ورقة انتخابية لأردوغان: قانون يتيح ارتداء الحجاب في المدارس والإدارة

ورقة انتخابية لأردوغان: قانون يتيح ارتداء الحجاب في المدارس والإدارة

إسطنبول – يعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم ذو الجذور الإسلامية في تركيا تعديلا دستوريا على البرلمان الأسبوع المقبل يكرّس حق النساء في ارتداء الحجاب سواء في العمل أو الحياة اليومية، ليعيد إلى الواجهة قضية مثيرة للجدل إلى حد كبير في الدولة العلمانية رسميا.

يأتي قرار حزب الرئيس رجب طيب أردوغان المسيّس بدرجة كبيرة قبل ستة أشهر من حلول موعد الانتخابات المقبلة التي يرجّح أن تكون نتائجها غير محسومة.

سعى مؤسس الدولة التي يشكّل المسلمون غالبية سكانها مصطفى كمال أتاتورك إلى تسوية هذه القضية عندما بنى تركيا الحديثة على أنقاض السلطنة العثمانية قبل قرن.

لكن مسألة الحجاب ما زالت تثير الاستقطاب بين الأتراك، وهو أمر عكسه مسلسل “إيثوس” الذي بثته منصة نتفليكس عام 2020.

وقالت طبيبة نفسية وهي تقلب القنوات التلفزيونية “بات الأمر ضمن آخر صيحات الموضة حاليا. يتعيّن وجود امرأة محجبة في كل برنامج”.

خلال السنوات العشرين التي قضاها في السلطة بين رئيس ورئيس للوزراء، دافع أردوغان عن حقوق المسلمين المحافظين، بما في ذلك المحجبات، بعدما تولت حكومات علمانية حكم تركيا لعقود.

لكن يبدو أن خصمه في الانتخابات الرئاسية المنتمي إلى حزب أتاتورك “الشعب الجمهوري” كمال كليتشدار أوغلو هو من دفع أردوغان إلى التفكير في التعديلات الدستورية التي قد تُطرح للاستفتاء.

وفي محاولة لجذب أهم شريحة مؤيدة لأردوغان وانتزاع بعض الأصوات من حزب العدالة والتنمية، اتّهم كليتشدار أوغلو الرئيس بمحاولة “احتجاز المحجبات رهائن”.

وأقر بأن حزب الشعب الجمهوري “ارتكب أخطاء في الماضي” عبر فرض قيود على الحجاب ويريد حاليا إدخال حق النساء في ارتداء الحجاب في المدارس وأماكن عملهن في القانون.

سارع أردوغان فورا إلى الهجوم. وقال “هل هناك تمييز ضد النساء المحجبات أو غير المحجبات في المدارس أو في القطاع العام؟ كلا.. نحن من حققنا ذلك”.

وبعدما خفّ التشجيع عليه باسم الحداثة لدى نهوض الجمهورية التركية الحديثة من تحت رماد السلطنة العثمانية عام 1923، حُظر الحجاب تدريجيا في المدارس وأماكن العمل.

بدأ حزب العدالة والتنمية تغيير ذلك عام 2008، فرفع الحظر في الجامعات والكليات ومن ثم في الخدمة المدنية والبرلمان والشرطة.

وتؤكد المؤرّخة المدافعة عن حقوق المرأة بيرين سونميز أن غالبية التركيات أيّدن هذه الإجراءات.

وقالت “على أولئك الذين يعتبرون الحجاب رمزا دينيا مناقضا للعلمانية أن يفهموا أن طريقة تفكيرهم تنطوي على تمييز”.

وأضافت سونميز، علما بأنها محجبة، “سواء كان محظورا أو إجباريا، لا ينتهك الحجاب حقوق المرأة إلا إذا فرضت الدولة قواعد ارتدائه”.

وشددت على أن المحجبات اللواتي يعانين من انتقادات من بعض النسويين يجب أن يحظين بضمانات تمكنهن من المحافظة على حجابهن في المدارس أو أماكن العمل.

وفي ظل غياب دراسات أحدث، أشارت إلى استطلاع عام 2012 يظهر أن 65 في المئة من التركيات يرتدين الحجاب. وقدّرت بأن حوالى النصف يرتدينه حاليا.

وقالت سونميز التي تعارض الرئيس إن “مشروع قانون كليتشدار أوغلو وسيلة مهمة للوقوف في وجه أردوغان”.

وترى الحركات النسوية المؤيّدة بشدة للانتفاضة النسائية التي تشهدها إيران المجاورة في جهود أردوغان المرتبطة بالحجاب محاولة لتأمين التأييد من مجموعات محافظة متشددة.

الحركات النسوية المؤيّدة بشدة للانتفاضة النسائية التي تشهدها إيران المجاورة ترى في جهود أردوغان المرتبطة بالحجاب محاولة لتأمين التأييد من مجموعات محافظة متشددة

وقالت مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط ومقره الولايات المتحدة غونول تول في تقرير نشر على الإنترنت إن “الحظر العلماني للحجاب ومن ثم رفع المنع أطلقا باسم تحرير النساء. لكن في الحقيقة، كلاهما سعى لفرض نسخته الخاصة للمرأة المثالية على المجتمع”.

وتابعت أن رفع الحظر عن الحجاب “كان رمزيا ضمن أجندة أردوغان الإسلامية الشعبوية الأوسع”.

وأشارت تول إلى أن الرئيس البالغ 68 عاما “لم ينو حقا قط تحرير النساء إذ يراهُنّ إلى حد بعيد كأمّهات وزوجات، وليس كأفراد”.

وشددت على أن “مفتاح تحرير النساء حقا هو عبر تمكينهن كأفراد وتشريع حق النساء في الاختيار”.

ويتوجّه موقع إلكتروني تركي تحت عنوان “لن تمشين وحدكن إطلاقا” في خطابه إلى النساء المجبرات على ارتداء الحجاب واللواتي يسعين حاليا لخلعه.

وعلى الضفة الأخرى، أيّد حزب العدالة والتنمية علنا سلسلة تظاهرات تدعم “الدفاع عن العائلة” في مواجهة حقوق أفراد مجتمع الميم. وكانت، تقريبا، جميع النساء اللواتي شاركن في هذه المسيرات محجبات.

العرب