ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة التركية بنحو 10 في المئة لدى إعادة افتتاحها بعد أسبوع من إغلاقها بعد انهيارها إثر وقوع #الزلازل المدمرة في #تركيا. وكانت حكومة الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان اتخذت إجراءات عدة لدعم البورصة والعملة التركية، الليرة، في مواجهة التبعات الاقتصادية للزلازل.
ومن أهم تلك الإجراءات قرار الحكومة بإلزام صناديق معاشات التقاعد باستثمار 30 في المئة تقريباً من أموالها في الأسهم التركية. ويعني ذلك ضخ تلك الصناديق ما يصل إلى 8 مليارات ليرة (424 مليون دولار) في سوق الأسهم. وهو ما شجع المستثمرين للإقبال على الشراء توقعاً لارتفاع أسعار الأسهم مع شراء صناديق معاشات التقاعد للأسهم في الأيام المقبلة.
كذلك تم تخفيف القيود الضريبية على إعادة الشركات شراء أسهمها، بالتالي تخطط شركات تركية مسجلة في البورصة لإعادة شراء أسهمها، كما ذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز”. ومن بين تلك الشركات مصرف “هول بنك” ومجموعة الاتصالات “ترك تليكوم” والخطوط الجوية التركية وشركة صناعة الصلب “إدمير”.
لكن حتى بعد الارتفاع الكبير يوم الأربعاء مع إعادة فتح البورصة للتداول، يظل المؤشر الرئيسي “بست 100” في بورصة إسطنبول متراجعاً بأكثر من 10 في المئة منذ بداية العام. إذ كان المؤشر فقد أكثر من 18 في المئة من قيمته بالفعل منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.
مؤشرات موقتة
على رغم إجراءات الحكومة لدعم سوق الأسهم والعملة الوطنية خشية الانهيار الكبير بعد وقوع الزلازل، إلا أن كثيراً من المحللين يرون أن تلك الإجراءات قد تدعم الأسهم والليرة موقتاً لكنها يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية. وأشار المستثمر المخضرم في الأسواق الصاعدة بشركة “جي إي أم إنفستمنتس” بول ماكنمارا إلى أن الوضع يذكر بوضع الأرجنتين التي استخدمت أموال صناديق معاشات التقاعد والدين الحكومي كمؤشرات موقتة قبل إعلانها التخلف عند سداد الدين (إفلاس) عام 2001. وأضاف ماكنمارا في مقابلة مع “الفايننشال تايمز” أن “استخدام صناديق معاشات التقاعد لدعم المالية العامة نادراً ما ينتهي بشكل جيد”.
ويلقي كثير من الاقتصاديين والمحللين في السوق باللائمة في تردي الاقتصاد التركي، حتى من قبل أزمة الزلازل، على السياسات غير التقليدية للرئيس أردوغان. وأدت تلك السياسات بما فيها خفض أسعار الفائدة إلى الارتفاع الهائل في معدلات التضخم وانهيار سعر صرف الليرة ما جعل المستثمرين الأجانب يخرجون من الاقتصاد التركي الذي يبلغ حجم ناتجه المحلي الإجمالي 819 مليار دولار.
وفي تقرير لوكالة “بلومبيرغ” يشير المحللون إلى صعوبة الاعتماد على المؤشرات الموقتة نتيجة تدخل الحكومة في السوق ولدعم الليرة بعد الزلازل. ويقول كبير المحللين في “أن أتش كابيتال ماركتس” بيوتر ماتيس: “لا يعد سعر صرف الليرة مؤشراً دقيقاً على ثقة المستثمرين في الاقتصاد التركي، بخاصة إذا أخذنا في الاعتبار استمرار دعمها بإجراءات حكومية غير مباشرة. وأتوقع أن يتعرض البنك المركزي التركي لمزيد من الضغط من قبل حكومة أردوغان لخفض سعر الفائدة أكثر لتسهيل تمويل التعافي بعد الزلازل”.
انكماش الاقتصاد
ويشير تقرير “بلومبيرغ” إلى أن أزمة الزلازل فاقمت من وضع اقتصادي تركي لم يكن جيداً أصلاً، وأنها تنذر بمزيد من ارتفاع التضخم ومخاطر على الميزانية العامة. يقول نك ستادميللر من “ميدلي غلوبال أدفايزرز” في نيويورك: “تضرب تكاليف كارثة الزلازل الاقتصاد التركي في وقت وصلت الثقة إلى حد الهشاشة بالفعل، وتزيد من مخاطر انهيار آخر في الأسواق إذا أخذنا في الاعتبار الاختلالات الموجودة من قبل بالفعل في سعر العملة والحساب الخارجي للدولة”.
وعلى رغم تحسن العائد على سندات الدين العام التركي قليلاً الآن، إلا أن العائد من سندات الدين الدولارية المستحقة عام 2033 يظل قريباً من نسبة 10 في المئة حتى بعد انخفاضه قليلاً من 9.8 في المئة إلى 9.6 في المئة.
وبحسب تصريحات الرئيس أردوغان وأركان حكومته، يتوقع ارتفاع الإنفاق العام للحكومة الذي سيمول بالاقتراض وذلك في محاولة لتخفيف آثار الزلازل في المناطق التي تضررت قبل الانتخابات العامة. وتريد حكومة أردوغان تأجيل الانتخابات من مايو (أيار) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) كي تتمكن من بدء عمليات إعادة إعمار تمتص غضب الناخبين في مناطق الزلازل.
يذكر أن الأقاليم العشرة المتضررة من الزلازل تعد قاعدة انتخابية مهمة للرئيس أردوغان وحزبه الحاكم، وإن كان من الصعب تقدير مساهمة تلك الأقاليم في الناتج المحلي الإجمالي التركي إلا أن طغيان الزراعة وبعض الصناعات على نشاط تلك المناطق يمثل شرياناً مهماً لاقتصاد إسطنبول.
وتعهد أردوغان بأن تتم إعادة الإعمار في الأقاليم العشرة في غضون عام، كما أعلن عن تقديم 10 آلاف ليرة (541 دولاراً) لكل أسرة متضررة وأن يتم نقل بعض المشردين من الخيام إلى فنادق على حساب الدولة.
ومع أنه من الصعب توقع العبء المالي والاقتصادي لكارثة الزلازل على الاقتصاد التركي، إلا أن وكالة “بلومبيرغ” نشرت قبل أيام تقريراً كتب فيه باحثوها: “نقدر بشكل مبدئي أن يصل الإنفاق العام على تبعات الزلازل إلى ما يساوي نسبة 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي التركي. ويمكن أن يقود برنامج ائتمان مدعوم من الحكومة إلى ارتفاع هذه النسبة أكثر”. ويقارن حسنين مالك من شركة “تيمللر” بين تأثير الزلازل وكوارث طبيعية أخرى مثل “الفيضانات في باكستان التي ربما أدت إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بما بين 5 و10 في المئة وكان لها تأثير طويل الأمد على الحساب الخارجي للحكومة”. ومع أن التأثير في الاقتصاد التركي قد يكون أقل من التأثير في الاقتصاد الباكستاني، إلا أن الضغوط السابقة على الحساب الخارجي والليرة تجعل التأثير واضحاً بشدة.
اندبندت عربي