تقول أوساط سياسية عراقية إن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بغداد وموسكو يبقى رهين الإكراهات الأميركية التي تفرض عقوبات مشددة على موسكو منذ تفجر الحرب في أوكرانيا، وسط ترجيحات بتشديدها.
وتشير الأوساط السياسية إلى أن زيارة الوفد الروسي بقيادة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى بغداد تهدف إلى استكشاف فرص تعزيز العلاقات في ضوء الوضع الراهن، وأيضا سبل تسديد العراق للمستحقات المالية الروسية، لاسيما مع تشديد الولايات المتحدة الخناق على التحويلات بالدولار للبنوك العراقية.
والتقى لافروف خلال زيارته إلى بغداد الاثنين برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس عبداللطيف رشيد إلى جانب نظيره العراقي فؤاد حسين، حيث تركزت المباحثات حول سبل تطوير العلاقات الاقتصادية في ظل العقوبات الأميركية.
وأعلن وزير الخارجية العراقي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي أنه سيبحث في أمر العقوبات في واشنطن خلال زيارته الأربعاء. ورأى أنه لا ينبغي “فرض عقوبات على الجانب العراقي لأن التعاون مع الشركات الروسية مستمر”.
واعترف حسين بوجود “مستحقات على الجانب العراقي” لشركات النفط والغاز الروسية العاملة في العراق، من دون الإفصاح عن إجمالي هذه المبالغ.
وأضاف متحدثا إلى جانب لافروف “درسنا وناقشنا كيفية التعامل مع هذه المستحقات المالية في ظل العقوبات المفروضة على روسيا وفي ظل حماية المصارف العراقية والبنك المركزي”.
وتعهد وزير الخارجية العراقي بعقد اجتماع في بغداد “خلال الأشهر المقبلة” للجنة المشتركة المعنية بالعلاقات الثنائية، قائلاً “سنتطرق إلى هذه المشاكل”.
وتفرض الولايات المتحدة وأوروبا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل حوالي عام عقوبات على مسؤولين في موسكو وعلى عدة بنوك ومؤسسات مالية روسية الأمر الذي أثار مخاوف أطراف دولية من أي تعاملات مع روسيا.
من جانبه، قال لافروف إنه “في ظل الظروف الحالية للقيود غير القانونية التي يفرضها الأميركيون وأقمارهم الصناعية، من المهم جداً حماية العلاقات الاقتصادية القانونية من الضغوط غير القانونية التي يقوم بها الغرب”.
وأضاف لافروف “هذا ما تفعله الكثير من الدول في المنطقة من خلال التحول، بدلا من الدولار، إلى مدفوعات بعملات دول أخرى موثوقة، خصوصا لشحنات النفط”.
ومن المنتظر أن يسافر وزير الخارجية العراقي إلى الولايات المتحدة يوم الأربعاء لمناقشة القواعد الجديدة التي فرضها مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك الفدرالي الأميركي) في نيويورك على معاملات الدولار العالمية التي تجريها البنوك التجارية العراقية وتأثيرها على الاقتصاد العراقي.
وكانت الولايات المتحدة فرضت قيودا مشددة على التحويلات بالدولار للبنوك العراقية، بهدف منع وصولها إلى جهات تخضع للعقوبات الغربية على غرار إيران وسوريا وروسيا.
وقد أدت هذه القيود إلى أزمة مالية في العراق بارتفاع سعر الدولار على حساب العملة المحلية الأمر الذي نتج عنه غلاء كبير في الأسعار، وهو ما زاد في تدهور القدرة الشرائية للعراقيين.
ومؤخرا عقد لقاء في إسطنبول بين مسؤولين أميركيين وعراقيين لبحث هذه القيود، حيث تطالب بغداد بتأجيلها إلى حين تأهيل المصارف العراقية للتعامل معها، وهو ما يرفضه الجانب الأميركي.
ويرى مراقبون أن الوفد العراقي يواجه تحديا كبيرا في إقناع واشنطن بضرورة تخفيف قيودها، لكن من غير الوارد حصول ذلك، في المقابل من المرجح أن تطرح إدارة بايدن حزمة من المطالب الجديدة على الوفد العراقي لاسيما في علاقة بإقليم كردستان وأيضا بإيران وروسيا.
ووصل لافروف الأحد إلى العاصمة بغداد في زيارة رسمية ضمن وفد رفيع المستوى ضم شخصيات حكومية ودبلوماسية وشركات مختلفة وإعلاميين من مؤسسات روسية عدة.
صحيفة العرب