عقدان على افتتاحه.. هل ينجح بايدن بإغلاق معتقل غوانتانامو؟

عقدان على افتتاحه.. هل ينجح بايدن بإغلاق معتقل غوانتانامو؟


ربيعة إكلال توران: تغير الكثير منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 الإرهابية على الأراضي الأمريكية، والتي شنت واشنطن بعدها ما يسمى بـ”الحرب العالمية على الإرهاب”.

وفي أغسطس/ آب 2021، سحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان، لكن السجن العسكري الأمريكي بخليج غوانتانامو في كوبا ظل مفتوحا لاحتجاز مشتبه بهم اعتقلوا في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى.

تأسس السجن سيئ السمعة في 11 يناير/ كانون الثاني عام 2002 في منطقة خليج غوانتانامو التي استأجرتها الولايات المتحدة لقواتها البحرية عام 1903 من كوبا.

ومنذ 21 عاما، احتجز في السجن المعروف أيضا باسم “غيتمو” نحو 780 معتقلا معظمهم دون تهمة أو محاكمة، حيث يقال إن الكثيرين مروا فيه بأهوال لا توصف.

ولا يزال في غوانتنامو 35 معتقلا، بينهم 20 مؤهلون للنقل خارج السجن وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، غير أن محاولات إغلاقه تزداد صعوبة مع توقيع الرئيس بايدن على مشروع قانون جديد.

إغلاق صعب

ومنذ افتتاحه، ظل سجن غوانتانامو في قلب السياسة الأمريكية، حيث وعد الرئيس الأسبق باراك أوباما بإغلاقه لكن ذلك لم يحدث بسبب معارضة شديدة من الكونغرس.

وعلى عكس أوباما، قرر الرئيس السابق دونالد ترامب إبقاء السجن المثير للجدل مفتوحا، وأمر بوقف فوري لعمليات نقل المعتقلين، حيث تم نقل سجين واحد فقط من غوانتانامو تحت إدارته.

وفي الأسابيع الأولى من ولايته، أعلن الرئيس جو بايدن نيته إغلاق معسكر الاعتقال، لكن دون جدوى.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، وقع بايدن على مشروع قانون في الشؤون الدفاعية بقيمة 770 مليار دولار، يتضمن أحكاما تمنع استخدام الأموال لنقل المعتقلين إلى سجون في دول أجنبية، ما يجعل من المستحيل عليه إغلاق غوانتانامو.

وفي تصريح أثناء توقيعه على مشروع القانون، انتقد بايدن تلك القيود قائلا: “أحث الكونغرس على إلغاء تلك القيود في أسرع وقت ممكن”.

وبحسب كارين غرينبيرغ مديرة مركز الأمن القومي في كلية الحقوق بجامعة فوردهام، فإن إدارة بايدن “تتخذ بعض الخطوات النشطة للغاية” في إغلاق السجن.

وأشارت في تصريحات صحافية إلى أن إدارة بايدن عينت في سبتمبر/ أيلول 2022 تينا كايدانو، ممثلة خاصة للإشراف على نقل المعتقلين.

وأضافت: “أنا متفائلة بأنهم سيغلقونه. وأعتقد أنه يتعين عليهم الحفاظ على الوتيرة القوية التي بدأوا بها” في هذا الشأن.

وأوضحت أن غوانتانامو كان “خطأ”، مشيرة إلى أنه “تم إنشاؤه ليكون موجودا خارج القانون، حيث يبقي الناس فيه دون تهمة لمدة 21 عاما”.

وقالت غرينبيرغ: “فشلنا في محاكمة الأفراد المتهمين بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهو أمر غير عادل لعائلات الضحايا وللمتهمين أنفسهم”.

معتقل بالخطأ

بين الـ780 معتقلا ممن كانوا في غوانتانامو، المواطن اليمني منصور الضيفي (40 عاما) الذي ظل مسجونا نحو 15 عاما.

تم تسليم الضيفي إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عام 2002، عندما كان في الـ18 من عمره بعد ذهابه من اليمن إلى أفغانستان لإجراء بحث.

اتُهم الضيفي بأنه زعيم مصري لتنظيم القاعدة، لكن لم يتم إخباره في البداية بالتهم الموجهة إليه لينقل بعدها إلى خليج غوانتانامو.

ويتذكر الضيفي الأشهر الثلاثة الأولى له في سجن قندهار بأفغانستان قائلا: “كنت في مكان أسود مظلم تماما”، مضيفا أنه تم تجريده من ملابسه وتعذيبه.

نُقل الضيفي لاحقا إلى غوانتانامو، حيث احتُجز دون توجيه تهمة إليه حتى يوليو/ تموز 2016.

