واصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سلسلة اللقاءات الأمنية خلال الأيام الماضية مع مسؤولين أجانب للبحث في القضايا الأمنية، لا سيما القصف الإيراني والتركي على العراق.
وقرر المجلس الوزاري للأمن الوطني وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا وتأمين جميع متطلبات الدعم اللوجيستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والأموال اللازمة وإسنادها بالمعدات وغيرها بما يمكنها من إنجاز مهامها والمناورة بالموارد البشرية المتاحة لوزارة الداخلية لتعزيز المخافر الحدودية، فضلاً عن التنسيق مع حكومة إقليم كردستان ووزارة البيشمركة لإنجاز ذلك، بهدف توحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية.
السيادة العراقية
وأكد السوداني، الجمعة الماضي، أهمية العلاقة التي تربط بلاده مع الولايات المتحدة، وذلك خلال اللقاء مع وفد للكونغرس برئاسة السيناتور مارك تاكانو وعضوية عدد من أعضاء الكونغرس بحضور السفيرة الأميركية لدى العراق.
ووفقاً لبيان صادر عن مكتب السوداني، فإن السيناتور تاكانو الذي يرأس لجنة شؤون المحاربين القدامى في الكونغرس قدم تهانيه إلى السوداني بمناسبة مباشرته مهامه ونيل الحكومة ثقة مجلس النواب، بوصفه أول وفد يمثل الكونغرس الأميركي يزور العراق بعد تشكيل الحكومة.
وأضاف البيان أنه جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، وسير مجريات الحرب على الإرهاب وأداء القوات العراقية في ملاحقة فلول “داعش”.
كما جرى البحث في تعزيز العلاقات والشراكة وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي في مختلف المجالات، وعلى رأسها التعاون في مواجهة التغيرات المناخية وجهود مواجهة شح المياه.
وأشار رئيس مجلس الوزراء خلال اللقاء إلى أهمية العلاقة مع الولايات المتحدة وسعي العراق إلى تأكيد علاقة متوازنة مع محيطه الإقليمي والدولي بما يحفظ السيادة الوطنية للعراق ويدعم استقرار المنطقة وأمنها.
معالجة الملفات الأمنية
كما استقبل السوداني، الأحد، رئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني، وشهد اللقاء البحث في مستجدات الأوضاع العامة بمختلف جوانبها الأمنية والسياسية والخدمية على المستوى الوطني، كما استعرض الجانبان عدداً من الملفات المهمة وأطر العمل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ضمن أهداف المنهاج الوزاري الساعية إلى الارتقاء بمستوى الخدمات في عموم أنحاء العراق.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أهمية معالجة الملفات الأمنية وتدعيم الاستقرار والأمن في المناطق الحدودية مع دول الجوار، وفق ما أقره المجلس الوزاري للأمن الوطني في جلسته الأخيرة.
ولم تخلُ لقاءات السوداني خلال الأيام الماضية من الطابع الأمني، إذ استقبل قائد بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق، الفريق جيوفاني أيانوتشي والوفد المرافق له. وشهد اللقاء استعراض مهام البعثة في إطار التعاون الأمني والعسكري مع العراق الذي ينطوي على تقديم المشورة والتدريب وتطوير قدرات القوات الأمنية العراقية ورفع مستوى أدائها وتمكينها لمواجهة مختلف التحديات الأمنية، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب.
وأكد السوداني خلال اللقاء أهمية التعاون والتنسيق العالي مع البعثة وفق ما تقتضيه الحاجة الوطنية وفي إطار متطلبات الحكومة العراقية وبالشكل الذي يحفظ سيادة العراق ويعزز أمنه واستقراره. من جانبه، أكد أيانوتشي أن بعثة حلف “الناتو” في العراق تواصل تعاونها وتنسيقها مع مختلف الأجهزة الأمنية ضمن نطاق مهامها وواجباتها في تطوير القطاع الأمني بالعراق.
استمرار التعاون
وفي هذا الإطار استقبل مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني والوفد المرافق له.
وجرى استعراض لمجمل الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، وبحث الجانبان استمرار التعاون بين المركز والإقليم بما يفضي إلى حلول للقضايا المتعلقة بدول الجوار من خلال الحوار والطرق الدبلوماسية والتفاهم المشترك وبما يحفظ استقرار وسيادة العراق. وشهد اللقاء أيضاً تأكيد أهمية التنسيق والتعاون بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان في مواجهة العناصر الإرهابية وضبط الحدود.
