العراق يتطلع لقفزة تنموية بعد طي صفحة تعويضات الكويت

العراق يتطلع لقفزة تنموية بعد طي صفحة تعويضات الكويت

أعلن البنك المركزي العراقي، الإثنين 12 ديسمبر (كانون الأول)، تسلم المبلغ المتبقي في صندوق تعويضات الكويت، بقيمة سبعة ملايين و946 ألفاً و316 دولاراً أميركياً، وأعيد بعد تسديد كامل التعويضات.

ونقل بيان للبنك عن مصدر مخول قوله إن “المبلغ أعيد بعد تدقيق الحسابات بموجب قرار مجلس الأمن المرقم (2621) لسنة (2022) المعني بإنهاء ملف التعويضات الناتجة من اجتياح النظام العراقي السابق لدولة الكويت”.

وأشار البيان إلى أن “العراق كشف في 2021 عن إنهائه لجميع الترتيبات المصرفية اللازمة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لإيقاف الاستقطاع التلقائي لتعويضات الكويت من إيرادات تصدير النفط الخام العراقي، بعد تسديد كامل المبلغ المتبقي من التعويضات”.

وسدد بلاد الرافدين، في فبراير (شباط) 2022 آخر دفعة من التعويضات المرتبطة بغزوه للكويت إبان حكم رئيس النظام السابق صدام حسين في عام 1990.

 ودفعت الحكومات العراقية تعويضات إجمالية بلغت 52 مليار دولار لأفراد وشركات وحكومات تمكنوا من إثبات تعرضهم لأضرار بسبب الغزو، وفقاً لما أعلنته لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، التي أشرفت على العملية.

إضافة إلى موازنة الدولة

وأشار متخصصون عراقيون إلى أن ملف التعويضات كان يكلف البلاد ما بين ستة إلى سبعة ملايين دولار يومياً، وأنه مع انتهاء هذا الفصل القاسي فإن قيمة هذه الأموال من صادرات العراق الحالية التي تبلغ أكثر من ملياري دولار سنوياً ستضاف إلى موازنة البلاد وتسد باباً من أبواب النفقات كافياً لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة.

يقول أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، إن “تلك الحرب الطائشة تحملها شعب العراق، وإغلاق ملف تعويضات الكويت يعد صفحة جديدة في تاريخ البلاد الاقتصادي، لكن نأمل كعراقيين في أن تذهب هذه الأموال التي كانت تستقطع من الموازنة العراقية إلى التنمية، وخصوصاً المشروعات الاستثمارية التي تشغل القوى العاملة والمنتجة، لكن حتى الآن ليس هناك رؤية جدية في ذلك، على رغم  أن التوجهات الحكومية في العام الماضي هي تأسيس صندوق سيادي تودع فيه الـثلاثة في المئة التي كانت تذهب إلى الكويت، لاستثمارها في الداخل والخارج وتكون نوعاً من المصدات تجاه الأزمات الدولية التي تحل بالعراق بوصفه من الدول الريعية، لكن للأسف لم يحدث ذلك”.

وأضاف، “كنا نتوقع قراراً من مجلس الأمن الدولي مع بداية العام الحالي لإخراج العراق من مشكلات الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة والتخلص شيئاً فشيئاً من أكثر من 40 قراراً فرضت عليه بسبب حرب الكويت، ما كبل اقتصاده تماماً على مدى عقود حتى الوقت الحاضر، لكن أستغرب من تصرف المجلس، فحتى الآن لم يأخذ الموضوع على محمل الجد، على رغم أن التخلص من البند السابع يفتح للعراق فرصاً كبيرة للاندماج في الاقتصاد العالمي”.

وتابع، “العزلة التي يعيشها الاقتصاد العراقي كبيرة للغاية ولا تزال طائرات العالم لا تصل مطار بغداد إلا من بعض البلدان المجاورة، وهو جزء من الحصار الذي لا يزال يعتبر العراق منطقة حرب بكل ما يشكل ذلك من تكاليف للتأمين والشحن ويؤخر من نقل التكنولوجيا والتعاطي مع التقدم الاقتصادي”.

علاقات جديدة

يقول الباحث العراقي، صالح لفتة، إن “تسليم المبلغ المتبقي من تعويضات الكويت يطوي صفحة مظلمة من تاريخ العراق تسبب بها نظام صدام حسين، بزج البلاد في حروب ومغامرات خاسرة تحمل تبعاتها الشعب مثلما تحملت دولة الكويت الغزو الظالم على أراضيها”.

وتابع، “كان من المفترض أن تسقط الكويت تلك الديون، فالعراق كدولة وكشعب ليس له أي يد في تلك المغامرات، وبعد سقوط النظام السابق المتسبب في الدمار كان بإمكان الكويت التعبير عن نسيانها الماضي والمبادرة بحسن النية بعدم المطالبة بتلك التعويضات، لكن العراق استمر بدفع الأموال التي كان بحاجة كبيرة لها لتوظيفها في الإعمار”، مستدركاً، “على أية حال سدد كامل التعويضات وعلى البلدين المضي قدماً في علاقات جديدة مبنية على حسن الجوار والروابط المشتركة بينهما ونسيان الماضي الأليم، فمثل ما تضررت الكويت بسبب الاجتياح مس العراق ضرر مضاعف بسبب تلك السياسات”.

تمويل المشاريع الاستثمارية

من جهته أوضح الباحث الاقتصادي، بسام رعد، أنه باستكمال تدقيق الحسابات وتسلم البنك المركزي العراقي المبلغ المتبقي في صندوق تعويضات حرب الخليج الثانية، تصفى جميع المتعلقات لحساب لجنة الأمم المتحدة للتعويضات ويغلق الجانب المالي لهذا الصندوق بشكل نهائي.

وأكمل، “صفحة اقتصادية قاتمة طويت، وقد بدأت بعد صدور قرار مجلس الأمن المرقم 986 في عام 1995، حيث استقطعت 30 في المئة من قيمة كل برميل نفط عراقي مصدر بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء، لكن هذه النسبة خفضت إلى خمسة في المئة بعد عام 2003، ثم إلى ثلاثة في المئة عام 2020 إلى أن أغلق ملف التعويضات نهائياً بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2621 لعام 2022”.

وطالب رعد بأن تذهب تلك النسبة من الاستقطاعات بعد عودتها إلى دورة الاقتصاد العراقي نحو تمويل المشاريع الاستثمارية المدرة للدخل من أجل تعظيم القيمة المضافة لها.

اندبندت عربي