هل يُشعل لهيب التوتر في الضفة نيران المواجهة بغزة؟

هل يُشعل لهيب التوتر في الضفة نيران المواجهة بغزة؟

استبعد محللون سياسيون إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين قطاع غزة وإسرائيل على المدى القريب، ردا على تصاعد وتيرة الجرائم الإسرائيلية بالضفة الغربية وما يرافقها من مشاهد قتل وصفوها بـ “القاسية”.

ويقول المحللون، في حوارات منفصلة، إن الظروف غير مُهيّأة لاندلاع هذه المواجهة نظرا لوجود أسباب سياسية واقتصادية وعسكرية لدى الطرفين.

لكنهم أجمعوا أن حدوث أي تطور ميداني كبير أو جريمة إسرائيلية خطيرة في الضفة، قد يدفع القطاع للرد عسكريا عليها، على غرار ما حدث في معركة مايو/ أيار 2021 وتصعيد أغسطس/آب الماضي، واللذين ارتبطا بشكل مباشر بالضفة والقدس.

ورغم إطلاق صاروخ من قطاع غزة، مساء السبت، إلا أن المحللين قالوا “إنه لن يجر القطاع لتصعيد أو مواجهة”.

ومساء السبت، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق قذيفة صاروخية من غزة، دون أن تتبنى إطلاقها أي جهة.

ورداً على ذلك، شنّ الجيش الإسرائيلي، فجر الأحد، عددا من الغارات على مناطق متفرقة من قطاع غزة، قال إنها ردا على إطلاق القذيفة.

بدورها، أعلنت كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلّح لحركة “حماس”، في بيان، أن “دفاعاتها الجوية تصدت فجر الأحد، للطيران الحربي الصهيوني المُعادي في سماء قطاع غزة بصواريخ أرض-جو، وبالمضادات الأرضية”.

رد مباشر

وقالت حركة “حماس”، إن تصدّي كتائب القسام لـ”العدوان الصهيوني على غزة جاء ردا مباشرا على قصف الاحتلال للقطاع”.

وأضاف حازم قاسم، المتحدث باسم الحركة، في بيان: “الرد المباشر(الذي أبدته القسّام) يؤكد أنها لن تسمح للاحتلال بتغيير المعادلات (الخاصة بالاشتباك)، وستواصل الدفاع عن شعبها في كل أماكن تواجده”.

وأوضح أن إسرائيل توسّع من “عدوانها على الشعب بقصف غزة، بعد جريمة إعدام الفلسطيني عمار مفلح في مدينة نابلس، الجمعة”.

وخلال الشهر الماضي، حمّلت وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن مسؤولين لديها فصائل المقاومة بغزة المسؤولية عن التحريض لتوتير الأوضاع بالضفة.

وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية، قد قالت في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إن “إسرائيل هددت بتوجيه رد قاس لقطاع غزة في حال ثبوت اشتراكه بتفجيري القدس (23 نوفمبر)، وذلك في رسالة وجّهتها للوسيط المصري”، وفق الصحيفة.

المواجهة مُستبعدة

واستبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس، أحمد رفيق عوض، اندلاع مواجهة عسكرية في غزة بالوقت القريب، قائلا “لا يوجد مصلحة تعود على إسرائيل أو حركة حماس من ذلك”.

وأرجع عوض ذلك إلى أسباب سياسية وعسكرية واقتصادية تحكم سلوك الطرفين في هذه الفترة.

وعلى صعيد إسرائيل، فإن أي مواجهة مع غزة، وفق عوض، من شأنها أن تشلّ الاقتصاد والسياحة داخل أراضيها وتحرجها عسكريا؛ دون أن تحقق نتائج (على المستوى السياسي والأمني) غير القتل والتدمير.

واستكمل قائلا: “لذا تسعى إسرائيل لمعالجة ملف غزة من خلال الاقتصاد وتقديم التسهيلات للقطاع”.

أما على المستوى السياسي فإن إسرائيل منشغلة في تشكيل الحكومة والتغيرات التي قد ترافقها.

في المقابل، قال عوض إن “حماس” منشغلة في حاليا “في مرحلة ترميم البنى التحتية للقطاع والمباني المدمّرة، ومحاربة الفقر والجريمة إلى جانب مرحلة الإعداد العسكري”.

وحول إطلاق صاروخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، فجر الأحد، قال عوض إن “لن يؤدي لاشتعال مواجهة كبيرة فجميع الفصائل تتحرك بتنسيق وتفاهم ما يجعل اندلاع أي حدث مدروس ومنسّق جدا”.

فرصة ضعيفة

ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن هناك فرصة غير كبيرة لانتقال التصعيد العسكري في قطاع غزة، ترتبط مؤشراتها بـ”ارتكاب إسرائيل جريمة كبيرة في الضفة”.

وأوضح أن الأحداث في الضفة قد تجر القطاع، للدخول في تصعيد غير كبير، كإطلاق بعض الصواريخ كما حدث فجر الأحد.

وأضاف: “العمل المقاوم يتركز حاليا في الضفة المحتلة، وهناك نوع من الاستقرار في قطاع غزة تعمل الأطراف على المحافظة عليه”.

ويرى أن إسرائيل تعمل على تحييد غزة عن حالة التوتر بالضفة، متوقعا أن يعمل “رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو على تعزيز هذا الأمر”.

ويرجّح أن يتواصل العدوان في الضفة فيما ستبقى حالة الاستقرار النسبي في غزة على ما هي عليه، وسط محاولات تجريها أطراف إقليمية وعربية لتحييد القطاع عن الأحداث الدائرة في الضفة وضمان عدم وصول التوتر إليه.

سيناريوهات التصعيد

في المقابل، يتوقع أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين (خاصة)، أيمن يوسف، أن تشهد الفترة المقبلة تصاعدا في المواجهة مع إسرائيل سواء بالضفة أو غزة.

وقال: “السلوك العدواني المتصاعد للاحتلال وقتل الفلسطينيين قد يستجلب ردود فعل من غزة”.

لكنه يعتقد أن هذا الرد سيأتي في وقت تكون فيه ظروف غزة مهيّأة لهذه المواجهة، إذ أن القطاع ما زال يعاني من تداعيات التصعيد الأخير.

وعن سيناريوهات اندلاع هذه المواجهة، قال يوسف إن السيناريو الأول قد يبدأ بحدث كبير ترتكبه إسرائيل في الضفة، كاغتيال مجموعة من الشبان، الأمر الذي بدوره يستجلب ردا من غزة.

وعن السيناريو الثاني، أوضح يوسف أنه قد يبدأ بحدث مُقاوم داخل إسرائيل تردّ عليه في غزة، أو ترد عليه بحدث وجريمة كبيرة بالضفة يستوجب ردا من غزة.

وأما السيناريو الثالث، فهو مرتبط، بحسب يوسف، باغتيال شخصية من فصائل المقاومة بغزة تعتقد إسرائيل أن لها ارتباط بما يحدث بالضفة.

ويقول يوسف إن إسرائيل وصول اليمين المتطرف إلى الحكومة الإسرائيلية قد يرفع مؤشرات إمكانية حدوث هذه المواجهة.

ويشير إلى أن إسرائيل، وفق رؤيتها، تعتبر “الذهاب في مواجهة مع غزة أسهل من خوض معركة في الضفة نظرا لأن الأهداف في القطاع تكون أكثر وضوحا”.

(الأناضول)