أعذار غير مشروعة
وفي ضوء ذلك، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية سكفان يوسف أن “التهديدات مستمرة على أراضي إقليم كردستان بأعذار غير مشروعة”، منوهاً إلى أن “هناك قنوات دبلوماسية لحل المشكلات ينبغي اتباعها”.
وأضاف يوسف في تصريح صحافي، “تقرر أن تتحرك قوات حرس الحدود باتجاه المناطق الحدودية لسد الفراغ الموجود في الحدود مع كلا البلدين”، منوهاً إلى أن “القوات التي ستنتشر هناك هي قوات حرس الحدود، وستتحرك لمسك الحدود بين العراق وتركيا وإيران”، من دون الإعلان عن وقت هذا التحرك.
اجتياح بري
في حين رأى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، “هناك كلام كثير عن احتمال حدوث اجتياح بري الهدف منه القضاء على منظمات تعمل بشكل عدواني ضد دول الجوار”، مردفاً أن “هذا يستوجب الجلوس على الطاولة ومناقشة الموضوع مع الأطراف المعنية والتوصل إلى حل والتخلص من هذه الجهات التي تقوم بأعمال الغرض منها استهداف الدول الإقليمية”، بحسب قوله.
وأضاف، “لن نرضى بأي استهداف للدول الإقليمية، ولا نرضى بأن تكون الأراضي العراقية منطلقاً لهذه العمليات”. وأشار إلى أن “هذا الموضوع يستوجب الجلوس على الطاولة بين ممثلين عن القائد العام للقوات المسلحة وحكومة إقليم كردستان والجانب الإيراني، من أجل وضع برنامج للتخلص من هذه المنظمات والمكاتب التي تستهدف أمن تركيا وإيران، وأيضاً نقف بوجه الخروقات التي تحدث على الأراضي العراقية من قبل هاتين الدولتين لكي نقطع دابر الفتنة”.
وشدد على أنه “من حق كل دولة أن تحافظ على أمنها واستقرارها، وعندما تشعر بالخطر السعي للحل بالطرق الدبلوماسية والوسائل الأخرى التي تجفف منابع هذه المشكلات”.
ولفت القدو إلى “وجود اتفاق بين الحكومات العراقية والتركية والإيرانية على نشر قوات تابعة للحكومة الاتحادية للسيطرة على الحدود بشكل قوي، وهذا من شأنه تقليل الهجمات وعبور الأشخاص الخارجين عن القانون والذين يقومون بأعمال عدائية”، مبيناً أن القوات التي ستمسك هذه المناطق هي “حرس الحدود إضافة إلى وحدات من الجيش العراقي والبيشمركة”.
دولة ضعيفة
وفي هذا السياق اعتبر الباحث العراقي صالح لفتة، أن “العراق دولة ضعيفة، بحسب المقاييس العسكرية ليس لديها السلاح المتطور، ولا يمكنها الوقوف وحدها بوجه إيران أو أي دولة أخرى من دول الجوار، هذا هو الواقع الذي يجب أن يقتنع به من يمسك القرار”.
وأضاف، “حتى يتجنب العراق التعرض لأي عدوان أو انتهاك عسكري بشتى أنواع التعدي بالصواريخ أو الطائرات عليه أولاً أن لا يشكل أي تهديد لأي دولة، وأن يمنع عمليات التسلل أو التهريب للسلاح أو الرجال أو تحول البلد لمكمن للانفصاليين أو الإرهابيين الذين يهددون أمن وصالح دول الجوار. وثانياً عليه تفعيل الاتفاقات الأمنية التي عقدها مع الولايات المتحدة الأميركية، فلا يمكن حماية حدود العراق الكبيرة إلا بالاعتماد وبمساعدة دولة كبرى تمتلك إمكانات كبيرة مثل أميركا”.
أما تنسيق المواقف وتوحيد الصف الوطني، بحسب لفتة، فهو شيء جيد من أجل الوصول لحل يجنب انتهاك السيادة الوطنية للعراق ويمنع إراقة الدماء، سواء مع أطراف داخلية من قادة ومؤثرين وخارجية لها تأثير على المنطقة وتتفهم مخاوف العراق من منظمات وقادة دول.
اندبندت عربي