استعرضت الباحثة الأمريكية أروى ديمون في مقال نشرته بمركز الأبحاث الأمريكي “أتلانتك كاونسل” أوجه المقارنة والفوارق الكبيرة حاليا على الأرض بين الأوضاع في تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة فجر الإثنين وخلف آلاف القتلى والجرحى.
وفيما أوضحت أن تركيا تمتلك استعدادات جيدة للتعامل مع الزلازل وغيره من الكوارث الطبيعية، قامت بتعبئة فرق الطوارئ والجيش، ولكن ذلك لم يكن كافيا مع تداعيات وحجم الكارثة واسعة النطاق بشكل لا يصدق.
وفي حين تتدفق المساعدات المحلية والدولية بشكل متزايد على تركيا من جميع أنحاء العالم عن طريق السماء والأرض والبحر، في المقابل لا ترى في شمال سوريا (على الحدود مع تركيا خاصة) نسبة تذكر من تلك المساعدات. وتشدد على أن السوريين هناك يرون أن الكارثة التي راح ضحيتها الآلاف، فعلت ما كان يريد نظام بشار الأسد والروس أن يفعلوه بهم طوال الوقت.
على الرغم من وجود العديد من المعابر الحدودية بين تركيا وشمال غرب سوريا، إلا أن هناك معبرًا وحيدا لنقل المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة
وتشير الكاتبة إلى أنه على الأرض في شمال سوريا (حيث مناطق سيطرة المعارضة) تقود جهود البحث والإنقاذ فرق الدفاع المدني السوري، المعروف أيضًا باسم “الخوذات البيضاء” والتي لديها خبرات سابقة في إنقاذ الأرواح في أعقاب التفجيرات.
وتؤكد أنه مع ذلك، فإن هذا المستوى الكبير من الدمار الذي أحدثه الزلزال في وقت واحد، يفوق قدرة الخوذات البيضاء، الذين يعانون مع غيرها من مجموعات المتطوعين الآخرين من نقص كل ما قد يحتاجون إليه لتنفيذ مهامهم، بما في ذلك نقص الديزل لتشغيل آلياتهم الثقيلة، وعدم وجود ملاجئ للمشردين الآن في البرد والثلوج.
وتلفت إلى أنه بينما اندفعت المنظمات المحلية في سوريا إلى تقديم المساعدة الإنسانية (جهودهم عبارة عن قطرة في دلو)، لم ترسل أي حكومة فريق إنقاذ رسميا إلى الحدود السورية.
وتنوه إلى أنه على الرغم من وجود العديد من المعابر الحدودية بين تركيا وشمال غرب سوريا، إلا أن هناك معبرًا وحيدا لنقل المساعدات من تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في سوريا وهو معبر باب الهوى.
وتذكر أنه في هذا الصدد قالت الأمم المتحدة إن “استخدام المعبر ذاته كمنصة إعادة الشحن في الواقع سليمة.. لكن الطرق المؤدية إلى المعبر تضررت، مما يؤثر مؤقتا على قدراتنا لاستخدام المعبر كليا”.
وتشدد على أنه لطالما كان وجود معبر باب الهوى مسيّسًا بشدة، مع استخدام الروس الدائم حق الفيتو كل 6 إلى 12 شهرًا لتجديد استخدامه، فيما تصر حكومة الأسد في دمشق على أن جميع المساعدات إلى سوريا يجب أن تأتي عبر العاصمة.
وإضافة إلى ذلك، تأثرت بشكل مدمر المناطق التي تسيطر عليها حكومة “الأسد”، مثل حلب واللاذقية.
وذكرت الكاتبة أن المئات فقدوا حياتهم هناك، نظرًا لوجود نقص شديد في البنية التحتية أو القدرة على إطلاق عمليات الإنقاذ على الرغم من كونهم تحت سيطرة نظام الأسد.
ومع ذلك، وصلت المساعدات إلى دمشق من دول كثيرة مثل العراق وإيران وروسيا.
أكدت الباحثة أن الأصوات الدولية التي لم تنجح في منع نظام الأسد من قصف شعبه، لن تكون فعالة في الحصول على استجابته لمساعدته.
ووفق الكاتبة، فإنه من الناحية النظرية، يمكن أن تكون دمشق مدخلًا للوصول إلى جميع السوريين المحتاجين، لكن هذا بالكاد على وشك الحدوث، نظرًا لأن الوصول إلى المساعدات الإنسانية أصبح أحد أكبر البطاقات الجيوسياسية.
ولفتت إلى دعوة وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” روسيا وجميع الجهات الفاعلة الدولية إلى الضغط على نظام الأسد للسماح للمساعدة بالوصول إلى الجميع في البلاد.
واعتبرت الباحثة أن الدعوات مثيرة للضحك بشكل مأساوي، لأن الأصوات الدولية التي لم تنجح في منع حكومة الأسد من قصف شعبها، لن تكون فعالة في الحصول على استجابة النظام لتغذية وإبقاء شعبه دافئًا.
وأشارت الكاتبة إلى تعليق أحد أصدقائها السوريين على المأساة قائلا إن “الزلزال فعل ما أراد نظام الأسد والروس فعله بنا طوال الوقت”.
القدس العربي