تكتيك العبوات الناسفة لـ”داعش” في العراق: مرحلة جديدة باستهداف الجيش

تكتيك العبوات الناسفة لـ”داعش” في العراق: مرحلة جديدة باستهداف الجيش

فرضت طبيعة التفجيرات بالعبوات الناسفة التي نشط تنظيم “داعش” بتنفيذها أخيراً، مستهدفاً القوات العراقية في عدد من مناطق البلاد، مرحلة جديدة للمواجهة مع الجيش، والذي بدأ بدوره تنفيذ عمليات انتقامية ثأراً لضحايا تلك التفجيرات ومن بينهم ضباط كبار.

ونفذ التنظيم أخيراً تفجيرات بعبوات ناسفة في مناطق مختلفة من العراق، كان آخرها تفجير الأحد الماضي، استهدف دورية للشرطة الاتحادية في محافظة كركوك، شمالي البلاد، وأوقع 9 قتلى بينهم ضابط، وجرح 2 آخران.

وسبق ذلك ببضعة أيام مقتل ضابط في الجيش العراقي واثنين من مرافقيه، وإصابة 5 آخرين، بينهم ضابط برتبة مقدم، بتفجير في قضاء الطارمية، شمالي العاصمة بغداد. وتؤشر هذه التطورات إلى تراجع أمني، في ظل أسلوب جديد يعتمده “داعش” في مهاجمته القوات الأمنية.

وإثر هجوم كركوك، وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة تحقيق بالحادث، مؤكداً أن “العناصر الإرهابية لجأت إلى أساليب خبيثة بعد أن تلقت ضربات موجعة على يد قواتنا الأمنية”. وشدّد على ضرورة تحلّي الوحدات الأمنية بالحذر والانتباه وتفتيش الطرق بشكل دقيق.

ضابط في الجيش: العمليات الانتقامية ستبدأ لضرب بقايا التنظيم

وقال ضابط في قيادة الجيش العراق، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن “العمليات الانتقامية ستبدأ لضرب بقايا التنظيم”، مبيناً أنه “بحسب توجيهات رئيس الوزراء فإن عمليات الثأر لضحايا الهجوم ستبدأ، وستشمل كافة المحافظات التي تسجل تحركات لداعش فيها”. وأضاف أن “الخطة ستركز على تنفيذ ضربات جوية مكثّفة وهجمات ضد تحركات التنظيم تبنى على أساس المعلومات الاستخبارية المتوفرة”.

تكتيك العبوات الناسفة لـ”داعش” بالعراق

من جهتها، أكدت قيادة العمليات المشتركة العراقية للجيش أن التنظيم لجأ أخيراً إلى تكتيك التفجيرات بالعبوات الناسفة. وقال المتحدث باسم القيادة، اللواء تحسين الخفاجي، لـ”العربي الجديد”، إن “الوضع الأمني تحت السيطرة، وما يحصل من خروقات هنا وهناك، هي محاولة من تنظيم داعش أن يظهر نفسه إعلامياً، خصوصاً أنه فقد نفوذه وقوته في جميع المناطق العراقية، بعد الضربات الجوية المستمرة على أهدافه، وكذلك من خلال العمليات البرية التي تجري وفق معلومات استخباراتية دقيقة”.

وأضاف أن “التنظيم يعمل حالياً على استهداف الدوريات العسكرية والأمنية بالعبوات الناسفة، كإجراء إرهابي جديد من قبله، للرد على الضربات التي تلقاها خلال الأيام المقبلة”، معتبراً أن “ذلك سيدفع القوات الأمنية إلى تكثيف العمل الأمني والاستخباراتي لملاحقة خلايا داعش بكافة المدن”.

وشكّلت قيادة العمليات، لجاناً تحقيقية مختصة، لمعرفة أسباب هذه الخروقات، والعمل على وضع خطط تمنع تكرار الهجمات، فضلا عن التوجيه بتكثيف الجهد الاستخباراتي لمنع أي عملية قبل وقوعها.

