يرفض الإسرائيليون الاتهامات بممارسة “الفصل العنصري ضد الفلسطينيين” باعتبارها دعاية معادية للسامية، لكن حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة ستؤكد طبيعة الفصل العنصري للنظام، وستعرض لمحات من الفاشية على الطريقة الإسرائيلية. وليس نتنياهو فاشيًا، لكنه عنصري، ويفكر في تعيين أشخاص عنصريين خطرين في حكومته. ولم تضم أي حكومة في إسرائيل على مدى العقود السبعة الماضية مسؤولين حكوميين مغتربين إلى هذا الحد عن المثل العليا التي تم الحديث عنها لدى إنشاء إسرائيل.
الوزير الجديد للأمن القومي (الأمن الداخلي سابقا) هو إيتمار بن غفير، الذي سيسيطر على وحدات حرس الحدود في الضفة الغربية، التي شاركت في العديد من أعمال العنف ضد الفلسطينيين الأبرياء. وبن غفير هو أحد مساعدي مئير كاهانا، الحاخام الفاشي المتطرف الذي ارتكب العديد من الجرائم قبل اغتياله. وسيسيطر حزب بن غفير، “القوة اليهودية”، على وزارة التنمية في النقب والجليل. وستكون “وزارة التراث” الجديدة التي سيحصل عليها حزبه مسؤولة عن المواقع التاريخية والأثرية في الضفة الغربية.
وسيكون وزير المالية الجديد هو بتسلئيل سموتريتش، الذي سيحاول السيطرة على “الإدارة المدنية” في الضفة الغربية التي تديرها حاليًا وزارة الدفاع. وسيبذل سموتريتش وبن غفير قصارى جهدهما للحد من صلاحيات وزارة الدفاع، وخاصة في الضفة الغربية. وسوف تقوض سياساتهما العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية التي تعترف بإسرائيل، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، البحرين والمغرب. ووفقًا ليوسي ألفر، المحلل الأمني الإسرائيلي البارز، فإنهما قد يحاولان حتى ضم الضفة الغربية بينما يركز المجتمع الدولي انتباهه على أوكرانيا وروسيا وإيران.
وفي المقابل، قللت وسائل الإعلام الرئيسية في إسرائيل من أهمية سجلات اعتقال كل من بن غفير وسموتريتش، التي تعكس أفعالهما الفاشية على مدى العقود الماضية. كما يحاكَم نتنياهو نفسه حاليًا بتهم فساد متعددة، ومن المتوقع أن يعمد إلى محاولة إضعاف السلطة القضائية الإسرائيلية من أجل الإفلات من الإدانة بالفساد. ويعتقد ألفير أن حكومة نتنياهو ستحاول تقليص سلطة “محكمة العدل العليا”، خاصة وأن الأولوية القصوى لنتنياهو، مثل أولوية صديقه الحميم دونالد ترامب، هي البقاء خارج السجن.
وهناك نائب وزير جديد في مكتب الرئيس، هو آفي ماعوز، الذي يكرس نفسه لتعزيز الهوية اليهودية بين الإسرائيليين، وهو معارض قوي لليهود الإسرائيليين غير الأرثوذكس، ومناهض لمجتمع “الميم”، وضد خدمة النساء في الجيش. وتشير كل الإحالات إلى “الهوية اليهودية” و”التراث” إلى سياسات فاشية بوضوح، وفقًا لألفر.
ما الذي يعنيه هذا؟ حسنًا، سوف تحاول الحكومة الائتلافية الجديدة، على أقل تقدير، إضفاء الشرعية على ما لا يقل عن 70 مستوطنة أو “بؤرة استيطانية” غير قانونية في الضفة الغربية، والتي تشكل حاليًا انتهاكًا للقانون الإسرائيلي، ويقيم فيها ما لا يقل عن 25.000 مستوطن. وسوف تتم مراقبة الفلسطينيين في القدس الشرقية بطريقة أكثر تشددًا وعنفًا. وسيتم تسييس إنفاذ القانون بشكل عام، وسوف تكون للفاشيين سيطرة أكبر على الأعمال اليومية للحكومة. ومن المتوقع أن تواجه المنطقة (ج) في الضفة الغربية، التي تمثل أكثر من 60 في المائة من مساحة الضفة وتخضع لبعض السيطرة الفلسطينية، احتمال الضم بحكم الأمر الواقع. وهناك أكثر من 200.000 فلسطيني يقيمون في المنطقة (ج)؛ ومن المفترض أنهم سيواجهون ضغوطًا أكبر من أجل دفعهم إلى الهجرة.
أما السياسة الإسرائيلية تجاه غزة فأسوأ بكثير، لكنها نادرًا ما تُناقش في الصحافة الدولية. فإضافة إلى استخدام القوة العسكرية الساحقة ضد الفلسطينيين في غزة، حدت إسرائيل من استخدامهم للكهرباء؛ وهي تجبرهم على إلقاء مياه الصرف الصحي في البحر؛ وتتأكد من أن يظل ماؤهم غير صالح للشرب؛ وتضمن الإبقاء على نقص الوقود الذي يتسبب في إغلاق محطات الصرف الصحي. وغزة هي في الأساس سجن كبير في الهواء الطلق، وسوف يواصل نتنياهو سياسات التيئيس القسري لدى المدنيين الأبرياء الذين يترتب عليهم أن يحاولوا العيش في هذه الظروف. وإذا اندلعت انتفاضة فلسطينية أخرى، فلن يكون لدى إسرائيل مَن تلومه إلا نفسها.
لقد حان الوقت منذ فترة طويلة لأن تقوم حكومة الولايات المتحدة والشتات اليهودي في الولايات المتحدة وأوروبا بالضغط على الإسرائيليين من أجل انتهاج سياسة أكثر إنسانية تجاه المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، وكذلك الحاجة إلى وجود تمثيل أكثر وسطية في حكومتهم الائتلافية الجديدة. لم تكن أي حكومة إسرائيلية مستعدة في السنوات الأخيرة لوقف العنف ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ولم تفعل أي حكومة أميركية في السنوات الأخيرة أي شيء للضغط على الإسرائيليين من أجل دفعها إلى ذلك. وفي الوقت نفسه، يتلقى الإسرائيليون مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة أكثر من أي حكومة أخرى، باستثناء أوكرانيا. ويعرض الإسرائيليون دائمًا العناد والجرأة. وقد حان الوقت لأن تفعل الولايات المتحدة ذلك أيضًا.
الغد