معركة الصين ضد “كوفيد – 19” تشعل أسعار النفط عالمياً

معركة الصين ضد “كوفيد – 19” تشعل أسعار النفط عالمياً

الباحثة شذى خليل*

الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، تفتح حدودها لأول مرة منذ ثلاثة أعوام، ما عزز توقعات طلبها على وقود النقل، حيث ارتفعت أسعار النفط الخام بنحو 3 في المئة، مما رفع روح التفاؤل بأن البلاد ستجتاز بالفعل العزلة المرتبطة بمكافحة وباء كوفيد.
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.38 دولارا أو 3.03 في المائة إلى 80.95 دولارا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 76.13 دولارا للبرميل، بزيادة 2.36 دولارا أو 3.2 في المائة، وجاء الانتعاش بعد هبوط في الأسبوع الماضي بأكثر من 8 في المائة في أسعار الخامين القياسيين، في أكبر انخفاض أسبوعي لهما في بداية العام الجديد منذ عام 2016.
قال محللون نفطيون إن إعادة فتح الصين هي العامل الرئيس لصعود أسعار النفط، لكن في المقابل تظل المخاوف من الركود هي العامل الرئيس لنزول الأسعار، حيث سجل التضخم الأساسي في الاتحاد الأوروبي مستوى قياسيا في نهاية عام 2022 واستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع مستمر لأسعار الفائدة لترويض التضخم.

تعود السوق النفطية إلى المسار الإيجابي بعدما أظهرت بيانات دولية أن واردات المصافي الصينية المستقلة من المواد الخام لشهر ديسمبر ارتفعت للشهر الثالث على التوالي حيث قفزت 11.7 في المائة على أساس سنوي، كما تحسنت هوامش التكرير وسط توقعات بانتعاش الطلب على النفط في ضوء تخفيف ضوابط السفر والتنقل بعد رفع قيود الجائحة، غير أن بعض الاقتصاديون أكدوا أن التقلبات ما زالت مستمرة لكنها ليست مصدر قلق؛ خاصة مع عودة فتح الصين وتأكيد تحالف “أوبك +” جاهزيته للتدخل في حالة الضرورة لدعم استقرار وتوازن السوق، من خلال إجراء تعديلات جديدة على مستويات الإنتاج، في الوقت الذي بثت فيه أوبك” أجواء إيجابية في السوق بعدما رصدت أحدث بياناتها توقعات بارتفاع الطلب على النفط هذا العام مقارنة بالعام الماضي، واعتبرت أن مخاوف الركود العام هي المعطل الرئيس لوتيرة أوسع من المكاسب السعرية، لافتة إلى أن طبيعة السوق تشير إلى أن المنتجين لهم دور أكبر في تحديد اتجاه الأسعار أكثر من المشترين، غير أن ارتفاع أسعار النفط الخام لا يزال يمثل عبئا كبيرا على اقتصادات العديد من الدول المستهلكة الكبيرة، مما دفع الإدارة الأمريكية إلى إطلاق 180 مليون برميل من احتياطي النفط الاستراتيجي للولايات المتحدة، وتزامن ذلك في خطوة مشتركة مع إصدارات احتياطي النفط الاستراتيجي من دول أخرى معظمها في أوروبا.

محللون اقتصاديون صينيون، قالوا إن المنتجين لديهم بالفعل القوة من أجل إدارة المعروض بكفاءة، وبالتالي السيطرة ولو بنسب بسيطة على الأسعار، إذ أن الاتحاد الأوروبي قد يتوقف عن شراء النفط الخام الروسي المحمول بحرا واستبداله بنفط شرق أوسطي، وأكثر المستفيدين، هما الصين والهند من النفط الخام الروسي المخفض، بينما تبقى المشكلة الرئيسة أنه لا تزال توقعات الطلب ضبابية بسبب تطورات كوفيد في الصين.
هذا وتلقت الأسعار أيضا محفزا جيدا من توقعات تشديد السياسة النقدية الأقل حدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي وأدت إلى مؤشرات إيجابية في مسار تعافي الطلب، ما دعم انتشار توقعات بالارتفاع للعام بأكمله في قطاع النفط.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية