بدا الانقسام يتعمّق داخل «الإطار التنسيقي» الشيعي، الداعم الأساس لرئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، على خلفية بروز أربعة ملفات يتمحّور حولها الخلاف الشيعي ـ الشيعي، المتصاعد منذّ نحو شهر، تتركز في حصّد أكبر قدرٍ من مغانم السلطة، عبر السيطرة على الإجراءات الحكومية في توزيع المناصب الرفيعة، يضاف لها تضرّر «مصالح حزبية» من أزمة ارتفاع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي.
وفي الوقت الذي يمضي فيه السوداني في سياسة مسّك العصا من المنتصف، في إدارة دفّة الحُكم في البلاد المُثقل بالأزمات، غير أنه يواجه ضغوطات هائلة تمارسها أطراف سياسية شيعية داخل «الإطار»، تهدف للحفاظ على مكاسبها وإدارة البلد، وفقاً لذلك الهدف.
وألمح السوداني إلى تلك الضغوطات بقوله: «أشدّد على جميع القوى الفاعلة بضرورة الابتعاد عن المناكفات والتجاذبات التي لم تعدْ وسيلة مناسبة لتصحيح مسار الوضع السياسي في العراق».
وبدأت علاقة السوداني بالتحالف الشيعي تأخذ طابعاً آخر على إثر تصريح أدلى به لصحيفة «وول ستريت جورنال» قبل أيام، تحدّث فيه عن حاجة العراق لوجود القوات الأجنبية.
ويبدو أن تصريحات السوداني هذه أفقدته ثقة قادة الفصائل الشيعية المقرّبة من إيران، والتي تركّز على إنهاء الوجود الأجنبي – الأمريكي على وجه الخصوص، على أرض العراق.
وبالإضافة إلى ذلك، تحدثت تقارير عن امتداد الخلاف داخل «الإطار» الشيعي إلى المناصب الأمنية، وتحديداً منصب رئيس جهاز المخابرات الذي يخضع لإشراف السوداني حالياً، عقب إنهاء تكليف رائد جوحي- المقرّب من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي ـ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وتشير المعلومات إلى إن قادة الفصائل المسلحة يتطلعون لشغل المنصب، غير أن قوى سياسية في «الإطار» ترفض تولي شخصيات «حزبية» مناصب أمنية، في نقطة خلاف ثانية.
وبالإضافة إلى ذلك، يراقب «الإطار» تنفيذ السوداني توجيهاً سابقاً (في 12 كانون الثاني/ يناير الماضي) يقضي بتقييم أداء المسؤولين في حكومته، الذين وصلوا إلى مناصبهم بالأساس بدعم سياسي للكتل الفائزة في الانتخابات، إذ أمهل السوداني المدراء العامين، ثلاثة أشهر، ليجري بعدها تقييم لأدائهم، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتمَّ بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.
وفي حال إقدام السوداني على تنفيذ وعده هذا، فإنه سيضع نفسه في مواجهة مباشرة مع قادة «الإطار» الذين أمّنوا وصول مرشحيهم لتلك المناصب.
وليست ببعيدة عن تلك الأسباب التي عمّقت الخلاف داخل «الإطار»، القيود الأمريكية على عدد من البنوك العراقية المتورطة بقضايا تبييض الأموال وتهريب الدولار إلى دول مجاورة للعراق، أبرزها إيران، والتي تعود بالأساس لقوى وقادة سياسيين مرتبطين بالتحالف الشيعي الحاكم، لتضيف أزمة جديدة.
ويبدو أن اختيار السوداني الوقوف إلى جانب الإجراءات الأمريكية ـ العراقية، ضرب المصالح المالية لتلك القوى المرتبطة بعلاقات مباشرة مع إيران، الأمر الذي يعزّز من الانقسام الشيعي ـ الشيعي.
القدس العربي