تفجر الصراع السياسي من جديد بين القوى والأحزاب السياسية العربية السنّية شمال وغرب العراق، إلى جانب العاصمة بغداد، وتحديداً بين حزب “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وتحالف “العزم” التابع لرجل الأعمال والنائب بالبرلمان مثنى السامرائي وأعضاء وسياسيين آخرين معه.
الخلافات التي لا يمكن اعتبارها جديدة، بل متكررة بعدد مرات الصلح التي عُقدت برعاية أطراف مختلفة، بينها عشائرية، أخذت هذه المرة منحى آخر من خلال استقواء واضح لخصوم الحلبوسي بفصائل وقوى سياسية في “الإطار التنسيقي”، القريب من إيران. وبدا اصطفاف “الإطار” واضحاً مع تحالف “العزم”، عبر وسائل الإعلام التي يملكها أو القريبة منه.
تحالف “العزم” يسعى لإقالة الحلبوسي من منصبه
وتصاعدت حدة التراشق الإعلامي بين الجانبين منذ منتصف الأسبوع الماضي، بعد تصريحات الحلبوسي، الذي يملك حزبه غالبية المقاعد في البرلمان العراقي عن المحافظات الشمالية والغربية، تطرق فيها إلى قضية الحكومات المحلية في المحافظات والمدن المحررة من تنظيم “داعش”.
وأكد نجاح المحافظين التابعين لحزبه في الأنبار ونينوى، وفشل محافظ صلاح الدين التابع لتحالف السامرائي، الذي اختار في بداية الأزمة السياسية الاصطفاف مع “الإطار التنسيقي” في أزمته مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر طوال العام الماضي.
وشهدت الأيام الماضية تصعيداً إعلامياً غير مسبوق، استخدم فيه الطرفان ملفات مختلفة، تتعلق بالفساد المالي وسوء الإدارة وصولاً إلى اتهامات التسبب بما آلت إليه الأوضاع في تلك المدن من احتلال تنظيم داعش لها، وانتهاءً بإثارة العلاقة مع الفاعل الإيراني وهي نقطة حساسة داخل الشارع العراقي في تلك المناطق تحديداً.
الفارس: هناك توجه نحو إقالة الحلبوسي من منصبه
من جانبه، قال عضو تحالف العزم النائب السابق فارس الفارس، لـ”العربي الجديد”، إن “هناك توجهاً نحو إقالة الحلبوسي من منصبه، خصوصاً مع وجود تحفظ كبير على أدائه من قبل كتل ونواب من أطراف سياسية مختلفة”.
كما لفت إلى أن “الحلبوسي يسعى للسيطرة على الحكومات المحلية في المناطق المحررة، وهو يستغل نفوذه لهذا الهدف، ولم ولن نسمح بهذا الأمر، خصوصاً أن هناك قيادات سياسية وعشائرية رافضة لسلوكه السياسي”، وتابع: “هناك أطراف تريد إقالته لمنع استغلاله لمنصبه لتحقيق هذه الأهداف السياسية والشخصية”.
وتحدث الفارس عن أن “حراك إقالة الحلبوسي يجري بالتنسيق ما بين القوى السياسية”، معتبراً أن “نجاح هذا الحراك أمر وارد لوجود تحفظ على أدائه السياسي أو على إدارة رئاسة مجلس النواب خلال الفترة الماضية”.
في المقابل، كشفت مصادر سياسية في العاصمة بغداد، في حديث مع “العربي الجديد”، عما وصفته بـ”مسايرة” تحالف “الإطار التنسيقي” لضغوط تحالف “العزم” حيال التوجه لإقالة الحلبوسي.
والحديث عن إقالة الحلبوسي يتجدد بين فترة وأخرى، من قبل الأطراف السنّية المعارضة له، لكنها لا تمتلك ثقلاً نيابياً، بل تتحرك جماهيرياً وباتجاه القوى الفاعلة الأخرى.
