لندن- رفضت المحكمة الإدارية في لندن الاثنين طلبا قدمته منظمة بريطانية غير حكومية تعمل لحساب جبهة بوليساريو الانفصالية، ضد اتفاق الشراكة الذي يجمع بين المغرب وبريطانيا، في خطوة تضفي اعترافا إضافيا بمقاربة المغرب لحل قضية الصحراء، خاصة أن الشكوى كان محورها المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وقال مراقبون إن قرار القضاء البريطاني يمكن وصفه بالانتصار الجديد الذي يحققه المغرب ضمن إستراتيجيته في الحصول على اعتراف دولي واسع بوحدة أراضيه، وبأن المناطق الجنوبية تابعة له، وبالتالي فإن منتجاتها منتجات مغربية كغيرها من منتجات بقية مناطق المملكة.
وكان المغرب قد خاض معارك مع الاتحاد الأوروبي بشأن منتجات الأقاليم الجنوبية ودفع به الأمر إلى إيقاف الاتصالات مع الاتحاد في 2016، ردا على حكم أولي لمحكمة العدل الأوروبية يقضي بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين، لتضمنها منتجات الصحراء المغربية، قبل أن تعود الحوارات والنقاشات لاحقا.
وبمجرد صدور الحكم جددت الحكومة البريطانية التعبير عن التزامها بمواصلة الشراكة مع المغرب.
◘ أوروبا تنظر إلى المغرب كبوابة نحو أفريقيا بفضل الإستراتيجية الاقتصادية التي اعتمدها من خلال تنويع شراكاته مع دول القارة وبناء علاقات تقوم على المصالح
وصرح الناطق الرسمي باسم وزارة التجارة الدولية البريطانية “إننا نحيي الحكم الصادر (…). سنواصل العمل بتعاون وثيق مع المغرب لتثمين المبادلات بين بلدينا، التي تبلغ قيمتها 2.7 مليار جنيه إسترليني”.
وقال “إننا متحمسون لمواصلة مبادلاتنا مع نظرائنا المغاربة من خلال مجلس الشراكة برسم السنة المقبلة”.
وكانت لندن والرباط وقعتا اتفاقية الشراكة في السادس والعشرين من أكتوبر 2019، لتعديل الترتيبات التجارية بينهما بعد خروج الأولى من الاتحاد الأوروبي. ودخل هذا الاتفاق حيز النفاذ منذ الأول من يناير 2021.
وتحدد اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أسعارا تفاضلية لبعض المنتجات من المغرب، وهو ما ينطبق أيضًا على المنتجات من الصحراء.
ومن شأن القرار القضائي البريطاني بخصوص منتجات الصحراء أن يعطي دفعة قوية للتعاون بين المغرب وبريطانيا الباحثة عن أسواق جديدة تعوض بها الخسائر التي لحقتها جراء قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ويرى المراقبون أن دعم حكومة ريشي سوناك لنتيجة الحكم القضائي يبعث رسالة إلى دول أوروبية أخرى يفيد مضمونها بوجوب أن تفكر لندن في مصالحها وشراكاتها الخارجية بدل الرضوخ لأجندات بعض المنظمات المدنية والحقوقية التي تتمسك بقضايا هامشية دون مراعاة مصالح بريطانيا، خاصة في وضعها الحالي.
ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن الموقف البريطاني الداعم للمغرب في قضية حساسة هو امتداد لمواقف كثيرة حصلت في الفترة الأخيرة، من أوروبا والولايات المتحدة، وأعلنت انحيازها إلى المملكة ومقاربتها لحل أزمة الصحراء، وهذا ما يؤكد قوة الدبلوماسية المغربية.
ولا يمثل هذا الموقف انتصارا للدبلوماسية المغربية فقط، والتي يضع أسسها وتفاصيلها العاهل المغربي الملك محمد السادس، وإنما هو أيضا اعتراف بالأهمية القصوى لما يتمتع به المغرب من مقومات اقتصادية وموقع إستراتيجي وحضور قوي في القارة الأفريقية.
◘ قرار القضاء البريطاني انتصار جديد يحققه المغرب ضمن إستراتيجيته في الحصول على اعتراف دولي بوحدة أراضيه
وصارت أوروبا تنظر إلى المغرب كبوابة نحو أفريقيا بفضل الإستراتيجية الاقتصادية التي اعتمدها من خلال تنويع شراكاته مع دول القارة وبناء علاقات تقوم على المصالح، وهو ما يرشحه لأن يكون معبرا لغاز نيجيريا نحو أوروبا. وهذا عنصر جذب مهم أوروبيًّا، خاصة في ظل أزمة الغاز الروسي وعدم ثقة أوروبا بالغاز الجزائري كبديل قار بعد أن وظفت الجزائر موضوع الغاز في معارك سياسية مع أسبانيا والمغرب خلال السنة الماضية.
وما يشجع الأوروبيين على تقوية الشراكات مع المغرب هو الاستقرار السياسي والأمن، على عكس دول المنطقة التي مرت بظروف أمنية وسياسية أثرت سلبا على استقرارها. وكان للمغرب دور مؤثر في الحرب على الإرهاب من خلال التنسيق الأمني والمعرفة الدقيقة بأنشطة الجماعات المتشددة، فضلا عن دوره اللافت في موضوع الهجرة.
وتصدّر بريطانيا إلى المغرب منتوجات بترولية وزيوت التشحيم والسيارات والمحركات الكهربائية والأدوية والآلات والمنتجات الكيميائية والبلاستيكية والأثواب والأجهزة الإلكترونية والمنزلية.
في المقابل تستورد بريطانيا من المغرب الملابس والمنسوجات والكابلات الكهربائية والأسمدة الطبيعية والكيميائية والسمك والمنتجات الزراعية والغذائية وحمض الفسفوريك والأدوات الصحية.
العرب