الصدر يعود إلى المشهد العراقي من بوابة الجمعة الموحدة

الصدر يعود إلى المشهد العراقي من بوابة الجمعة الموحدة

يبدو أن المشهد العراقي مقبل على تصعيد جديد مع توجه التيار الصدري لإنهاء فترة الاعتكاف والعودة مجددا للدفاع عن نفوذه الذي بات مهددا في ظل عملية تجري بصمت من خصومه لتحجيم حضوره في مفاصل السلطة التنفيذية.

بغداد – يتهيأ التيار الصدري إلى العودة إلى المشهد السياسي في العراق بعد فترة انكفاء طويلة نسبيا أثارت لغطا واسعا حول مستقبل التيار الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

واتخذ التيار من إقامة صلاة موحدة في العاصمة بغداد وفي بقية المحافظات الأخرى (باستثناء البصرة) يوم الجمعة المقبل مدخلا للتحضير لهذه العودة، التي من شأنها أن تقلق خصومه من الإطار التنسيقي ولاسيما زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وكان التيار الصدري الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2021 قد انسحب بشكل مفاجئ من العملية السياسية في سبتمبر الماضي بعد أشهر من التجاذبات وصراع الإرادات بينه وبين الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران.

ومكن هذا الانسحاب الإطار من الإمساك بزمام الأمور وتشكيل حكومة ولائية برئاسة محمد شياع السوداني، وتتحضر قوى الإطار لتعزيز وضعها عبر العمل على وضع قانون انتخابي جديد بديل عن القانون الحالي الذي تحمّله تلك القوى المسؤولية عن تراجعها الكبير في الانتخابات التشريعية.

ويرى مراقبون أن قرار التيار الصدري الرجوع إلى المشهد في هذا التوقيت لا يخلو من حسابات سياسية، لاسيما وأنه يتزامن مع اقتراب مرور مئة يوم على تشكيل حكومة السوداني، وبالتزامن مع أزمة مالية نتيجة تذبذب سعر العملة المحلية أمام الدولار.

ويقول المراقبون إن من الدوافع الأخرى التي جعلت التيار يتحرك مجددا عملية تجري لضرب أيّ وجود للتيار في مفاصل السلطة التنفيذية، والذي تقول مصادر إنها بواعز من زعيم ائتلاف دولة القانون.

ويوضح هؤلاء أن الصدر يرى بأن استمراره في سياسة الانكفاء ستكلفه كثيرا سياسيا وحتى شعبيا، وبالتالي فإن التحرك أصبح ضروريا للدفاع عن وجود التيار واستمراريته، مشيرين إلى أن اختيار العودة عبر تنظيم جمعة موحدة هو إشارة منه إلى أن هذه العودة لن تكون عبر بوابة السياسة بل عبر الشارع.

ونشر التيار وثيقة أكد من خلالها أنه “بمناسبة الذكرى السنوية للفتح المبين واللسان الناطق بسم الله ورسوله وأمير المؤمنين، إقامة صلاة الجمعة المباركة في عموم العراق، والتي أخرجت من الظلمات الى النور، على يد ولي أمير المسلمين الشهيد السعيد محمد الصدر (والد مقتدى الصدر) والتي تزامنت مع الولاية المباركة لمولاتنا الزهراء (عليها السلام)”.

ووفق الوثيقة فقد تقرر “أن تكون الجمعة المقبلة جمعة موحدة في عموم المحافظات، وكلٌ في محافظته وبأن تكون الجمعة الموحدة في محافظة بغداد في مدينة الصدر” معقل الصدريين.

ويعتقد المراقبون أن الدعوة إلى الصلاة الموحدة تمهد لتحرك أقوى في الشارع في المستقبل خاصة وأن التيار الصدري لديه قدرة كبيرة على تحريك الشارع واستقطاب الأنصار في محطات سابقة.

ويشير المراقبون إلى أن الساحة السياسية تبدو مقبلة على تطورات ساخنة، حيث أن الصدر لن يتوانى عن القيام باستعراضات قوة في الشارع، وهذه الاستعراضات لن تكون رسائلها موجهة فقط إلى الخصوم المحليين بل وأيضا إلى إيران التي لن ينسى لها الصدر أنها كانت السبب الرئيسي في إجباره عن التخلي عن إنجازه الانتخابي، وخروجه من العملية السياسية من الباب الصغير.

ومن المتوقع أن يتخذ الصدر مسارا أكثر حدية في وجه التدخلات الإيرانية في العراق في الفترة المقبلة وهو ما لوحظ من خلال تأكيد قيادات في التيار على “الحاضنة العربية والخليجية” للعراق.

وانتقد قيادي في التيار الصدري الأربعاء رد فعل إيران بشأن تسمية الخليج العربي، وقال القيادي عصام حسين إنه “لا يوجد أيّ مبرر لقيام إيران باستدعاء السفير العراقي لدى طهران”، معتبرا أن “هذا الأمر يعتبر ضوءا أخضر لأنصار وموالي إيران في العراق لشن حملات ضد تسمية الخليج العربي، في بطولة خليجي 25 المقامة في محافظة البصرة”.

واستدعت إيران في وقت سابق السفير العراقي للاحتجاج على استخدام مصطلح “الخليج العربي” لدى استضافة بغداد النسخة الخامسة والعشرين من كأس الخليج (“خليجي 25”).

وتقام البطولة التي انطلقت الجمعة في مدينة البصرة، مرة كلّ عامين تحت مسمّى رسمي هو “كأس الخليج العربي”، وتشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عمان)، إضافة الى اليمن والعراق الذي يستضيفها للمرة الأولى منذ انطلاقها في 1979.

وقال القيادي في التيار الصدري إن “إيران منزعجة جداً من قضية الاندماج ما بين الشعب العراقي وشعوب دول الخليج العربي، فهي لا تريد هذا التقارب خشية من زيادة الرحلات السياحية مستقبلا وتطور الأمور الى القضايا الاقتصادية والاستثمارية، ولهذا هي تشن هجمات وتصعد بشكل يومي ضد هذا الأمر من خلال الاعتراض على تسمية الخليج العربي”.

وأضاف أن “ايران لديها مشاكل مع دول الخليج العربي، ولهذا هي لا تريد أيّ تقارب ما بين العراق وهذه الدول ولا تريد اندماج العراقيين مع الشعوب العربية، فهي تريد أن يبقى العراق تابعا لها في سياستها الخارجية”.

واعتبر القيادي في التيار الصدري أن “إيران على مدى أربعين عاما تقول هي جمهورية إسلامية، لكن الاعتراض اليوم على تسمية الخليج العربي بدل الخليج الفارسي، يدل على أنها جمهورية قومية، وليست إسلامية”.

وقد شكل رد الفعل الإيراني بشأن استخدام مصطلح “الخليج العربي” إحراجا كبيرا للإطار التنسيقي الذي حاول إمساك العصا من المنتصف بقوله إنه “لا عربيا ولا فارسيا “بل هو “خليج البصرة”، في استحضار لتسمية أوردها المؤرخون.

العرب