بإمكان “الاتحاد الأوروبي”، ويجدر به، إدراج “الحرس الثوري الإيراني” على قائمة الجماعات الإرهابية

بإمكان “الاتحاد الأوروبي”، ويجدر به، إدراج “الحرس الثوري الإيراني” على قائمة الجماعات الإرهابية

بصرف النظر عن المناقشات المشروعة بشأن السياسات، وخلافاً للتصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤول السياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي”، تتمتع أوروبا بسلطة قانونية فائضة وأدلة مفرطة لتصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية.

في 18 كانون الثاني/يناير، صوّت “البرلمان الأوروبي” بأغلبيةٍ ساحقة لصالح إجراءٍ يدعو “الاتحاد الأوروبي” إلى تصنيف “الحرس الثوري الإسلامي الإيراني”، كمنظمةٍ إرهابية. وكانت نتيجة التصويت 598 صوتاً مؤيداً مقابل 9 أصوات معارِضة، مع 31 متغيباً. وفي اليوم السابق، تحدثت رئيسة “المفوضية الأوروبية” أورسولا فون دير لاين في “المنتدى الاقتصادي العالمي” المنعقد في دافوس وأيّدت علناً فكرة تصنيف “الاتحاد الأوروبي” لـ”الحرس الثوري الإيراني” كمنظمة إرهابية. لكن عندما اجتمع وزراء خارجية “الاتحاد الأوروبي” في بروكسل بعد بضعة أيام فقط لمناقشة هذه القضية، اختاروا فرض العقوبات على المزيد من الأفراد التابعين للجماعة على خلفية انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان بدلاً من تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية.

ووفقاً لمسؤول السياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي” جوزيب بوريل،يعود هذا القرار إلى واقع أن هذا التصنيف يتطلب أولاً قراراً من إحدى المحاكم الأوروبية، فقال: “لا يمكن البتّ في هذه المسألة دون محكمة. [لا بد من] صدور قرار من المحكمة أولاً. فلا يمكن القول: “أنا أعتبرك إرهابياً لمجرد أنني لا أستلطفك”. بل [يتم] ذلك عندما تصدر محكمة إحدى الدول الأعضاء في [“الاتحاد الأوروبي”] بياناً قانونياً، أي إدانة ملموسة. ومن ثم نعمل على المستوى الأوروبي، ولكن يجب أن يكون ذلك أولاً قراراً من المحكمة”.

لكن ذلك ليس هو الحال. فليس هناك نقصٍ في الأدلة الداعمة لتصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية، وجميعها مقبولة بموجب القواعد التي تقوم عليها عملية تصنيف المنظمات الإرهابية في “الاتحاد الأوروبي”.

شرح عملية الإدراج على قائمة الإرهاب من قبل “الإتحاد الأوروربي”

إن الأساس القانوني الذي يعتمده “الاتحاد الأوروبي” لتصنيف إحدى الجماعات الإرهابية هو “الموقف المشترك 931” أو CP 931 الذي تم وضعه عام 2001 كوسيلة لتنفيذ القرار رقم 1373 لمجلس الأمن الدولي الذي يقتضي من الدول الأعضاء تنفيذ تدابير “لمنع تمويل الأعمال الإرهابية وقمعها”. ويدعو القرار رقم 1373 نفسه الدول إلى تجريم تمويل الإرهاب، وتجميد الأموال أو الأصول الأخرى لمن يرتكب أعمالاً إرهابية أو يسهلها “دون أي تأخير”، ومنع المتورطين في مثل هذه الأنشطة من استخدام أراضي دولة معينة من أجل “تمويل، أو تخطيط، أو تسهيل أو تنفيذ أعمال إرهابية ضد دول أخرى أو مواطنيها”.

وبموجب “الموقف المشترك 931”، يمكن تصنيف أي شخص أو جماعة أو كيان متورط في أعمال إرهابية “عندما تتخذ إحدى الهيئات المختصة قراراً بشأن الشخص أو الجماعة أو الكيان المعني”. وأوضحت ورقة الوقائع الصادرة عن “الاتحاد الأوروبي” بشأن “الموقف المشترك 931” أن مثل هذا “القرار” يمكن أن يكون دعوةً لإجراء تحقيق أو مقاضاة حول عمل إرهابي أو حتى مجرد محاولة لتنفيذ مثل هذا العمل أو تسهيله” استناداً إلى أدلة أو مؤشرات جدية وموثوقة”. وتضيف ورقة الوقائع أن التصنيفات يمكن أن تستند أيضاً إلى “إدانة مثل هذه الأعمال”، حتى بدون اتهام. وتشير وثيقة سياسة “قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب” المنشورة على الموقع الإلكتروني لـ “المجلس الأوروبي” إلى أن التصنيف على قائمة الإرهاب يجب أن يستند إلى “معلومات دقيقة تشير إلى أنه تم اتخاذ قرار من قبل سلطة قضائية أو سلطة مختصة مماثلة” فيما يتعلق ببدء التحقيق، أو مقاضاة أحد الأفراد الإرهابيين لمحاولته تنفيذ مثل هذا العمل أو تسهيله، أو الإدانة بأي من تلك الأعمال.

بعبارةٍ أخرى، يمكن أن يستند تصنيف “الاتحاد الأوروبي” إلى قرار اتهام من قبل محكمة أو حتى إدانة من قبل محكمة، لكن قرار المحكمة ليس شرطاً ضرورياً للتصنيف. وينص “الموقف المشترك 931” على إمكانية إصدار مثل هذا القرار من قبل سلطة قضائية أو “سلطة مختصة مماثلة”. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون حتى مجرد الشروع في التحقيق كافياً لدعم التصنيف، ويمكن أن يتم ذلك من قبل الشرطة أو غيرها من سلطات التحقيق أو المدعين العامين أو سلطات التصنيف الوطنية أو غيرها.

علاوةً على ذلك، وخلافاً لتصريح بوريل، يشير “الموقف المشترك 931” تحديداً إلى أنه يمكن تنفيذ تصنيف مقترح على قائمة الإرهاب على أساس معلومات من طرف ثالث، وليس معلومات الدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي” فحسب: “يمكن إضافة أشخاص وجماعات وكيانات إلى القائمة على أساس المقترحات المقدمة من الدول الأعضاء بناءً على قرار من سلطة مختصة لدولة عضو أو دولة ثالثة”. وفي الواقع، عندما تتم التصنيفات على أساس معلومات من دولة غير عضو في “الاتحاد الأوروبي”، من المفترض للممثل السامي لـ “الاتحاد الأوروبي” للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، أن يبادر باقتراح التصنيف، وفقاً للمبادئ التوجيهية لـ “الموقف المشترك 931”.

وكما أشار العديد من المسؤولين الأوروبيين مؤخراً، أوضحت “محكمة العدل الأوروبية” على وجه التحديد أنه يمكن أيضاً استخدام التحقيقات أو الإدانات من خارج “الاتحاد الأوروبي” لتبرير إضافة جماعة إلى قائمة الإرهاب الخاصة بـ “الاتحاد الأوروبي”. وعليه، يمكن للتحقيقات والملاحقات القضائية، وفي بعض الحالات تصنيفات دول أخرى أو هيئات متعددة الأطراف، أن تصلح للتصنيف أيضاً. فقد أجرت وزارة العدل الأمريكية تحقيقاتٍ مماثلة من شأنها المساهمة في وضع حجر الأساس للتصنيف من قبل “الاتحاد الأوروبي”، كما هو موضح أدناه.

وفي نهاية المطاف، بينما يتم تقديم اقتراح تصنيف أحد الكيانات إلى “المجلس الأوروبي”، يعود القرار النهائي للدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي” التي يبلغ عددها 27، والتي يتعين عليها التصويت بالإجماع لصالح اعتماد تصنيفٍ معيّن. (الإجماع هو قاعدة التصويت في “المجلس الأوروبي” في جميع مسائل السياسة الخارجية، في حين أن المسائل الأخرى، مثل السياسة التجارية، تتطلب أغلبية مؤهلة فقط.) ومن الناحية العملية، يتردد “المجلس الأوروبي” في بدء أي عمليات تتطلب اتفاقاً بالإجماع إذا لم يكن متأكداً من استعداد جميع الدول الأعضاء لمناقشته. بعبارةٍ أخرى، فإن غياب النقاش حول مسألة على غرار تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية هو بحد ذاته أحد أعراض غياب الوحدة بين الدول الأعضاء بشأن هذه القضية.

