رسم “شارلي إيبدو” حول زلازل تركيا يثير جدلا واسعا

باريس – أثار رسم كاريكاتوري لمجلة “شاري إيبدو” الفرنسية يظهر أبنية منهارة وأرفقته بعبارات “زلزال تركيا. حتى إنه لا توجد حاجة إلى إرسال الدبابات” جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تباينت القراءات للرسم بين من اعتبره يحمل إساءة لأنقرة وبين من أكد أنه ينتقد الغرب.

واستفز تعليق المجلة الفرنسية على الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا الاثنين، وأودت بحياة أكثر من خمسة آلاف شخص في حصيلة أولية، عددا كبيرا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل عدم فهم المغزى من العبارات التي أرفقتها المجلة الفرنسية بالكاريكاتور.

ولم يُفهم قصد المجلة الفرنسية من العبارات التي أرفقتها بالكاريكاتير، فقد توقع مغردون في مواقع التواصل الاجتماعي أن من الممكن أن يكون المقصد “لم تبق هناك حاجة إلى إرسال دبابات لقتل الأتراك، فهم قُتلوا خلال الزلزال”.

بينما ذهب البعض الآخر إلى أن الرسم يشير إلى أن الزلزال الرهيب في أنطاكية كان مدمرا مثل الحرب، مما جعله يشبه أوكرانيا حيث نرسل الأسلحة.

ورغم أن قيمة الكاريكاتور تكمن في الغموض والإبهام وإثارة الجدل، إلا أنه أثار ضجة واسعة وموجة غضب عارمة، حيث وصفه البعض بأنه مسيء وعنصري يضج بالحقد والشماتة والتهكم على أوجاع الآلاف من الضحايا والمنكوبين.

وعلقت مغردة تركية تدعى أوزنر كوتشكير، تصف نفسها بخبيرة في العلاقات الدولية، على الرسم الكاريكاتيري قائلة “حتى الأتراك كانوا ‘شارلي إيبدو’ يشاركونك ألمك واليوم أنت تجرؤ على السخرية من معاناة شعب بأكمله. عليك حقا أن تكون لديك بعض الأعصاب للقيام بذلك عندما لا يزال هناك أطفال ينتظرون المساعدة تحت الأنقاض”.

وانتقد مغرد آخر يدعى محسن خان رسم المجلة الفرنسية قائلا “مجلة شارلي إيبدو الفرنسية سخرت من الزلزال الذي وقع في تركيا، هل هذه حرية تعبير؟ ليسخروا من موت الآخرين، عار عليكم”.

وكتب الفلسطيني أحمد هشام “هل تعتقد أنه مضحك! إنه عدم احترام لجميع البشر، فأنت تسخر من جميع الأديان والناس، معتقدا أن هذه هي حرية التعبير”.

وفي المقابل دافع البعض عن الرسم الكاريكاتوري معتبرين أنه يوجه رسالة إلى الغرب وليس إلى تركيا.

وقال فلوريان ليغانويا “يجب أن يكون لديك معدل ذكاء مكون من رقمين حتى لا تفهم أن الرسم يسخر من الغرب (الذي يرسل الدبابات إلى الشرق الأوسط لتدمير كل شيء) وليس الأتراك”.

وارتفعت الثلاثاء حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، الاثنين، إلى 5021 قتيلا، وسط قلق إزاء مناطق في الدولتين لم ترد منها أي معلومات منذ وقوع الزلزال.

ولقي 3419 شخصا على الأقل مصرعهم في جنوب شرقي تركيا، وما لا يقل عن 1062 في شمال سوريا، لتصل حصيلة الضحايا الإجمالية حتى الآن إلى ما لا يقل عن 5021، وفقا لمصادر رسمية وطبية.

وقالت منظمة الصحة العالمية اليوم الثلاثاء إن عدد المتضررين قد يصل إلى 23 مليونا، وأوضحت المسؤولة في المنظمة أديلهايد مارشانغ أن “بينهم نحو 5 ملايين في وضع ضعف”.

وعبّر مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن قلق المنظمة على نحو خاص إزاء مناطق في تركيا وسوريا لم ترد منها أي معلومات منذ وقوع الزلزال الأول.

وفي الأثناء تتواصل الهزات الارتدادية، وآخرها زلزال بقوة 5.7 درجة هز شرق تركيا الثلاثاء، وفق ما أفاد مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي، مضيفا أنه كان على عمق 46 كيلومترا.

وأعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء، أن عدد الهزات الارتدادية منذ الاثنين وصل إلى 312 هزة.

وأضاف أن الظروف الجوية القاسية تجعل مهمة إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة التي ضربها زلزال تركيا صعبة.

وأوضح أوقطاي أن مطار أضنة تحول إلى مطار لنقل المساعدات اللوجستية إلى المناطق المنكوبة، مشيرا إلى وصول فرق إنقاذ من 14 دولة وقد بدأت العمل، وآخرى من 70 دولة ستصل لاحقا.

وأكد نائب الرئيس التركي أن المدارس والجامعات تحولت إلى مراكز إيواء، وتواصل فرق الإنقاذ التركية عمليات البحث عن ناجين بعد الزلزال المدمر الذي أسفر عن الآلاف من القتلى والمصابين.

وتتواصل جهود الإنقاذ في تركيا وسوريا بحثا عن ناجين تحت أنقاض المباني المنهارة وسط البرد القارس، في ظل نقص الآليات وسوء الأحوال الجوية.

وقال المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش الثلاثاء إنه تم حشد سبعة وعشرين فريقا للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ في تركيا، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الاثنين بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر وتسبب في دمار واسع.

وغرد لينارتشيتش عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي “تضامن الاتحاد الأوروبي في أفضل حالاته”.

وأوضح المسؤول الأوروبي أن هذه الفرق جاءت من 19 دولة أوروبية مختلفة، من بينها مونتينيغرو (الجبل الأسود) وألبانيا، وهما ليستا عضوين في التكتل. وتضم هذه الفرق 1150 من عمال الإنقاذ و70 كلبا مدربا.

وتم تنسيق نشر هذه الفرق عبر ما يسمى بآلية الحماية المدنية الخاصة بالاتحاد الأوروبي، والتي يمكن من خلالها طلب المساعدة الطارئة من التكتل، ومن البلدان الأخرى المشاركة في النظام، حين الضرورة.

العرب