وفي مقابلة من منزله في صربيا عبر برنامج “زوم”، قال الضيفي للأناضول: “لم تكن لدينا أي فكرة عن مكان وجودنا. ولم يخبرونا قط عن الاتهامات الموجهة ضدنا أو سبب وجودنا هناك”.

وحول الوقت الذي قضاه في غوانتانامو، ذكر الضيفي: “15 عاما، أعتقد أنها كانت (قضية) خطأ في تحديد الهوية”.

وعندما قررت السلطات الأمريكية أن الضيفي لا يشكل أي تهديد للبلاد، أرسلته إلى صربيا.

وصمة عار

كلايف ستافورد سميث، محامي حقوق الإنسان الدولي الذي يمثل أربعة محتجزين في غوانتانامو، قال للأناضول إن “20 من 35 شخصا متبقين في السجن تمت تبرئتهم ويتوقع إخراج المزيد من الأشخاص قريبا”.

وفي مقابلة معه عبر “زوم” من سجن غوانتانامو حيث ذهب لزيارة موكليه أضاف: “عندما أخرج موكليّ الحاليين، سأساعد في قضايا أخرى”.

ويعتقد سميت أن غوانتانامو “وصمة عار على سجل حقوق الإنسان الأمريكي”، مشيرا إلى أنه “يجب ألا نتوقف عن العمل حتى نغلقه”.

ورغم عدم قناعة سميث بأن بايدن سيغلق غوانتانامو، إلا أنه يقول: “يجب أن نستمر في المحاولة والضغط، لأنه ليس من مصلحة أحد أن يظل هذا المكان مفتوحا”.

وأضاف: “ننفق حاليا أكثر من 14 مليون دولار سنويا على كل سجين، وهي أموال يمكن إنفاقها بشكل أفضل بكثير على الرعاية الصحية للفقراء. هذا إهدار تام للمال”.

وآخر عملية نقل من غوانتانامو تمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما عاد رجل الأعمال الباكستاني سيف الله باراشا أكبر سجين سنا في غوانتانامو، إلى بلده بعد أكثر من 18 عاما.

ورداً على أسئلة الأناضول عبر البريد الإلكتروني، قال متحدث في الخارجية الأمريكية إن إدارة بايدن “ستبقى ملتزمة بعملية مدروسة وشاملة، تركز بشكل مسؤول على تقليص عدد المحتجزين في خليج غوانتانامو وإغلاق المنشأة في نهاية المطاف”.

وقال المتحدث إن الخارجية الأمريكية تسعى لتحديد “الدول المناسبة لنقل المعتقلين والتفاوض بشأن اتفاقيات النقل وإعادة التوطين، بما في ذلك ضمانات الأمن والمعاملة الإنسانية المناسبة”.

وأفاد بأن واشنطن تشارك في عملية مراجعة مشتركة بين الوكالات المعنية، لضمان أن قانون الاحتجاز لم يعد ضروريا للحماية من أي تهديد مستمر وكبير لأمن الولايات المتحدة.

حياة جديدة

ليس من السهل على المعتقلين الانتقال إلى دولة أخرى وبدء حياة جديدة بعد سنوات من السجن.

يقول الضيفي إنه أُرسل إلى صربيا “رغماً عنه”، مشيرا إلى أنه رفض الذهاب بسبب ذكرياته من التسعينيات “عندما ذبحت القوات الصربية مسلمي البوسنة”.

كما لم يتمكن الضيفي من لقاء أحبائه في اليمن بسبب الحرب الأهلية المستمرة، ولم يستطع أيضا السفر خارج صربيا لأنه لا يملك جواز سفر.

وفي محاولة لاستعادة حياته، درس الضيفي في إحدى الجامعات في صربيا، حيث كتب أطروحة حول اندماج معتقلي غوانتانامو السابقين، بينما كتب عام 2021 مذكرات عن اعتقاله في غوانتانامو تحت عنوان “لا تنسونا هنا”.

ويقضي الضيفي معظم وقته في الدعوة لإغلاق السجن والإفراج عن بقية المعتقلين الآخرين بدون تهمة والذين يصفهم بأنهم “إخوته”.

وأضاف: “أعتقد أن الخطوة الأولى التي يجب أن نراها هي إطلاق سراح أولئك الذين تمت تبرئتهم، وفي حال ارتكاب أي شخص جريمة ما، فيجب أن يمنح محاكمة عادلة”.

ودعا الضيفي بايدن إلى “إغلاق غوانتانامو” مشيرا إلى ضرورة “العدالة للجميع.. لضحايا الحادي عشر من سبتمبر وللسجناء”.

(الأناضول)