أساس الأدلة لإدراج “الحرس الثوري الإسلامي” على قائمة الإرهاب

بالإضافة إلى عدم وجود أي عوائق هيكلية تحول دون تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية، يتوفر أساس استدلالي مهم لمثل هذا التصنيف في ظل الموقف المشترك. ويُعرّف “الموقف المشترك 931” “الأعمال الإرهابية” ويقدم قائمةً من الأمثلة، مثل “الهجمات على حياة أحد الأشخاص التي قد تتسبب في الوفاة” والاختطاف أو أخذ الرهائن و”تصنيع أو امتلاك أو حيازة أو نقل أو دعم أو استخدام” أسلحة أو متفجرات، والمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية. ولكي تُعتبر الأعمال أعمالاً إرهابية، يجب تنفيذها بهدف “ترهيب السكان بشكل كبير” أو “إجبار حكومة أو منظمة دولية بدون وجه حق على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه”. ويمكن أن يكون الهدف من العمل الإرهابي حتى “زعزعة الاستقرار بشكلٍ كبير أو تدمير الهيكليات السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية الأساسية” لأحد البلدان أو المنظمات الدولية.

وتشير جميع الأدلة إلى أن “الحرس الثوري الإيراني” يمارس بشكلٍ فعال هذه الأنواع من الأنشطة بالضبط في أوروبا وخارجها. ووفقاً لمجموعة بيانات يحتفظ بها المؤلف حول العمليات الخارجية الإيرانية (بما في ذلك الاغتيال والاختطاف ومؤامرات المراقبة)، خلال السنوات الخمس الماضية فقط، حرّضت إيران على 33 مؤامرة على الأقل في أوروبا، تشمل مؤامرات في الدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي” مثل قبرص والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا. وشهدت دول أوروبية أخرى مؤامراتٍ إيرانية أيضاً، مثل ألبانيا والسويد والمملكة المتحدة. وفي كل من هذه الحالات، تم فتح تحقيقات. وفي العديد من الحالات، تشارك السلطات القضائية في محاكمات ناشطة تستهدف “الحرس الثوري الإيراني” ونشطاء إيرانيين آخرين. فلنأخذ على سبيل المثال مخطط الاغتيال الذي استهدف برنار هنري ليفي في فرنسا، والمخطط الذي استهدف مسيرة إيرانية معارضة في باريس عام 2018، ومخططات لمراقبة واستهداف المعارضين الإيرانيين في ألبانيا وهولندا وألمانيا والسويد واسكتلندا والمملكة المتحدة، والهجمات على المعابد اليهودية في شمال الراين-وستفاليا. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن “المكتب الفيدرالي النمساوي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب”، انتشرت أجهزة المخابرات الإيرانية في البلاد، بما في ذلك منظمة مخابرات “الحرس الثوري الإيراني” و”فيلق القدس” التابع له.

أما خارج أوروبا، فظهر آخر دليل على التآمر الإرهابي الإيراني في الخارج يوم الجمعة الماضي، عندما اجتمع كبار المسؤولين الأمريكيين في مؤتمر صحفي للكشف عن لائحة الاتهام والقبض على ثلاثة مجرمين متهمين بمحاولة قتل مأجور لصحفي أمريكي-إيراني في نيويورك. وكان المجرمون الثلاثة جزءاً من تنظيمٍ إجرامي منظّم مقرّه أوروبا الشرقية وله صلات بإيران. فقد تم تجنيد زعيم الجماعة الذي كان مقيماً في إيران من قبل عملاء إيرانيين عام 2022 لاغتيال الضحية في الولايات المتحدة. وشدد مدير “مكتب التحقيقات الفيدرالي” كريستوفر راي خلال المؤتمر الصحفي على أن ذلك كان مخططاً إرهابياً إيرانياً: “يظهر هذا السلوك المدان مدى استعداد الجهات الفاعلة الإيرانية لإسكات المنتقدين، حتى بمحاولة اغتيال مواطن أمريكي على أرض أمريكية”.

وفي آب/أغسطس، وجّهت وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهام ضد أفراد من “الحرس الثوري الإيراني” مسؤولين عن مخططات اغتيال في الولايات المتحدة تستهدف مسؤولين كبار سابقين في الحكومة الأمريكية، من بين آخرين. وفي عام 2019، قام عنصران إيرانيان بالاعتراف بالذنب في تهم منبثقة من أنشطتهما الاستطلاعية التي استهدفت منشقين إيرانيين وأهدافاً يهودية في الولايات المتحدة. ومؤخراً، وافق “الحرس الثوري الإيراني” على دفع مبلغ 300 ألف دولار لقاتل، مأجور لقتل جون بولتون (مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق)، وعرض مبلغ مليون دولار لاغتيال وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، وفقاً لإفادة “مكتب التحقيقات الفيدرالي” التي تستند إليها الشكوى الجنائية التي رفعتها وزارة العدل ضد الضابط في “الحرس الثوري الإيراني” شهرام بورصافي. وبورصافي مطلوب من قبل “مكتب التحقيقات الفدرالي“ومتهم بارتكاب الجرائم المحددة التي يعتبرها “الاتحاد الأوروبي” أعمالاً إرهابية، بما في ذلك القتل المأجور ومحاولة تقديم الدعم للأعمال الإرهابية. وفي حالاتٍ أخرى، وجّه المسؤولون الأمريكيون لائحة اتهام ضد أربعة عملاء إيرانيين بتهم الاختطاف بعد أن خططوا لخطف المواطنة الأمريكية من أصل إيراني مسيح علي نجاد من نيويورك وإخراجها قسراً إلى إيران عبر فنزويلا، “حيث كان مصير الضحية ليكون غير مؤكد في أحسن الأحوال”، على حد قول المدعي العام الأمريكي للمنطقة الجنوبية في نيويورك. ووفقاً للسلطات الأمريكية، يدير المسؤول الإيراني الذي يقف وراء هذا المخطط شبكةً أوسع من العملاء الإيرانيين تستهدف بشكلٍ ناشط ضحايا في دول أخرى، بما في ذلك كندا والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة. وبعد عدة أشهر، ألقت الشرطة القبض على رجل يحمل بندقيةً هجومية محشوة بالقرب من منزل علي نجاد، وكان قبل لحظات يقف على شرفة منزلها الأمامية يلتقط صوراً أو مقاطع فيديو بهاتفه. وتم تصويره من خلال الكاميرا المثبتة على بابها. وهذا الرجل هو من اتُهم مع اثنين آخرين بمحاولة القتل المأجور يوم الجمعة 27 كانون الثاني/يناير.

وفي كل من المملكة المتحدة وكندا، تَواصل مسؤولو إنفاذ القانون مع أبناء جالية المغتربين الإيرانيين لتحذيرهم من أن العملاء الإيرانيين قد يحاولون استهدافهم. وحذّر وكلاء المخابرات الأمنية الكندية المواطنين الكنديين من أصول إيرانية من أن “إيران وضعت قائمةً بالأشخاص الذين يعيشون في الخارج والذين تعتبرهم تهديداً للنظام” وشجعتهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة. وقدمت الحكومة البريطانية من جهتها نشرة إنتربول مفادها أن عملاء “الحرس الثوري الإيراني” متورّطون في التخطيط لـ “عمليات قتل ضد المنشقين الإيرانيين في المملكة المتحدة عام 2020”. ووفقاً لرئيس جهاز الاستخبارات البريطاني MI5، كان هناك ما لا يقل عن عشرةمخططات اختطاف أو اغتيال إيرانية تستهدف بريطانيين أو أشخاصاً مقيمين في المملكة المتحدة في الفترة بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر 2022. بعبارةٍ أخرى، لا يوجد نقصٍ في التحقيقات والمحاكمات الأوروبية وغيرها الموثوقة، وحتى في الإدانات المتعلقة بإرهاب “الحرس الثوري الإيراني” حول العالم وفي أوروبا.

