دافوس (سويسرا) – كشف رئيس وزراء كردستان العراق مسرور بارزاني عن تعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بتجميد الإجراءات القضائية التي كانت أصدرتها المحكمة الاتحادية بشأن قانون النفط والغاز، مشيرا إلى انفراجة في الخلافات التي طال أمدها حول تقاسم العائدات، من خلال التوصل إلى اتفاق في هذا الملف في غضون أشهر.
وتأتي هذه التصريحات بعد تحركات سياسية خلال الفترة الأخيرة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، لأجل حسم ملف قانون النفط والغاز، في ظل انفتاح سياسي ملموس وتعاون ظاهر للعيان لحسم الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، في سبيل التوصل إلى تفاهمات مشتركة تطوي مرحلة طويلة من الخلافات السياسية والاقتصادية.
وقال بارزاني، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، “ما اتفقنا عليه هو أن كل تلك الضغوط على حكومة إقليم كردستان ستتوقف، وتوقفت في الوقت الحالي، وسننتظر حتى يكون لدينا قانون النفط والغاز”.
وفي حديثه بعد محادثات في بغداد الأسبوع الماضي مع رئيس الوزراء العراقي، قال بارزاني إن الحكومة الاتحادية تعهدت بأن تجمد في الوقت الحالي الإجراءات القضائية التي اتخذتها للسيطرة على عائدات النفط والغاز من الإقليم.
ولطالما شهدت العلاقات بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومات الاتحادية في بغداد خلافات مستمرة بشأن تصدير النفط، حيث يتولى الإقليم تصدير نفطه المنتج منذ 2009 بنفسه بالاعتماد على قانون النفط والغاز في الإقليم الذي صوت عليه برلمان الإقليم عام 2007.
واحتد الخلاف العام الماضي بين أربيل وبغداد، بعد حكم أصدرته محكمة اتحادية في فبراير من العام الماضي، اعتبر أن الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان غير دستورية.
والقرارات التي تصدر من المحكمة الاتحادية العليا، قرارات قطعية واجبة التنفيذ وغير قابلة للطعن أمام محكمة التمييز الاتحادية.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق، قد أثار مخاوف من تراجع تحالف “الإطار التنسيقي” عن تعهداته التي قطعها للحزب بتنفيذ شروطه لتشكيل الحكومة الجديدة، والتي من بينها ملف النفط والغاز في الإقليم، وقرار المحكمة الاتحادية بهذا الشأن، والتفاهم على تشريع قانون جديد للنفط والغاز في البرلمان.
لكن الاتفاق على مدفوعات منتظمة من الميزانية من بغداد سيساعد السلطات في حكومة إقليم كردستان على حل أزمة التأخر في السداد لشركات النفط الدولية بالمنطقة، فضلا عن تخفيف تراكم رواتب موظفي حكومة إقليم كردستان.
وإلى حين التوصل إلى هذا الاتفاق، سيتعاون الجانبان في إدارة حقول النفط ومبيعات النفط وتقاسم الإيرادات، الذي قال إنه سيصبح رسميا في نهاية المطاف في الميزانية.
وردا على سؤال لـ”رويترز” بشأن موعد الاتفاق على قانون النفط والغاز، قال بارزاني إنه “سيتم في غضون أشهر”. وأضاف “كان لدينا إطار زمني مدته ستة أشهر. لا أعرف مدى واقعية هذا.. لكنني آمل أن نتمكن من القيام بذلك في أقرب وقت ممكن”.
وبموجب الدستور العراقي، من حق حكومة إقليم كردستان الحصول على جزء من الميزانية الوطنية. لكن هذا النظام انهار في 2014 حين سيطر الأكراد على حقول النفط الرئيسية في شمال العراق بكركوك من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وبدأوا في بيع الخام من هناك بشكل مستقل.
وفي عام 2018، استعادت القوات العراقية الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك مدينة كركوك النفطية. واستأنفت بغداد ضخ بعض المدفوعات في الميزانية، لكن الضخ كان متقطعا، وحاولت الحكومة الاتحادية إخضاع إيرادات حكومة إقليم كردستان لسيطرتها، بما في ذلك من خلال أحكام المحاكم المحلية وتهديدات التحكيم الدولي.
وأثرت المواجهة على قدرة حكومة كردستان على الدفع لشركات النفط الدولية العاملة على أراضيها وعلى دفع رواتب الآلاف من الموظفين المحليين.
وقال بارزاني “حرصنا دائما على أن تعرف جميع شركات النفط الدولية وتجار النفط أن حكومة إقليم كردستان ملتزمة بشدة بدفع ما عليها للشركات”.
وأضاف أن بعد التوصل إلى اتفاق مع بغداد، فإن حكومة إقليم كردستان “ستعجّل المدفوعات وتتأكد من أن بمقدورنا سد الفجوة… التي تساهلوا فيها حتى الآن”.
وينتج الإقليم 400 إلى 420 ألف برميل نفط يوميا، يتم تصدير أغلبه، وتبقى 25 ألف برميل للاستهلاك المحلي.
وكانت موازنة 2023 قد تسببت في أزمة جديدة بين الحكومة العراقية الاتحادية وإقليم كردستان العراق مع اقتراب إقرارها خلال الفترة المقبلة، إذ باتت موضع خلاف، في ظل توجه وفود كردية نحو بغداد التي تتمسك بالدستور لحل تلك الخلافات، في حين يأمل الإقليم بأن تسفر التفاهمات والتوافقات السياسية عن إعادة حصته إلى 17 في المئة في موازنة العام الجديد، بسبب الكثافة السكانية التي يشهدها الإقليم.
وتريد حكومة أربيل المشاركة في إعداد الموازنة الاتحادية، لكن حكومة السوداني لا يبدو أنها في وارد الاستجابة لهذا الطلب، حيث إن القوى السياسية الداعمة لها مصرّة على الحفاظ على ذات النسبة من الموازنة لكردستان إلى حين القيام بالتعداد السكاني.
العرب