حسابات انتخابية وراء قرار أردوغان زيادة رواتب الموظفين

حسابات انتخابية وراء قرار أردوغان زيادة رواتب الموظفين

أنقرة- أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن زيادة رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين بنسبة خمسة وعشرين في المئة، وذلك بعد زيادات متتالية في الحد الأدنى للأجور خلال السنة المنقضية.

يأتي هذا في وقت يعرف فيه الرئيس التركي أن الاقتصاد وأوضاع المعيشة في البلاد سيلعبان دورا رئيسيا في تحديد اسم الرئيس التركي الفائز في الانتخابات المقررة في يونيو القادم.

ويقول مراقبون أتراك إن أردوغان سيعمد خلال الأشهر التي تسبق الانتخابات إلى اتخاذ إجراءات شعبوية تستهدف التقرب من الناخبين الأتراك وكسب رضاهم حتى لو كانت تلك الإجراءات تتعارض مع الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، ويمكن أن تزيد في تعميق الأزمة.

وأشار المراقبون إلى أن تركيا يفترض أن تنفذ حزمة من الإصلاحات تقوم على التقشف للخروج من الأزمة الحادة التي تعيشها، لكن على العكس من ذلك، فضّل أردوغان البحث عن مصلحته ومصلحة حزبه من خلال زيادة كبيرة في الرواتب لفائدة الموظفين والمتقاعدين.

◙ أردوغان بدأ التحرك لتقوية حظوظه قبل الانتخابات، ولم يقف الأمر عند حدود الإجراءات الهادفة إلى كسب أصوات الناخبين، فقد حرص على تمتين تحالفه مع حزب الحركة القومية

ويأمل أردوغان في أن يكون لهذه الزيادات دور كبير في دفع الناخبين إلى دعمه للفوز بولاية رئاسية جديدة، وفي الوقت نفسه تمكين حزبه من الحفاظ على مكاسبه في البرلمان، في وقت تقول فيه استطلاعات الرأي المختلفة إن الأتراك باتوا يميلون إلى المعارضة ويبحثون عن شخصية جديدة لرئاسة البلاد بعد فشل الرئيس الحالي في تحسين أوضاعهم المعيشية.

وأظهرت الأرقام الرسمية أن مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا ارتفع بنسبة تفوق ثمانين في المئة خلال أكتوبر الماضي لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عقدين من الزمن، وظهر هذا خاصة إثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يهدد قوت الأتراك.

وتشير الأرقام ذاتها إلى أنه عقب كل زيادة في الأجور تعلن عنها الحكومة أو الرئيس أردوغان، تتخذ الأسعار منحى تصاعديا، وهو ما تترتب عليه نتائج عكسية تماما مع ارتفاع نسب التضخم. وزادت سياسات أردوغان في تعميق هذه الأزمة بإصراره على اعتماد حلول غير واقعية.

واندلعت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في تركيا عندما قام أردوغان، الذي لطالما كان يعارض أسعار الفائدة المرتفعة، بالضغط على المصرف المركزي بغية خفض الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك من خلال خفض تكاليف الاقتراض.

وتقوم التوصيات الاقتصادية التقليدية على دفع صناع السياسات إلى لجم التضخّم عبر احتواء الطلب ورفع كلفة الأعمال من خلال زيادة أسعار الفائدة.

وقال الرئيس التركي في كلمة له الثلاثاء، أثناء مشاركته في حفل “الموظفين المتعاقدين” بالعاصمة أنقرة، “هدفنا هو إزالة فقاعة التضخم هذا العام وإخراجه من أجندة بلادنا تماما، اعتبارا من السنة المقبلة”. وتابع “سنرى معا كيف سيواصل التضخم انخفاضه خلال الأشهر القادمة”.

وأشار أردوغان إلى أن تركيا أغلقت عام 2022 عند مستوى أدنى من الهدف متوسط المدى لتضخم أسعار المستهلكين.

وسبق للرئيس التركي أن أعلن في ديسمبر الماضي عن زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة تقارب 55 في المئة، وهي ثالث زيادة في العام الماضي، بعد أن سنّت الدولة زيادة بنسبة 50 في المئة خلال بداية عام 2022، ما رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرة تركية. ثم تقرر بعد ذلك زيادة الحد الأدنى للأجور في البلاد مرة أخرى بنسبة 30 في المئة خلال منتصف العام، في محاولة لحماية الأسر من ارتفاع التضخم.

وبدأ أردوغان التحرك لتقوية حظوظه قبل الانتخابات، ولم يقف الأمر عند حدود الإجراءات الهادفة إلى كسب أصوات الناخبين، فقد حرص على تمتين تحالفه مع حزب الحركة القومية، حيث التقى رئيس الحزب دولت بهتشلي الخميس الماضي وتناقشا في مسألة تقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، لتصبح في نهاية أبريل بدلا من يونيو.

وأصبح أردوغان رئيسا سنة 2014، وأعيد انتخابه رئيسا ضمن نظام رئاسي تنفيذي في انتخابات 2018، وتحت النظام الجديد يمكن للرئيس أن يستمر لولايتين رئاسيتين فقط.

وفي 10 ديسمبر الماضي قال أردوغان إنه سيترشح للرئاسة في 2023 للمرة الأخيرة. وحال فوزه بالانتخابات ستكون هذه هي الفترة الثالثة له، وفق موقع “دوفار جازيت” المستقل المعني بالسياسة التركية.

وقال أردوغان في ذلك الحين “عام 2023 سنبدأ تشييد قرن تركيا ونعبّد الطريق أمام الشباب، بالقوة التي نستمدها من الشعب باسمنا للمرة الأخيرة”.

وأعلن مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الاثنين أن الحزب، الذي يتزعمه أردوغان، يفكر في إجراء “تغيير طفيف” في موعد الانتخابات المقررة في منتصف يونيو المقبل.

ورداً على سؤال بخصوص إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، قال المتحدث باسم الحزب عمر جيليك في مؤتمر صحفي “نريد إجراء الانتخابات في 18 يونيو لكن بما أن هذا الموعد يتزامن مع موسم العطلة الصيفية حيث يسافر الناس فإننا نبحث مسألة تقديم الموعد قليلاً”.

وقال جيليك “تغيير الموعد لن يصل إلى حد الانتخابات المبكرة؛ لم يتخذ المجلس الأعلى للحزب قرارا نهائيا بعد. إننا نتدارس الأمر”.

العرب