ولكن لا يمكن اعتبار جميع التصنيفات الإدارية الوطنية “سلطة مختصة قضائية أو ما يعادلها” بناءً على سابقة قانونية حديثة. فقد قضى حكم صادر في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 عن المحكمة الابتدائية التابعة لـ “محكمة العدل الأوروبية” في قضية “حزب العمال الكردستاني” ضد مجلس “الاتحاد الأوروبي” بأن قرارات التصنيف الإداري الأمريكية غير مقبولة لأنها لا تضمن حقوق المصنَف في الدفاع بما فيه الكفاية. ويعني ذلك أنه لا يمكن لـ “الاتحاد الأوروبي” الاعتماد على تصنيف الولايات المتحدة لـ “الحرس الثوري الإيراني” عام 2019 كجماعة إرهابية. ولكن الحكم سمح بالفعل باستخدام الإجراءات المتخذة من قبل السلطات الإدارية (على عكس السلطات القضائية) عندما تكون “مناطةً بموجب القانون الوطني” بصلاحيات تقييدية مثل التصنيفات، مع الإشارة إلى إمكانية اعتبار وزير الداخلية في المملكة المتحدة “سلطةً مختصة”. يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان “الاتحاد الأوروبي” الاعتماد على تصنيف كندا عام 2012 لـ”فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني”، أو إعلانها عام 2022 الذي صنفت فيه “الحرس الثوري الإيراني” على أنه غير مسموح به في كندا على خلفية تورطه في الأعمال الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان، أو قرارات المملكة العربية السعودية والبحرين بإدراج “الحرس الثوري الإيراني” على لائحة الإرهاب.

على “الاتحاد الأوروبي” أن يكون قادراً على الاعتماد على قرارات التصنيف الخاصة به التي تستهدف “الحرس الثوري الإيراني” على خلفية أنشطته المرتبطة بالإرهاب، مثل الإجراء الذي اتُخذ عام 2020 واستهدف إيران على خلفية أنشطتها في سوريا. وشمل ذلك الإجراء “فيلق القدس” الإيراني الذي عرّف عنه “الاتحاد الأوروبي” على أنه “الذراع المتخصص لـ”الحرس الثوري الإيراني”. وأشار ذلك التصنيف إلى أن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” يساعد النظام السوري على ترهيب شعبه. ولدى “الاتحاد الأوروبي” سجل طويل في تصنيف مسؤولي “الحرس الثوري الإيراني”، ويهدف ذلك جزئياً إلى منع تمويل الإرهاب. وسلّط إجراء اتخذه “الاتحاد الأوروبي” عام 2012الضوء على وجه التحديد على “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإيراني” باعتباره “مسؤولاً عن العمليات خارج إيران” وأداة طهران الرئيسية “للعمليات الخاصة ودعم الجماعات الإرهابية”.

فوائد إدراج “الحرس الثوري الإسلامي” على لائحة الإرهاب

من شأن قيام “الاتحاد الأوروبي” بإدراج  “الحرس الثوري الإيراني” على قائمة الإرهاب أن يجعل الانتماء إلى الجماعة أو دعمها أو حضور اجتماعاتها أو عرض شعارها في العلن فعلاً جنائياً. وإلى جانب تجريم مثل هذه الأنشطة، فإن إدراج “الاتحاد الأوروبي” من شأنه أن يُعرّض”الحرس الثوري الإيراني” إلى “تدابير معززة تتعلق بتعاون الشرطة والقضاء في المسائل الجنائية” ويعرّض أي أموال تحتفظ بها الجماعة في أوروبا لإجراءات تجميد الأصول. بالإضافة إلى ذلك، يمنع توفير أي أموال أو موارد اقتصادية لأي جزء من الجماعة، سواء بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. كما دعا القرار الذي تبناه “البرلمان الأوروبي” إلى توسيع عقوبات منع السفر لتشمل القيادة الإيرانية بكاملها.

