لندن- تعمل روسيا على تجنيد رجال الأمن الأفغان ضمن جهودها الحربية ضد أوكرانيا، وهم جنود سبق أن دربتهم الولايات المتحدة.
وتشير تقارير إلى أن البعض من قوات الكوماندوز والجنود الأفغان السابقين انضموا مؤخرا إلى مجموعة فاغنر التي تلعب دورا بارزا في حرب موسكو ضد أوكرانيا.
وأشرفت الولايات المتحدة على تشكيل قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية وتدريبها قبل انسحابها العسكري الذي اكتمل في 2021. وأنفقت ما يقرب من 90 مليار دولار على مدار الأعوام العشرين الماضية. وشاركت فرقة البحرية الأميركية الخاصة (نيفي سيل) والقوات الخاصة البريطانية (أس أي أس) في معظم التدريبات.
وبحسب تقرير لمؤسسة جايمس تاون تركت الولايات المتحدة بعد مغادرتها أفغانستان ما بين 20.000 و30.000 كوماندوز أفغاني.
وعلى الرغم من نفي السلطات الروسية تقارير تفيد بتجنيدها جنودا أفغان سابقين، إلا أن الكثير من رجال الأمن الأفغان السابقين كشفوا أن طهران تجنّد جنودا أفغان سابقين في إيران لنشرهم في ساحات الحرب ضد أوكرانيا.
◙ روسيا تواجه نقصا في الجنود المتمرسين في أوكرانيا، وهو ما جعلها تتوجه إلى إيران ودول أخرى
وبحسب التقارير منح الكرملين أولئك المقاتلين الجنسية الروسية وحياة أفضل في روسيا مقابل القتال لصالحها في أوكرانيا، حيث فر آلاف الجنود بعد الانسحاب الأميركي إلى إيران خوفا من بطش طالبان.
وتحدّث عضو سابق في القوات الخاصة الأفغانية عن تخلي الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية السابقة عن هؤلاء، معربا عن أسفه لأنه “بعد سقوط النظام الرئاسي الخائن في البلاد، باعتنا الولايات المتحدة وسلمت البلاد للإرهابيين (طالبان)… لم يعد لدينا مكان نعيش فيه في أفغانستان لأن إرهابيي طالبان طاردونا… لقد نجحوا في القبض على العديد من أقراننا وقطعوا رؤوسهم وأجبرونا على مغادرة أفغانستان”.
وتلعب طهران من جانبها دورا رئيسيا في تجنيد عناصر الكوماندوز الأفغان السابقين والجنود الموجودين الآن في إيران نيابة عن موسكو. وقال القائد السابق لقيادة العمليات الخاصة في أفغانستان فريد أحمدي “يتواصل التجنيد الآن في إيران وأفغانستان. إنهم يعرضون عليهم رواتب وتأشيرات لأفراد عائلاتهم والانتقال إلى بلدان أخرى مقابل خوض الحرب إلى جانب الروس”.
وعرضت موسكو على الجنود الأفغان راتبا شهريا قدره 1500 دولار وملاذا آمنا لأنفسهم ولعائلاتهم، وهم الذين يواجهون تهديدات بالقتل من طالبان في أفغانستان.
وتواجه روسيا نقصا في الجنود المتمرسين في أوكرانيا، وهو ما جعلها تتوجه إلى إيران ودول أخرى. لذلك يتزايد خوف الجنود الأفغان في إيران من الترحيل.
وقال العقيد السابق في الجيش الأفغاني رحمة الله حسن، المقيم الآن في السويد، “لجأت موسكو الآن إلى تجنيد أفراد أفغان لمنع أكبر هزيمة لها في الحرب الأوكرانية”. وأضاف “لم ترسل إيران قوتها المقاتلة الأفغانية البالغ قوامها 60 ألف جندي (فرقة ‘فاطميون’ البالغ تعدادها ستة آلاف جندي)، والتي اعتمدتها في حربيْها في العراق وسوريا، لأن جنود ‘فاطميون’ من الشيعة. وبدلا من ذلك قررت الاستفادة من الوضع الصعب الذي يعيشه أفراد قوات الكوماندوز الأفغانية الذين لجأوا إلى إيران وبدأت تجنّدهم بموجب قرار مشترك مع روسيا ومجموعة فاغنر”.
وحذر عبدالهادي أرغانديوال، المسؤول الأمني الأفغاني السابق، من أن دمج القوات الخاصة الأفغانية في الجيش الروسي “سيغير قواعد اللعبة” في ساحة المعركة الأوكرانية.
واتهم منتقدون طهران بمساعدة موسكو وحضّها على مواصلة حربها في أوكرانيا. وقال أرغانديوال إن “الحكومة الإيرانية شريك في جرائم روسيا في حرب أوكرانيا. حيث زودت القوات الروسية بأنواع مختلفة من الأسلحة والطائرات دون طيار حتى لا يضعف حليفها الإستراتيجي ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في حرب أوكرانيا”.
لكن إيران نفت التقارير التي تفيد بأنها ترسل جنودا أفغان سابقين للقتال في صف روسيا. ورد المسؤول الإعلامي للسفارة الإيرانية في كابول عباس بدري بقوله “قد تكون هناك شائعات بشأن استخدام القوات الأفغانية في الحرب الأوكرانية، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية”.
ومع ذلك، تزعم بعض سلطات طالبان أيضا أن إيران تستخدم جنودا أفغان سابقين كقوة عسكرية في سوريا والعراق وأوكرانيا. وقال القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين والعودة في حكومة طالبان خليل الرحمن حقاني “شاركت هذه القضية مع السلطات الإيرانية، وسبق أن استُخدم الأفغان في القتال في العراق وسوريا، وربما حدث ذلك في الحرب الأوكرانية أيضا”.
ومن المفارقات أن موسكو تجند أعداء طالبان في الوقت الذي تحاول فيه توطيد علاقاتها بكابول. ووقعت روسيا في سبتمبر الماضي اتفاقية تجارية مع طالبان، في خطوة لتعزيز العلاقات مع أفغانستان. ووافقت موسكو بموجب الاتفاق على أن توفّر لكابول المنتجات البترولية والقمح بسعر مخفّض.
العرب