حملت زيارة وزير الخارجية الروسي #سيرغي_لافروف إلى العراق كثيراً من الرسائل ذات الطابع السياسي والأمني والاقتصادي، في وقت تتصارع #القوى_الدولية على الزج بالعراق نحو معسكرها، لا سيما في ظل الحرب الأوكرانية المشتعلة في أوروبا.
يرى مراقبون للشأن العراقي أن روسيا تريد زيادة نفوذها في المنطقة عبر المشهد العراقي الذي يشهد تزاحماً دولياً في هذه المرحلة، مؤكدين أن روسيا اليوم تعمل على ضمان عدم وقوف العراق بالضد منها في ما يتعلق بالاصطفافات المتعلقة بالأزمة الأوكرانية.
تعزيز العلاقات
استقبل رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الإثنين، في قصر بغداد، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والوفد المرافق له. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين الصديقين، إضافة إلى استعراض مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية، إذ أشار الرئيس إلى ضرورة تدعيم وتطوير العلاقات في المجالات ذات الطابع الاستراتيجي والحيوي، وأهمية ترسيخ الاستقرار عبر الحلول السلمية والحوار البناء.
كما تطرق الرئيس إلى أهمية الارتقاء بالتعاون الاقتصادي بين البلدين، لافتاً إلى ضرورة التنسيق والتشاور في شأن القضايا ذات الاهتمام المشترك لتعزيز الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
وأشاد رئيس الجمهورية بمواقف روسيا الداعمة للعراق في حربه ضد الإرهاب وجهوده لحماية أمنه، وأكد في هذا السياق عمق العلاقات بين البلدين.
كما أشار إلى أن العراقيين عانوا من الحروب والعنف طيلة العقود الماضية، وحالياً الوضع آمن ومستقر في جميع المدن العراقية، وهناك ترحيب ودعم من المجتمع الدولي للحكومة في سعيها إلى ترسيخ الأمن والنهوض بالواقع الخدمي.
وشدد الرئيس على أن العراق يسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع جميع دول العالم بما يحقق المصالح المشتركة، لافتاً إلى أن البرنامج الحكومي يشجع على مد جسور التعاون والعلاقات مع الجميع.
خيارات السلام
بدوره، ثمن لافروف موقف العراق الداعي إلى الحوار وتجنب الأزمات وتغليب خيارات السلام بدل الحروب.
كما أكد الوزير الروسي دعم بلاده للعراق، ورغبتها الجادة في تعزيز العلاقات بين البلدين، وتوسيع أطر التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية وتأهيل البنى التحتية.
واستقبل رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الإثنين، وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف والوفد المرافق له.
ونقل لافروف تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى رئيس مجلس الوزراء، ورغبة روسيا في إدامة العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في مجالات متعددة، كما أكد حرص روسيا على أمن العراق واستقراره، والإشادة بجهود العراق في محاربة الإرهاب، ودوره الريادي في تخفيف التوترات بالمنطقة.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء خلال اللقاء عن حرص العراق على إدامة العلاقات مع الأصدقاء، وبين أن الحكومة تتحرك في مجال العلاقات الخارجية من منطلق المصالح المتبادلة والشراكات المستدامة.
وشهد اللقاء التأكيد على تعزيز واستمرار التواصل والتنسيق المعلوماتي بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
حديث الحرب
وأكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن موقف العراق واضح من الحروب، مشيراً إلى أن هناك علاقات تاريخية مع روسيا.
وقال حسين، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، “نرحب بزيارة الوفد الروسي إلى بغداد، وهي فرصة مهمة للاطلاع على وجهة نظر الجانب الروسي في قضايا مختلفة”.
وأضاف أن “موقف العراق واضح من الحروب، لذلك ندعو لوقف إطلاق النار في الحرب الروسية – الأوكرانية، وإنهاء الأزمة عبر الحوار”.
وتابع “تطرقنا في مباحثاتنا إلى قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية، كما درسنا كيفية التعامل مع المستحقات المالية للشركات الروسية في العراق”، مؤكداً “أهمية اجتماع اللجنة المشتركة بين العراق وروسيا”.