ومن ناحيته، قال عضو في تحالف “الإطار التنسيقي”، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن “قيادات في تحالف العزم من صلاح الدين وبغداد تحاول زج الإطار التنسيقي في خلافاتها مع الحلبوسي وأيضاً مع تحالف السيادة ككل”.
ولفت إلى أنه “لا يوجد قرار بالدخول أو الاصطفاف في مثل هذا الصراع حالياً، كونه سيؤثر على سير حكومة محمد شياع السوداني، وقد يؤثر أيضاً على استقرار تلك المناطق الهش أساساً”، كما أكد أن “هناك أطرافاً من داخل الإطار تدعم الإيقاع بالحلبوسي أو النيل منه وهو قرار بعض الكتل وليس قرار التحالف، وأبرز تلك الكتل هي دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وصادقون بزعامة قيس الخزعلي”.
واعتبر أن الصراع الحالي “مرتبط بالانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات المقررة مبدئياً في سبتمبر/ أيلول من العام المقبل، إلى جانب التنافس على مناصب جرت العادة أن تكون من نصيب القوى السياسية السنية”.
حزب “تقدم” ينفي نيته السيطرة على الحكومات المحلية
بدوره، قال القيادي في “تقدم” والنائب في البرلمان عن محافظة ديالى، شرقي العراق، رعد الدهلكي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “أي حراك سياسي لإقالة الحلبوسي لن يلاقي أي نجاح، وسيكون مصيره الإخفاق”.
كما لفت إلى أن “هناك أغلبية برلمانية داعمة له، ليس على مستوى نواب المكون السنّي فقط، بل نواب باقي المكونات، وهذا الأمر أصبح واضحاً خلال تجديد الثقة له أخيراً من قبل البرلمان بعدما قدم هو استقالته”.
الدهلكي: أي حراك سياسي لإقالة الحلبوسي لن يلاقي أي نجاح
ونفى الدهلكي الاتهامات بشأن نوايا الحلبوسي وحزبه السيطرة أو الاستحواذ على الحكومات المحلية، مشيراً إلى أن “حزب تقدم يريد تقديم الخدمات والإعمار لتلك المحافظات المدمرة، كما حدث في الأنبار ونينوى، وحسم هذا الأمر يتم من خلال الانتخابات المحلية، فصناديق الاقتراع هي التي ستحدد من سيكون في إدارة المحافظات”.
وأوضح أن “السوداني لديه جدية في قضية تقييم عمل المحافظين في كافة المحافظات، خصوصاً في ظل إخفاق الكثير منهم”، وأشار إلى أنه “لهذا السبب هناك محافظون سيتم عزلهم بقرار من السوداني بعد التقييم، أما منح الحكومات المحلية فقد يتم عبر الثقل البرلماني لكل طرف سياسي بتلك المحافظة، وهذا الأمر سيتم بحثه والاتفاق عليه مع رئيس الوزراء خلال الأشهر القليلة المقبلة”.
ومن ناحيته، لفت الخبير بالشأن السياسي العراقي ماهر جودة، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إلى أن “الخلاف السياسي بين القوى العربية السنّية ليس بجديد، وهو صراع على المصالح”، وأوضح أن هذا الصراع “قد يشتد خلال الفترة المقبلة خصوصاً مع قرب إجراء انتخابات مجالس المحافظات، إذ سيكون هناك صراع شديد للسيطرة على تلك الحكومات المحلية”.
وبيّن جودة أنه “مع قرب إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ربما ستتغير خريطة التحالفات السياسية داخل مناطق نفوذ تلك القوى، كما أن محاولة إقالة محافظين وتعيين آخرين ستفجر الخلاف ما بين كافة القوى السياسية وليس السنّية فقط”، وأكد أن “حراك إقالة الحلبوسي أمر ممكن إذا كان هناك دعم من قبل قوى الإطار التنسيقي التي تملك ثقلاً داخل مجلس النواب”.
العربي الجديد