خارطة طريق تركية لقمّة أردوغان – الأسد – بوتين

خارطة طريق تركية لقمّة أردوغان – الأسد – بوتين

في الوقت الذي التزم فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد الصمت، أعدّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خارطة طريق لقمّة ثلاثية تتزامن مع استمرار أنقرة في تنفيذ قصف يومي يستهدف المناطق الكردية ومواقع المقاتلين الأكراد.

وكشف أردوغان الخميس أنه عرض على بوتين إجراء لقاء ثلاثي بين زعماء تركيا وروسيا وسوريا.

جاء ذلك في تصريح أدلى به للصحافيين أثناء عودته إلى تركيا قادما من تركمانستان التي زارها الأربعاء لحضور قمة ثلاثية بين زعماء تركيا وأذربيجان وتركمانستان في مدينة تركمانباشي.

◙ روسيا تواجه سعي أردوغان لاجتياح شمال سوريا بالهدوء، فهي من ناحية أولى تعارض خطته، ومن ناحية ثانية تدفعه نحو إبرام اتفاق مع دمشق

وقال أردوغان في هذا الخصوص “عرضت على بوتين عقد لقاء ثلاثي بين زعماء تركيا وروسيا وسوريا، وتلقى العرض بإيجابية، وبهذا الشكل نكون قد بدأنا بسلسلة اللقاءات”.

وأضاف “نريد أن نقْدم على خطوة ثلاثية تركية – روسية – سورية، ولذلك يجب أولا عقد لقاءات بين رؤساء أجهزة الاستخبارات ومن ثَم لقاءات بين وزراء الدفاع ثُم لقاءات بين وزراء الخارجية”.

ويقول مراقبون إن أردوغان ما كان ليعلن عن هذه الخطوة، والإعداد للقاءات بين رؤساء أجهزة الاستخبارات ووزراء الدفاع ووزراء الخارجية في البلدان الثلاثة، لولا الضوء الأخضر من بوتين والأسد.

ويستفيد الرئيس التركي من التقارب مع روسيا ولعِبِ دور الوسيط في نقل الحبوب عبر البحر الأسود، وكذلك رغبة الرئيس الروسي في أن تكون تركيا بوابة نقل الغاز الروسي إلى أوروبا كممر آمن بعد المشاكل التي حفت بنقل الغاز عبر أوكرانيا أو عبر نورد ستريم 2 الذي يمر ببحر البلطيق والتهديدات الأمنية التي تعترضه.

نضال قبلان: الوجود التركي في سوريا هو احتلال ولا بد من زواله بشكل أو بآخر

وتواجه روسيا سعي أردوغان لاجتياح شمال سوريا بالهدوء، فهي من ناحية أولى تعارض خطته، ومن ناحية ثانية تدفعه نحو إبرام اتفاق مع دمشق يضمن وحدة الأراضي السورية وتتم من خلاله محاصرة المقاتلين الأكراد الذين يتحالفون مع الولايات المتحدة ويستغلون حقول نفط وغاز سوريا التي هي في أمس الحاجة إلى هذه الحقول.

وسعى الرئيس التركي للعزف على هذا الوتر الحساس بالنسبة إلى دمشق بقوله “إن آبار النفط في سوريا حاليا تحت حماية قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن”، مضيفا “يبيعون للنظام. التنظيم الإرهابي هو من يبيع. لقد صبرنا كثيرا. لكن نفد صبرنا”.

وتابع قائلا “هناك مشكلة يجب التعامل معها بسرعة، وهي أن التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا تتحرش بتركيا من حين إلى آخر”.

لكن مراقبين يقولون إن أردوغان يضغط على روسيا المنشغلة بالحرب في أوكرانيا، والتي سحبت جزءا من قواتها من سوريا، من أجل فرض تسوية مع دمشق تتيح له التدخل في الشمال السوري متى أراد. غير أن هذه الخطة تقابل برفض أميركي بالرغم من التصريحات الملتبسة التي تصدر عن واشنطن وتشير إلى “تفهم” المخاوف الأمنية التركية.

وفي أغسطس الماضي تحدثت تقارير عن سعي روسيا لعقد لقاء بين أردوغان والأسد، خلال قمة قادة منظمة شنغهاي للتعاون في سبتمبر بمدينة سمرقند في أوزبكستان. لكن صعوبة حضور الرئيس السوري حالت دون ذلك.

وأكدت تسريبات مختلفة أن رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان عقد عدة اجتماعات مع رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك في دمشق، في مؤشر على جهود روسية لإذابة الجليد بين الدولتين اللتين تقفان على طرفي نقيض بخصوص الحرب السورية.

وتريد روسيا من خلال التقارب بين أنقرة ودمشق أن تؤّمن وجودها بعيد المدى في سوريا، خاصة أن تدخلها العسكري مكنها من إبرام اتفاقيات عسكرية واقتصادية بعيدة المدى، وبوأها مكانة تسمح لها بأن تلعب دورا مهما على ضفاف المتوسط عسكريا واقتصاديا من خلال إبرام اتفاقيات في مجال الغاز.

◙ أردوغان ما كان ليعلن عن قمة ثلاثية يجري التحضير لها أمنيا ودبلوماسيا لولا الضوء الأخضر من بوتين والأسد

أما بالنسبة إلى دمشق فإن المشكلة التي تعيق لقاء أردوغان والأسد هي التناقض بين تصريحاته وأفعاله. فهو يسيطر عن طريق وكلاء على أراض سورية، ولا يتوقف عن تنفيذ عمليات في الداخل السوري، وفي الوقت ذاته يتظاهر بالسعي إلى الحوار.

ولا يغير اعتراف أنقرة بوحدة التراب السوري، واعتراف أردوغان الصريح بأن بلاده ليست لديها أطماع في الأراضي السورية، الكثير من المعادلات على أرض الواقع، فتركيا تقول الشيء نفسه عن احترام سيادة العراق على أراضيه، ولكنها تنتهك هذه السيادة كل يوم تقريبا. ولا تعتزم سحب قواتها من القواعد التي أقامتها داخل الأراضي العراقية. وهو ما ينطبق على سوريا أيضا؛ فلئن عجزت أنقرة عن إقامة منطقة أمنية واسعة تخضع لسيطرتها على الشريط الحدودي بينها وبين سوريا، فإنها لن تتخلى عن قواعدها داخل سوريا.

ونُقل عن السفير السوري السابق في أنقرة نضال قبلان قوله “لا يمكن لتركيا أن تتحدث عن المصالحة، وفي الوقت نفسه ترسل المزيد من التعزيزات العسكرية إلى الأراضي السورية، فالوجود التركي في سوريا هو احتلال ولا بد من زواله بشكل أو بآخر”.

صحيفة العرب