لجنة الأمن البرلمانية من جهتها، عدت هجمات التنظيم خللاً أمنياً، مؤكدة سعيها لاستضافة القادة الأمنيين وبحث تلك الخروقات معهم. وقال نائب رئيس اللجنة، النائب عن كركوك مهدي تقي الآمرلي، لـ”العربي الجديد”، إن “تكرار الخروقات الأمنية في المحافظة، يؤشر ويدل على وجود خلل في الخطط الأمنية والعسكرية وهذا ما يتطلب إعادة عاجلة للخطط العسكرية”.

وأكد أن لجنته “ستعمل على عقد اجتماع عاجل لها خلال اليومين المقبلين، وسيتم استضافة عدد من القادة العسكريين والأمنيين لمناقشة أسباب تكرار هذه الخروقات، وسنعمل على محاسبة وتغيير أي قائد عسكري وأمني نجد تقصيراً في عمله”.

أما عضو اللجنة الأمنية، النائب كريم عليوي، فأكد في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “عناصر التنظيم تستغل التراخي الأمنيمن قبل بعض الوحدات العسكرية، فضلاً عن التقصير في الجهد الاستخباراتي”.

وشدّد على أن “القيادات الأمنية والعسكرية المختصة مطالبة بوضع خطط وفق التكتيك الجديد لتنظيم داعش لمنعه من زرع العبوات، وهذا الأمر يتطلب جهداً استخباراتياً وتفعيل الكاميرات الحرارية، إضافة إلى المراقبة الجوية للمناطق الزراعية الوعرة عبر الطيران المسيّر وطيران الجيش، ويجب أن تكون الطلعات على مدار الساعة”.

كريم عليوي: عناصر التنظيم تستغل التراخي الأمني من قبل بعض الوحدات العسكرية

في المقابل، حذر الخبير في الشأن الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، من خطورة تكتيك التفجيرات، مؤكداً أن التنظيم يحقق مكاسب من خلاله. وقال الكناني في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إن “تنظيم داعش، وإن كان فاقداً لقدرة السيطرة على الأرض، إلا أنه يعرف أين ومتى وكيف يضرب، وما زال مؤثراً في عملياته التي اعتمدت على أسلوب الذئاب المنفردة، من خلال عمليات القنص أو زرع العبوات الناسفة أو عمليات الاغتيال”.

“داعش” يواجه الجيش بصورة غير مباشرة

وبيّن الكناني أن “التنظيم يستغل أخطاء الأجهزة الأمنية، ولهذا فقد كثّف هجماته بالعبوات الناسفة، وهذا التكتيك يحقق من خلاله ضربات موجعة، من دون أي مواجهة مباشرة مع الجيش”.

واعتبر أن “تصاعد العمليات الإرهابية في هذا التوقيت يدل على وجود ضعف في الجهد الاستخباراتي والأمني”. وكان السوداني قد وجّه أخيراً بمراجعة للخطط العسكرية التي تُنفَّذ في المناطق الهشة في البلاد، والتي تنفذ فيها هجمات إرهابية، في إطار تعزيز الأمن ومنع الخروقات المتكررة.

وشدّدت القوات العراقية أخيراً عمل الجهد الاستخباري، للحصول على معلومات ترصد تحركات “داعش” في محافظات البلاد، كذلك اعتمدت على الطيران لتنفيذ ضربات سريعة، فضلاً عن عمليات التمشيط المتواصلة التي تنفذها قوات الجيش، بحسب المعلومات المتوافرة لديها.

وتنفذ القوات العراقية منذ أسابيع سلسلة عمليات أمنية وعسكرية نوعية في مناطق شمالي البلاد وغربها، تستهدف جيوب “داعش” وخلاياه، في صحراء الأنبار وجبال حمرين وقره جوخ وبادية الموصل، وسط إجراءات متصاعدة على مستوى سد الثغرات الحدودية مع سورية، التي تقول بغداد إنها المنفذ الأول لتسلل المسلحين إلى العراق.

صحيفة العربي الجديد