زلزال مدمر يضرب تركيا وسوريا والخسائر فادحة

زلزال مدمر يضرب تركيا وسوريا والخسائر فادحة

الباحثة شذى خليل*

تترك الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير المدارية، آثاراً مدمرة كبيرة على الاقتصاد العالمي، بالإضافة الى الخسائر البشرية والاقتصادية التي من شأنها أن تعطل مفاصل الدولة وتجعلها أمام أزمات حقيقية وسنوات طوال لتعويض خسائرها.
تعرضت تركيا وسوريا اليوم الى زلزال أسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى في حصيلة أولية، وصنف بأنه أعنف زلزال في تاريخ تركيا.
وتعد تركيا، أحد أكبر 20 اقتصادا عالميا- والتي تتعرض لكارثة طبيعية، تكررت للمرة الثانية في غضون 24 عاما، حيث كان أسوأ زلزال تعرضت له تركيا قبل زلزال اليوم البالغة قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، ذلك الزلزال الذي وقع عام 1999 وتجاوزت درجته 7.9 درجات على مقياس ريختر، ففي صباح اليوم الاثنين 6-2-2023، شعر سكان سوريا ولبنان والعراق ومصر واليونان وقبرص وأرمينيا، بهذا الزلزال المدمر، حيث أعلنت السلطات التركية درجة الإنذار الرابعة التي تعني طلب مساعدة دولية.
لا تزال الإحصائيات غير مكتملة في تحديد حجم الخسائر الاقتصادية أو البشرية أو أكثر القطاعات المتأثرة، بينما لا يزال يجري إحصاء عدد القتلى والمصابين في الزلزال الذي وقع جنوب شرقي البلاد.
من جانبها، أشارت بعض التقديرات الأولية، حسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بنسبة 34%، أن تصل تكلفة الأضرار الاقتصادية للزلزال الذي ضرب تركيا اليوم لأكثر من مليار دولار، أما موقع أرتيمس البريطاني والمتخصص بالتحليلات الاقتصادية، فقال إن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا، يعد واحد من أكبر الزلازل التي سجلتها المنطقة على الإطلاق.
في حين تقول تقارير إن عدد المباني المتضررة حتى الآن يلغ أكثر من 1700 مبنى في تركيا وحدها، ولحقت الأضرار بما لا يقل عن 10 مدن رئيسية.
وشهدت منطقة شمالي سوريا أضراراً كبيرة جراء الزلزال، حيث تم الإبلاغ عن حوالي 200 مبنى متضرر.
وقال كبير المسؤولين العلميين في شركة Gallagher Re، إن المنطقة نفسها شهدت زلزالاً في يناير 2020 بلغت قوته 6.7 درجات، وبلغت تكلفته الاقتصادية 600 مليون دولار.
وأشار إلى أن غالبية الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا الزلزال من غير المرجح أن تكون خاضعة الى التأمين، مما سيؤدي إلى خسارة مضاعفة، ومن المرجح أن تكون إعادة التأمين صغيرة نسبياً بالمقارنة مع الأضرار.
أما بالنسبة الى المعامل والإنتاج فقد تعرضت الى أضرار كبيرة أدت الى توقف الإنتاج في المدن الصناعية، وهي مدينة غازي عنتاب، التي اقتربت لتكون العاصمة الصناعية لتركيا، بسبب آلاف المصانع المقامة هناك، وأكدت مصادر رسمية تركية ، توقف الإنتاج على نحو واسع في مدينة غازي عنتاب تخوفا من حدوث هزات ارتدادية خلال الساعات المقبلة، وقالت إدارة الطوارئ التركية إن الزلزال دمر نحو 2824 مبنى.
من جانبه.. أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، أن المدارس والمساكن الجامعية لم تتضرر، فيما أعلن تعطيل المدارس في 10 ولايات لمدة أسبوع بسبب الزلزال.
وفي تقرير سريع صدر بعد نحو 30 دقيقة من وقوع الزلزال، قال خبراء في الولايات المتحدة الأميركية إن هناك فرصة بنسبة 34 في المائة لوقوع ما بين 100 و1000 حالة وفاة، و31 في المائة لوقوع ما بين 1000 و10 آلاف حالة وفاة. وأشار التقرير إلى احتمالية «حدوث أضرار جسيمة وكارثية على نطاق واسع». وقدرت الخسائر الاقتصادية بما يصل إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.
إلى ذلك.. قال عالم الزلازل بجامعة ملبورن في أستراليا، جانوكا أتاناياكي، إن الطاقة المنبعثة من الزلزال تعادل نحو 32 بيتاجول، وهو ما يكفي لتزويد مدينة نيويورك بالطاقة لأكثر من أربعة أيام. وأضاف: “فيما يتعلق بالطاقة، فإن زلزالاً بقوة 7.8 درجات هو أقوى بـ 708 مرات من زلزال بقوة 5.9 درجات”.
إن الضرر المحتمل للزلزال يعتمد على ما هو أكثر بكثير من حجمه، حيث تساهم الكثافة السكانية لمنطقة معينة، بالإضافة إلى ضحالة مركز الزلزال في مستوى الدمار. مع وجود زلزال ضحل يرتفع احتمال حدوث المزيد من الضرر. وكان زلزال اليوم على عمق نحو 10 أميال.
هذا، وتؤثر وبشكل كبير جودة تشييد المباني في المنطقة. حيث أشار تقرير مركز المسح الجيولوجي الأميركي إلى أن «السكان في هذه المنطقة يقيمون في هياكل معرضة بشدة للاهتزازات الزلزالية، رغم وجود بعض الهياكل المقاومة»، مضيفاً أن: “أنواع المباني المعرضة للخطر السائدة هي حجارة غير مدعمة وإطار خرساني منخفض الارتفاع غير قابل للضغط والحشو”.
وقالت عالمة الزلازل سوزان هوغ من مركز المسح الجيولوجي الأميركي، إن الزلزال، رغم أنه بعيد عن أقوى الزلازل التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، إلا أن بإمكانه أن يصبح خطيراً بشكل خاص بسبب موقعه وعمقه الضحل.
هذا وقد تم تصنيف الزلزال الذي ضرب تركيا بقوة 7.8 درجات على أنه زلزال «كبير» ومدمر وينعكس بشكل كبير على الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلدان.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية