في 2022؛ ويتضح هذا في مصر حيث أن حوالي 30 في المئة من الفئة المستهدفة من الاستبيان قلقون بشأن استقرارهم المادي، وارتفاع تكلفة المعيشة، وزيادة معدل التضخم؛ وانعكس الضغط الذي سببه التضخم على تحقيق الأرباح، مما أدى إلى اتجاه المدراء التنفيذيين إلى وقف مكافأة الموظفين بنسبة 11 في المئة والاتجاه إلى خفض تكاليف البحث والتطوير بنسبة 9 في المئة.

ويتسبب الإحباط الناجم عن عدم الراحة في العمل في حدوث اضطرابات النوم لحوالي 32 في المئة من المدراء التنفيذيين، كما يتسبب في حدوث تقلبات في الحالة المزاجية لدى 30 في المئة، بينما يشعر 29 في المئة منهم بالإجهاد الذهني، بينما عانى واحد من كل خمسة أفراد من الشعور بالغضب، والحزن، والقلق.

وكانت تقارير سابقة أثبتت أن جائحة فايروس كورونا المستجد ضاعفت من ظاهرة هجرة الكثير من الكفاءات في مهن مختلفة وظائفها والدخول في مجالات جديدة بغاية تحقيق مردود مالي أكبر والبحث عن الاستقرار النفسي، والكثير منهم صار يبحث عن التخصص في مجالات وظيفية بعيدة تماما عن التخصص الدراسي، أو حتى التخلي عن الوظيفة للعمل في الحساب الخاص حيث لم تعد الوجاهة الاجتماعية تقاس بنوعية الوظيفة بقدر ما ترتبط بالتحصيل المالي منها.

ورغم كل هذه المؤشرات، استطاعت مصر عبر الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية من تقليص معدل البطالة، حتى مع أزمة كوفيد – 19، مدفوعة بالإجراءات والآليات المتعلقة بإنعاش سوق العمل في بلد يضم أكثر من مئة مليون نسمة.

وتعد شركة بوبا غلوبال ذراع التأمين الصحي المتميز لشركة بوبا. تأسست الشركة عام 1971 وتسعى لتوفير خدمات صحية على مستوى عالمي لكل من الأفراد، والشركات الصغيرة، وزبائنها الذين يعملون موظفين لدى الشركات. وتشمل هذه الخدمات منتجات وخدمات صحية لتمنحهم الرعاية الصحية اللازمة، عند الحاجة إليها، سواء في المنزل، أو في مكان الدراسة، العمل خارج البلاد، أو أثناء السفر للخارج.

واهتمت دراستها الأخيرة بتحليل التأثيرات المستمرة لجائحة كورونا على المدراء التنفيذيين حول العالم، وأثر ذلك على الوضع الاقتصادي الراهن في مصر وما له من تأثير على إعادة صياغة نماذج العمل الحالية.

العرب