خلافات داخل حكومة الدبيبة بشأن اتفاقية غاز مع إيطاليا

خلافات داخل حكومة الدبيبة بشأن اتفاقية غاز مع إيطاليا

طرابلس – عارض وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها محمد عون إبرام اتفاق مع شركة “إيني” الإيطالية لتفعيل اتفاق الاستثمار في حقلي غاز في البحر المتوسط مؤكدا أنه “غير قانوني” و”يفتقد للندية بين البلدين”، ما يوحي بوجود خلافات داخل حكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية ولايتها التي تبحث من خلال هذا العقد انتزاع شرعية دولية.

ووصلت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، رفقة وفد حكومي رفيع السبت إلى العاصمة الليبية طرابلس ، في زيارة للقاء عدد من مسؤولي حكومة الوحدة الوطنية، لتبحث خلالها الشراكة السياسية وقضايا التعاون في مجال الصناعة والتجارة وإمدادات الطاقة والأزمة في ليبيا، إضافة إلى ملف الهجرة غير القانونية.

وكان في استقبال ميلوني رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة ووزيرة خارجيته نجلاء المنقوش، ووزير الدولة وليد اللافي، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.

وعقب مراسم الاستقبال، توجه الطرفان لبحث المسائل المشتركة، قبل عقد مؤتمر صحافي مشترك بين الدبيبة وميلوني.

وفي الأثناء، اجتمع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة مع الرئيس التنفيذي لشركة “إيني” الإيطالية للطاقة كلاوديو ديسكالزي، السبت، لتوقيع اتفاق تطوير حقلي غاز قبالة الساحل الغربي لليبيا.

وكشف بن قدارة في تصريحات سابقة أن الشركة الإيطالية وافقت على استثمار ثمانية مليارات دولار لتطوير حقلي الغاز.

وقال عون إن تفعيل اتفاق الاستثمار في حقلي غاز في البحر المتوسط “استراكشن أ، واستراكشن ب” لإنتاج 850 مليون قدم مكعب، “غير قانوني ويفتقد للندية بين الجانبين الليبي والإيطالي”.

وأضاف في تسجيل مصور، إن فتح التفاوض مع “إيني” كان مسألة خاطئة، لأن هذا الموضوع جرى التفاوض عليه في العام 2008 من خلال 5 لجان كنت رئيس اللجنة الرئيسية بها، موضحا أن اللجان الأخرى شملت “الجوانب الفنية والمالية والقانونية، علاوة على لجنة وزارية مصغرة برئاسة أمين اللجنة الشعبية العامة سابقا، وكان فرحات بن قدارة أحد أعضائها، بالإضافة إلى المؤسسة الوطنية للنفط سنة 2008″، وأضاف “لم يوقع العقد في 2008، بل جرى تعديل العقود السابقة”.

ولفت الوزير إلى أن “هذه المنطقة جرى اكتشافها منذ السبعينيات ولم يتم تطويرها نتيجة تلكؤ الجانب الإيطالي، وعدم متابعة المؤسسة الوطنية للنفط”، وأوضح أن “الاتفاق مع الشركة الإيطالية كان ينص على أن تكون حصتهم 40 بالمئة ويجري تخفيضها إلى 30 بالمئة بعد 10 سنوات، وجرى اعتمادها من اللجنة الشعبية العامة”.

وتساءل وزير النفط الليبي “حصتهم المقررة كانت 30 بالمئة كيف تصبح 37 بالمئة حسب الاتفاق الجديد”، كما انتقد “مناصفة المصاريف الاستثمارية بين ليبيا والشركة الإيطالية”.

وتابع عون “لا يجوز لابن قدارة فتح التفاوض إلا بإذن الحكومة”، مشيرا إلى أنه “جرى الاتفاق مع الجانب الإيطالي في العام 2008 ورفع هذه التوصية إلى اللجنة الشعبية العامة”، مضيفا “طلبت من رئيس مؤسسة النفط في مذكرة رسمية أن يتقدم بمذكرة بالمبررات القوية لإعادة فتح التفاوض”.

وأشار وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية إلى أن هذا الاتفاق “مخالفة صريحة واضحة، وتفريط في حقوق وثروة مكتسبات الدولة الليبية بعد مفاوضات مريرة، خصوصا مع ارتفاع أسعار الغاز في العام 2008”.

ويوحي رفض وزير النفط في حكومة الدبيبة للاتفاق مع شركة “إيني” بوجود خلافات داخل حكومة الدبيبة يرجح أنه بشأن الصلاحيات بينه وبين رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة.

وسبق أن أكد عون في تصريحات في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” الروسية قبيل زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن بلاده لا تمتلك فائضا من الغاز للتصدير، مشيرا أن ليبيا لاتزال بحاجة إلى الغاز لتشغيل محطات الكهرباء.

كما ترفض الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا هذا التوجه، مؤكدة اعتراضها على ما سمته “الصفقة الغامضة” بين مؤسسة النفط و”إيني”.

وأكدت حكومة باشاغا رفضها محاولة “إحياء الحكومة الميتة” من خلال “إقحام قوت الليبيين في مثل هذه الصفقات”، مستهجنة “السلوك الانتهازي للحكومة الإيطالية الذي يتجاوز المصالح الليبية العليا ويغامر بالعلاقة الطيبة بين البلدين”.

ويرى مراقبون أن حكومة الدبيبة تريد من خلال توقيع هذه الاتفاقية بعد أن أبرمت في أكتوبر مذكرة تفاهم مع تركيا للتنقيب عن الطاقة، البحث عن شرعية دولية بعد انتهاء ولايتها منذ يونيو الماضي.

ويرى مراقبون أن حكومة الوحدة ستسعى لاستغلال هذه الزيارة لإضفاء شرعية على وجودها في ظل مواقف عربية ودولية متباينة بشأنها. وكانت مقاطعة عدد من الدول العربية لاجتماع تشاوري لمجلس الوزراء العرب في طرابلس قد تسببت في إحراج كبير لحكومة الدبيبة.

ومع إعلان حكومة الوحدة عن استعدادات لاستقبال ميلوني، تداعت بعض القوى الليبية معربة عن خشيتها من هذه الزيارة على غرار وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير،

وقال الصغير إن أي اتفاقيات طويلة المدى في الوقت الحالي يشوبها عدم المشروعية، ناهيك عن كونها ستكون أقرب لعقود الإذعان منها للاتفاقيات.

وأضاف الصغير، عبر حسابه على فيسبوك “لا مصلحة لليبيا وشعبها في الدخول في صراعات حول مصادر الطاقة مع الدول المنتجة والمستهلكة والمنتجين الدوليين”.

وتابع “الحكمة والتروي يجب أن يكونا حاضرين في أذهان منْ يتولون المرحلة وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة”.

واستطرد “النظر في الأمر من زاوية واحدة وهي زيادة الإنتاج وبالتالي الواردات هو عدم إدراك لمخاطر هذه الملفات، وأي توقيع مع إيطاليا أو غيرها الآن هو عقود إذعان وليس اتفاقيات (أي بين منْ يملك ومنْ لا خيار له).

ومنذ قرابة العام، تجدد الانقسام الحكومي في ليبيا بين حكومة الدبيبة التي تسيطر على غرب البلاد وعاصمتها ومؤسساتها السيادية والمالية، وترفض تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، بينما تتخذ حكومة باشاغا من مدينتي بنغازي وسرت مقرا لها، وتصر على تفردها بالشرعية.

العرب