يتصاعد مستوى التوتر بين إيران وإسرائيل بعد هجوم أصفهان على مصنع لإنتاج الصواريخ وتطويرها، تجدد بهجومين على قافلتين على الحدود العراقية- السورية، فيما ذكرت تقارير مقتل قائد كبير في الحرس الثوري وحراسه الشخصيين.
التسريبات الأولية حاولت أن تنسب الهجوم إلى الولايات المتحدة، وهو ما ليس معهوداً على سياسة واشنطن، بحيث تعلن بنفسها ما إذا كانت قد هاجمت، وسارع المسؤولون الأميركيون إلى تسريب أن إسرائيل في تقديرهم كانت وراء الهجوم في أصفهان، وأنه في الحادثتين، بما في ذلك التي عند معبر الحدود العراقية- السورية، لم تكن الولايات المتحدة متورطة فيها، واتهمت إيران إسرائيل بالهجوم، وكالمعتاد هددت برد قوي.
وقع الهجوم في أعقاب سلسلة من التطورات بينها استمرار تزويد إيران بالطائرات من دون طيار لروسيا الذي من المحتمل أن يتبعه في المستقبل توريد صواريخ ووقوع أزمة حادة بين طهران وباكو في شأن توطيد العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل، وسلسلة زيارات قام بها كبار المسؤولين الأميركيين إلى إسرائيل بينهم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. وتضع هذه التطورات القضية الإيرانية على رأس جدول أعمال زيارات المسؤولين الأميركيين.
تدرك إسرائيل أن إيران تدرس ردود الفعل المحتملة وتقيمها على أساس التداعيات التي ستسببها وقبل كل شيء على أساس القدرة العملياتية لتنفيذها. من الناحية النظرية تتضمن الأدوات الإيرانية هجمات من سوريا ولبنان والعراق وربما حتى اليمن، كل منطقة معقدة لأسباب عدة منها التفوق الإسرائيلي على الساحة السورية، وعدم رغبة “حزب الله” في زيادة تعقيد دولة لبنان المضطربة في الأساس، أو عدم رغبة العراق في أن يكون ساحة معركة بين طهران وتل أبيب.
لكن من جهة أخرى، تمتلك طهران خيارات في المجال السيبراني التي كانت حتى الآن محدودة الفاعلية، فقد استخدمت الهجمات السيبرانية لشن بعض منها على السفن في الخليج العربي، أو ضد المواقع والشخصيات الإسرائيلية واليهودية، وإذا نجحت، كل ذلك سيؤدي إلى التصعيد في المنطقة خلال الفترة المقبلة.
الموقف الأميركي يحاول احتواء التصعيد المحتمل، فزار كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية تل أبيب للمرة الأولى منذ أن أدت حكومة نتنياهو الجديدة اليمين الدستورية، والزيارات قد تحمل معها فرصاً عدة في ما يخص العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن من جهة ستكون على الطاولة مناقشة صياغة خطة عمل مشتركة ولكنها تنطوي على تحديات بحيث سيطلب من إسرائيل معالجة عدد من القضايا الصعبة لضمان عدم تقويض العلاقات الثنائية القوية بين القدس وواشنطن، لا سيما ملف الفلسطينيين والمستوطنين. كما أنها إضافة إلى الزيارة المحتملة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، فرصة للجانبين لعرض سياستهما في محاولة لصياغة خطة عمل مشتركة للتنسيق في شأن القضية الإيرانية.
في النهاية، يبدو أن إيران التي يسيطر الحرس الثوري على مقاليد الأمور فيها وإسرائيل التي تقودها حكومة يمينية ستدفع المنطقة إلى عدم الاستقرار، وربما يحاول كل منهما تصدير أزماته الداخلية إلى الخارج من أجل تشتيت الانتباه عن أزماته الداخلية، ومن ثم ستشهد المنطقة كثيراً من التوترات الإقليمية في مناطق التماس للمصالح الإيرانية- الإسرائيلية وفي الساحة السيبرانية كذلك، لا سيما أن تل أبيب تستهدف ليس فقط تقييد البرنامج النووي الإيراني، بل تمتد قائمة أهدافها نحو سلوك طهران الإقليمي ومنظومة الصواريخ الباليستية.
اندبندت عربي