يعتزم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المشاركة في القمة العربية الصينية التي تحتضنها السعودية غدا الجمعة ويحضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ بمشاركة 30 دولة ومنظمة دولية؛ لمناقشة وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي.
وتعليقًا على ذلك، قال مستشار الحكومة العراقية للشؤون الاقتصادية الدكتور مظهر محمد صالح إن مشاركة العراق لها أهمية خاصة بوصفها مناسبة لمشاركة رؤية حكومة السوداني الاقتصادية الجديدة، مع العرب والصينيين، والتي تفسح مجالا كبيرا للتعاون والاستثمار المشترك لجميع الدول المشاركة في هذه القمة.
وأضاف صالح -للجزيرة نت- أن رؤية الحكومة العراقية تعمل على الانفتاح الاقتصادي على الصين، كونها تتمتع بأدوات اقتصادية ومعلوماتية وتكنولوجية وثقافية.
وأشار إلى أن العراق بحاجة في الوقت الحالي للنهوض بواقعه الاقتصادي وذلك بتعزيز موقعه العالمي، وزيادة نموه الاقتصادي، من خلال التقارب مع الصين، من أجل ضمان توزيع الموارد وتوظيفها.
وقال إن حكومة السوداني تسعى للاستفادة من التكنولوجيا الصينية وتوسيع العلاقات التجارية مع صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مشيرا إلى أن العلاقات بين بكين وبغداد تعززت في السنوات الأخيرة.
كيفية الاستفادة من الصين
هناك خطوات يحددها الخبير الاقتصادي الدكتور بلال الخليفة على الحكومة العراقية اتخاذها لتطوير علاقاتها بالصين، منها إحالة ميناء الفاو الكبير على شركة صينية لأن العطاء الخاص بها أفضل من نظيرتها “دايو” الكورية الجنوبية.
ويضيف الخليفة -للجزيرة نت- أن حكومة السوداني عليها تطوير وتأهيل المعامل المتوقفة وبناء معامل جديدة لأن سوق العراق سوق واعدة لكثير من السلع، فضلًا عن الاستفادة من الصين في مجال البنى التحتية وإنهاء أزمة السكن.
وأشار الخليفة إلى أهمية حصول العراق على عضوية البنك الآسيوي التنموي (الذي تعد الصين أقوى عضو فيه) عن طريق بكين وإيداع الفائض المالي فيه بدل شراء سندات أميركية أو زيادة الاحتياط المالي من الدولار، كون البنك الآسيوي يمنح قروضا كبيرة مقابل شروط وفوائد أقل مما يمنحه البنك الدولي.
ويلفت الخليفة إلى أمرين آخرين مهمين للاقتصاد العراقي من خلال بوابة الصين، وهما تقديم طلب انضمام لدول “البريكس” (مجموعة تضم كلا من الصين، وروسيا، وجنوب أفريقيا، والهند، والبرازيل) وطلب آخر لعضوية مؤتمر شنغهاي (منظمة للتعاون أُسّست عام 2001 وتضم حاليًّا 8 دول أعضاء هي الصين، والهند، وكازاخستان، وقرغيزستان، وروسيا، وباكستان، وطاجيكستان وأوزبكستان، و4 دول بصفة مراقب هي: أفغانستان، وبيلاروسيا، وإيران، ومنغوليا).
مشاركة بروتوكولية!
في الجانب الآخر، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش أن مشاركة العراق في القمة ستكون بروتوكولية ولن تسفر عن أي اتفاقات، عازيا ذلك إلى حاجة بغداد لمفاوض حقيقي لديه القدرة والمعرفة بالاقتصاد الدولي والمصالح الدولية، وتقريب وجهات النظر لخلق حالة من التوازن مع الاقتصادات المنافسة.
واستبعد حنتوش -في حديثه للجزيرة نت- تمكن العراق من المضي قدما بعلاقته بالصين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة سترفض منافسا اقتصاديا لها في منطقة نفوذها بالشرق الأوسط.
واعتبر أن مشاركة العراق في القمة العربية الصينية لن تكون سوى بروتوكولية ولن تفضي إلى شيء عملي.
في موازاة ذلك، قال الخبير في الشأن السياسي نبيل جبار العلي إن الولايات المتحدة لم تبد انزعاجا حول عقد القمة العربية الصينية، وعبّر المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس قبل أسبوع أن واشنطن لا تتدخل في العلاقات الثنائية بين البلدين، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى التزامات واشنطن الأمنية في الشرق الأوسط.
ويضيف العلي -للجزيرة نت- أن هذه قد تكون إشارة لدول الخليج وعلى رأسها السعودية والعراق وتذكيرا بالاتفاقيات الموقعة بينها وبين واشنطن على المستوى الأمني والحماية المشتركة.
وأشار العلي إلى أن علاقات العراق وأميركا شهدت توترا كبيرا في الفترة الماضية، إلا أن الجهود الدبلوماسية لسفيرتها لدى بغداد آلينا رومانوسكي أسهمت بإعادة توطيد العلاقات، مرجحا بأن تفضي إلى إعادة إنعاش الاتفاقية الإستراتيجية لعام 2008 بين بغداد وواشنطن.
تجربة الصين
وبلغ حجم التبادل التجاري بين بغداد وبكين للفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول للعام الجاري 38.82 مليار دولار، بزيادة قدرها 44.3% على أساس سنوي مقارنة بالعام السابق.
وحسب الأرقام التي خصّت السفارة الصينية لدى بغداد بها الجزيرة نت، فإن الصين استوردت من العراق خلال الفترة المذكورة 39.84 مليون طن من النفط الخام بقيمة 28.62 مليار دولار.
وتعليقًا على ذلك، يقول صالح إن الميزان التجاري بين الصين والعراق ما زال هو الأوسع مقارنة بعلاقات العراق التجارية مع دول العالم المختلفة والتي تقدر حاليا بنحو 45 مليار دولار سنويا حسب أسعار النفط.
وعليه، يؤكد المتحدث حاجة الصين للنفط العراقي حتى عام 2065، مشيرًا إلى أن “العراق يهدف لتحقيق التنمية في البلاد عبر الاستفادة من الخبرات الدولية منها الصينية، ولا يريد حدوث أي صراع بين الشركات العظمى أو الدول الكبرى على أراضيه”.
وختم صالح حديثه بأن العراق عانى من كل الشركات الأجنبية التي دخلت البلاد، مبينا أن “تلك الشركات تدخل العراق بطريقة الكلفة وتشكل 40% من مجموع كلفة النشاط التي تتضمن مخاطر فنية وابتزازات”.
الجزيرة