وأوضح الوزير أن “العراق تربطه علاقات تاريخية مع روسيا، ولدينا تعاون معها في الجوانب الأمنية والاقتصادية”.
من جهته، أكد لافروف الموافقة على زيادة زمالات الطلبة العراقيين، مشيراً إلى استمرار التنسيق مع الجانب العراقي في شأن القضية الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الروسي في المؤتمر “بحثنا العلاقات الثنائية بين بغداد وموسكو والفرص الاستثمارية المتاحة، كما قمنا بزيادة الزمالات الدراسية للطلبة العراقيين”. لافتاً إلى أن “اللجنة المشتركة بين العراق وروسيا ستعقد اجتماعاتها في بغداد”.
ونوه إلى أن “المركز الرباعي التنسيقي أثبت فعاليته في القضاء على الإرهاب”، مؤكداً “دعم موقف العراق الداعي إلى السلام بين روسيا وأوكرانيا”.
زيادة النفوذ
يرى الباحث السياسي علي البيدر أن “روسيا شعرت بخطورة اقتحام العراق سوق الطاقة العالمية، خصوصاً في ما يتعلق برغبة دول أوروبية تستورد الغاز الروسي باستيراد الغاز من العراق، لذلك تحاول موسكو أن تسحب العراق إلى المعسكر الشرقي، بخاصة أن هناك أطرافاً سياسية عراقية على مقربة من طهران الحليف الاستراتيجي لروسيا”.
وبحسب البيدر، فإن روسيا تعمل على زيادة نفوذها في المنطقة عبر المشهد العراقي الذي يشهد تزاحماً دولياً في هذه المرحلة من أجل زيادة نفوذ دول كبيرة به، ومنها روسيا التي تعمل اليوم على ضمان عدم وقوف العراق بالضد منها في ما يتعلق بالاصطفافات المتعلقة بالأزمة الأوكرانية.
ونوه البيدر إلى أن “على العراق في هذه المرحلة أن يفضل مصالحه، ولا يقف إلى جانب أي طرف كي لا يتحمل تبعات ذلك، خصوصاً أن المشهد العراقي يشهد اضطرابات واضحة، ولا يتحمل أي ردود فعل انتقامية من قبل الفاعلين الكبار في التحولات العالمية”.
بالنسبة إلى جوانب التسليح، يقول البيدر إن “العراق اليوم بحاجة إلى تنويع مصادر تسليحه، سيما أن السلاح الروسي أقل كلفة من بقية الأسلحة الغربية، وروسيا اليوم تحتاج إلى تصدير جزء منه لتغطية نفقات الصراع الدائر على حدودها الغربية، ويجب على العراق استثمار تلك العروض لتوفير نفقات يتم استخدامها في مجالات أخرى”.
محملة بالأهداف
بدوره، قال الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي، إن زيارة سيرغي لافروف إلى بغداد تأتي محملة بمجموعة من الأهداف السياسية والاقتصادية، وهي زيارة تجديد للعلاقات الثنائية بين روسيا والعراق بعد اختيار الأخير حكومته الجديدة برئاسة السوداني، وهي الزيارة الروسية الرسمية الأولى من نوعها منذ تنصيبه رئيساً للوزراء، باستثناء ما جرى من اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس والسوداني منذ ما يقارب الشهرين.
ويضيف العلي “تحمل صيغة الوفد الروسي المرافق لوزير الخارجية الروسي لمحة اقتصادية واضحة، إذ ضم الوفد فريقاً واسعاً من المستثمرين وممثلي شركات النفط والغاز، بالتالي فهي دلالات بأن الزيارة قد تستهدف عروضاً تجارية واستثمارية روسية تتعلق بملفات الطاقة والنفط والغاز.”
وتابع “بشكل قاطع قد لا تخلو الزيارة من أهداف سياسية روسية تتمثل باستعراض روسيا وجهات نظرها حول الصراع القائم في أوكرانيا، وهي تحاول من خلال الزيارة استمالة أطراف دولية وإقليمية إلى بناء وجهات نظر مشتركة حول الصراع القائم شرق أوروبا”.
اندبندت عربي