تبدي القوى السياسية الكردية إجماعا على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العام الجاري، لكنها تختلف حول شروط عقد هذا الاستحقاق المؤجل.
ويصر الاتحاد الوطني الكردستاني وعدد من القوى الكردية الأخرى من بينها حركة التغيير على ضرورة أن تسبق خطوة تحديد موعد إجراء الانتخابات سلسلة من التوافقات لاسيما حول تحديث سجل الناخبين، في ظل اتهامات موجهة للحزب الديمقراطي الكردستاني بتضخيم أعداد ناخبيه في مناطق نفوذه.
ويملك الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني الأغلبية في البرلمان الحالي الممدد له، ورغم أن الحزب لم يعلن أي موقف حتى الآن بشأن تحديث سجل الناخبين، إلا أنه لا يبدو متحمسا للأمر، وهو ما يعزز الشكوك في الاتهامات الموجهة إليه.
وذكرت المصادر أن سجلات الناخبين تحتوي أيضا 900 ألف من الأصوات المتكررة والنازحين والمتوفين، مشيرة إلى أن الحزب الديمقراطي نجح باستخدام هذه الأصوات في تغيير المعادلة البرلمانية والحكومية لصالحه.
وأضافت المصادر أن حزب بارزاني قد أدخل الآلاف من الأسماء من أكراد سوريا في سجلات مفوضية انتخابات الإقليم الخاضعة لسلطة آل بارزاني.
وأكدت حركة التغيير “أحد أحزاب ائتلاف الحكم بالإقليم” عن زيادة ومفارقة كبيرة في سجلات الناخبين في إقليم كردستان مقارنة بإحصاءات المفوضية العليا التابعة للحكومة المركزية، لاسيما في محافظتي أربيل ودهوك الخاضعتين لسلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقال جومان محمد منسق الغرفة القانونية في حركة التغيير في تصريحات لـ”العرب” إن هناك فرقا كبيرا بين سجلات الناخبين التابعة للإقليم وإحصاءات الحكومة المركزية في محافظتي أربيل ودهوك، وأن الفرق يتجاوز التقديرات العلمية والمنطقية بحيث يقارب نحو 677 ألف ناخب في السجلات في المحافظتين وحدهما.
وأكد القيادي في حركة التغيير أن الحزب الديمقراطي الكردستاني أصرَّ خلال اجتماعاته مع الأحزاب والقوى السياسية الكردية على اتباع نظام الدوائر المتعددة لتنظيم الانتخابات التشريعية، أما في ما يتعلق بسجلات الناخبين في محافظتي السليمانية وحلبجة فالفرق ضئيل جدا بحسب تعبيره.
وأوضح محمد أنه ينبغي على الأطراف السياسية الرئيسية خاصة “الاتحاد الوطني وحركة التغيير والتيارات الإسلامية” العمل الجاد وبذل الجهود لتحديث وتنظيف سجلات الناخبين في محافظتي أربيل ودهوك، لافتا إلى أنه في حال إجراء الانتخابات التشريعية بالاعتماد على هذه السجلات فإنها تعتبر انتخابات غير منصفة وستذهب نتائجها لصالح أربيل ودهوك على حساب محافظتي السليمانية وحلبجة.
وتأسست حركة التغيير عام 2009 من قبل نوشيروان مصطفى “مهندس الانتفاضة الكردية” التي اندلعت شرارتها في السليمانية عام 1991، وانحازت الحركة للمعارضة وكانت شعاراتها قائمة على تغيير نظام الحكم ومقارعة الفساد ومعارضة توريث السلطة في الإقليم وحصلت وحدها على ربع مقاعد البرلمان في دورتين من الانتخابات بين الأعوام 2009 – 2013.
لكن الحركة تعيش منذ رحيل زعيمها عام 2017 أزمة قيادة كما خسرت كل مقاعدها ومناصبها في الانتخابات التشريعية الماضية وذلك بسبب الانشقاقات داخل صفوفها وانعدام رؤية واضحة لها في سياساتها بحسب الكثير من المراقبين، بالإضافة إلى التحاق عدد كبير من كوادرها وقيادييها بأحزاب السلطة.
ويرى مراقبون أن حركة التغيير تبدو في مواقفها قريبة من الاتحاد الوطني، وقد يذهب الطرفان حد مقاطعة الاستحقاق التشريعي في حال أصر الحزب الديمقراطي على رفض تحديث سجلات الناخبين.
ولا ترتبط الخلافات حول إجراء الانتخابات في الإقليم فقط بالسجلات، حيث يطالب الاتحاد الوطني الذي يعيش منذ فترة خلافا سياسيا مريرا مع الديمقراطي بتعديل قانون الانتخابات في الإقليم، وأيضا بإعادة تفعيل الهيئة العليا للانتخابات.
وأكدت جوان إحسان عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني في تصريحات صحفية أن “حزبها يؤمن بالانتخابات كإحدى دعائم العملية الديمقراطية، وأنه لم ولن يكون عائقا ويؤمن بالتبادل السلمي للسلطة لكن الاتحاد الوطني لديه مطالب مشروعة حول انتخابات البرلمان الكردستاني أبرزها تنقيح سجلّات الناخبين وتفعيل مفوضية الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات بشكل يضمن إجراء انتخابات شفافة”.
ويتشكك مراقبون في أن يقبل الحزب الديمقراطي الضغوط المسلطة عليه بشأن المطالب المطروحة، وهذا قد يقود إلى مقاطعة سياسية واسعة للانتخابات التشريعية المنتظرة العام الجاري.
بارزاني أكد أنه يجب إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الإقليم خلال هذا العام، وأنه لن يتم قبول أي عذر لتأجيلها
ويلفت المراقبون إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات سيضع الإقليم أمام أزمة خطيرة لاسيما في ظل الصراع الدائر بين الديمقراطي والاتحاد الوطني، والذي لا يبدو أن هناك أفقا لتسويته.
وشدد زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني الشهر الماضي على ضرورة المضي في إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان خلال هذا العام، رافضا أي عذر جديد قد يتسبب بتأجيلها مرة أخرى.
جاء ذلك خلال لقائه في مقر إقامته بمصيف صلاح الدين وفدا أميركيا رفيع المستوى مؤلفا من: المبعوث الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ومبعوث الرئيس الأميركي لشؤون البنية التحتية العالمية آموس هوكستاين.
وأكد بارزاني أنه يجب إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الإقليم خلال هذا العام، وأنه لن يتم قبول أي عذر لتأجيلها.
وتتوزع مقاعد برلمان كردستان الحالي، الذي جرى التمديد له نهاية العام الماضي، على 17 كتلة تضم كافة المكونات والقوميات داخل الإقليم، أبرزها كتلة الحزب الديمقراطي التي لها 45 مقعدا، تليها كتلة “الاتحاد الوطني” ولها 21 مقعدا.
العرب