ولا يشكل إدراج “الحرس الثوري الإيراني” مجرد حملة رسائل. فإيران تنخرط في أنشطةً يعرّفها “الاتحاد الأوروبي” على أنها “أعمال إرهابية”، حتى في أوقات المفاوضات الحساسة وحتى عندما قد يتم الكشف عنها على أنها الجاني، لأن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أن بإمكانهم القيام بذلك دون دفع أي ثمنٍ يُذكر. وكما يتضح من سعيها المستمر وراء الأنشطة العنيفة، تعتبر إيران أن الفوائد المحتملة لمثل هذه الأعمال كبيرة، في حين أن ثمن محاسبتها بسيط. وإذا أقدم “الاتحاد الأوروبي” على محاسبة إيران بجدية على الأعمال الإرهابية التي كانت تنفذها على مدىالسنوات والأشهر الأخيرة في أوروبا وخارجها، فسيضطر القادة الإيرانيون إلى إعادة النظر في تحليلهم للتكلفة مقابل الفائدة، ولمنفعة هذه السياسات العدوانية والخبيثة مثل التخطيط لقتل المواطنين في شوارع أوروبا واختطافهم.

الخاتمة

يجب تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كمنظمة إرهابية فقط على أساس الأنشطة الإرهابية التي يقوم بها والدعم المادي الذي يقدمه لوكلائه الإرهابيين. ومن الأفضل معالجة انتهاكات إيران الجسيمة لحقوق الإنسان وتوفيرها للطائرات بدون طيار التي تستخدمها روسيا لاستهداف أوكرانيا بواسطة سلطات فرض العقوبات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان أو غيرها من الانتهاكات السارية.

وهناك قضايا جدية تجدر مناقشتها في إطار هذا التصنيف. فإلى جانب مناقشات “الاتحاد الأوروبي” حول تصنيف “الحرس الثوري الإيراني”، كانت تجري مناقشة موازية في المملكة المتحدة التي، على الرغم من أنها لم تعد دولة عضو في “الاتحاد الأوروبي”، تخطط لحظر “الحرس الثوري الإيراني” لأسباب تتعلق بالإرهاب بعد أن أظهر النقاش في البرلمان البريطاني أيضاً دعماً واسعاً ومتعدد الأحزاب لحظر “الحرس الثوري الإيراني”. وتم طرح قضايا أخرى متعلقة بالسياسات للنقاش في المملكة المتحدة، على غرار ما إذا كان هذا الإجراء سيقوض سلطات العقوبات البريطانية الحالية. ونشر “المراجع المستقل لتشريعات مواجهة الإرهاب” في بريطانيا مذكرةً قانونيةً تحذّر من حظر “الحرس الثوري الإيراني” لأسباب قانونية فنية غير متعلقة بالسياسات. لكن في النهاية، يبدو أن حكومة المملكة المتحدة سوف تصنّف “الحرس الثوري الإيراني” كجماعة إرهابية رغم ذلك.

وقد لا يرغب البعض في تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كمنظمة إرهابية خوفاً من عقوبات انتقامية إيرانية أو لمصلحة إبقاء الآفاق مفتوحةً لاستئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني. وهذه مناقشات مشروعة تتعلق بالسياسات. ولكن فيما يتعلق بالمعايير القانونية، يتمتع “الاتحاد الأوروبي” بأكثر من سلطة كافية وأدلة مقبولة لتصنيف الجماعة.

ولا يخطئ مسؤول السياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي” بوريل بقوله إن “الاتحاد الأوروبي” لا يمكنه تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” على أساس عدم إعجابه بالمنظمة فحسب. لكنه يكون مخطئاً بوضوح عندما يؤكد أن التصنيف لا يمكن أن يتم إلى أن تُصدر محكمةٌ في دولة عضو في “الاتحاد الأوروبي” حكماً قضائياً ضد الجماعة. فهناك الكثير من الأدلة المقبولة ضمن إطار عمل “الموقف المشترك 931” على انخراط “الحرس الثوري الإيراني” في ما يعرّف عنه “الاتحاد الأوروبي” على أنه “أعمال إرهابية”، في أوروبا وحول العالم.

ماثيو ليفيت

معهد واشنطن