طهران- أعلن معهد الأبحاث الاقتصادية التابع لغرفة إيران للتجارة والصناعة، تراجع مؤشر “مديري المشتريات” في إيران خلال الشهر الأول من فصل الشتاء على أساس شهري، مؤكدا أن المؤشر انخفض من 49.14 نقطة في آذار الإيراني (21 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي) إلى 41.89 نقطة في الشهر التالي.
ووفق أحدث البيانات التي نشرتها غرفة إيران للتجارة والصناعة، فإن مؤشر مديري المشتريات في الشهر الماضي ظل دون مستوى 50 نقطة التي تعد الفاصل بين النمو والانكماش، وبلغ أدنى مستوى له منذ 40 شهرا، مما يؤكد وجود انكماش في القطاع الخاص الإيراني غير المنتج للنفط.
وأظهر المسح المتخصص لمؤشر مديري المشتريات الذي يستند على الطلبيات الجديدة ومستويات المخزون والإنتاج وحجم تسليم المُوردين، وبيئة التوظيف والعمل، أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في البلاد يشهد تدهورا خلال الفترة الأخيرة.
أسباب الانكماش
ويستدرك التقرير، بأن بيانات غرفة إيران للتجارة والصناعة لا تشمل مؤشر مديري المشتريات في الشهر الأول من تفشي فيروس كورونا عام 2019 والشهر الأول من التقويم الفارسي حيث يتقلص الإنتاج بسبب عطلة رأس السنة الإيرانية.
ويرى الناشط الاقتصادي عضو غرفة إيران للصناعة والتجارة، زين العابدين هاشمي، مجموعة أسباب وراء تراجع الإنتاج في بلاده خلال الشهر الماضي، منها:
التضخم.
تراجع قيمة الريال الإيراني وارتفاع العملة الصعبة.
نقص الطاقة.
تراجع القدرة الشرائية.
ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج.
زيادة النفقات والقيود المفروضة على الشبكة العنكبوتية منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.
ويضيف هاشمي في حديثه للجزيرة نت، أن السياسات الاقتصادية العليا بشأن سعر الصرف -لا سيما تغيير حاكم المصرف المركزي- كان لها حصة الأسد في تراجع الإنتاج خلال الشهر الإيراني الماضي، مؤكدا أن تقلبات سعر الدولار الأميركي عرقلت شراء مستلزمات الإنتاج وتسببت في تراجع الطلب والمبيعات.
وكان ارتفاع سعر الدولار الأميركي قد أطاح بمحافظ المصرف المركزي الإيراني السابق علي صالح آبادي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، حيث تراجعت العملة المحلية (الريال) حينها إلى مستوى قياسي، وبلغ سعر الدولار الواحد 450 ألف ريال بالسوق غير الرسمية.
وبالرغم من تغيّر اسم العملة إلى الريال، إلا أن الشعب الإيراني لا زال يطلق على عملته اسم تومان في أعماله الشرائية . الجزيرة
تراجع قياسي
وتابع عضو غرفة إيران للتجارة والصناعة، أنه خلافا للتوقعات الاقتصادية فقد انعكس تراجع قيمة الريال الإيراني سلبا على الصادرات خلال الفترة الماضية، عازيا السبب إلى التضخم المتصاعد في البلاد مما يمنع المنتجين من بيع بضائعهم خشية ارتفاع سعر مستلزمات الإنتاج.
وأوضح الناشط الاقتصادي الإيراني، أنه من بين القطاعات غير النفطية، شهدت قطاعات النسيج والمستلزمات المنزلية والصناعات الغذائية والمعدنية والكيميائية والألبسة تراجعا كبيرا في مؤشر مديري المبيعات، في حين أن الصادرات في قطاعي النسيج والصناعات الغذائية سجلت أدنى مستوى خلال الشهر الماضي.
وأوضح أن المبيعات شهدت انخفاضا في أغلب القطاعات غير النفطية خلال الشهر الماضي لا سيما في قطاع الألبسة والصناعات الكيميائية والمعدنية.
وتوقع هاشمي تحسن مؤشر مديري المبيعات خلال الأشهر القليلة المقبلة حيث ستنضج السياسات الاقتصادية التي يعمل عليها محافظ المصرف المركزي الجديد محمد رضا فرزين لا سيما بشأن تثبيت سعر الصرف.
خيارات وبدائل
من ناحيته، يرى آرمان خالقي، نائب رئيس “الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم” أن قطع الغاز على القطاعات الصناعية قبل أكثر من شهر، كان سببا رئيسيا وراء تراجع مؤشر مديري المشتريات، موضحا أن تراجع الإنتاج في بلاده بحاجة إلى قرارات على مستوى الاقتصاد الكلي.
وفي ظل تراجع درجات الحرارة وتفاقم الاستهلاك المنزلي للغاز خلال الأشهر الماضية، قطعت وزارة الطاقة الإيرانية الغاز على العديد من القطاعات الصناعية من أجل توفيره للتدفئة في البيوت.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى خالقي أن الإنتاج لن يخرج من مرحلة الانكماش إلا بمعالجة الأسباب، وعلى رأسها عدم التضحية بقطاع الإنتاج في الأزمات النابعة عن سوء الإدارة ومنها نقص الغاز في الشتاء والكهرباء في أيام الصيف، حيث تقوم السلطات المعنية بقطع الطاقة على المصانع.
وعما إذا كانت هناك خطة بديلة لإنقاذ الإنتاج في إيران، يقول الناشط الاقتصادي الإيراني إنه لا توجد بدائل في الوقت الراهن، لكنه يرى أن الحل بسيط؛ عبر سحب الحكومة يدها عن القطاع الخاص وعدم التدخل في عملية الإنتاج.
وخلص خالقي إلى أن التضخم المستفحل في البلاد يقوّض مسيرة الإنتاج مطالبا سلطات بلاده بمعالجة التضخم واستعادة قيمة العملة الوطنية ورفع قدرة الشعب الشرائية لتنعكس إيجابيا على الطلب وتحريك عجلة الإنتاج من جديد.
المصدر : الجزيرة