زار الرئيس الأمريكي جو بايدن أوكرانيا قبل أيام من الذكرى الأولى للغزو الروسي (24 شباط/ فبراير 2022) حيث أكد في خطاب ألقاه في العاصمة كييف أن نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، «كان مخطئا تماما» في اعتقاده أن «أوكرانيا ضعيفة والغرب منقسم» كما أكد «التزام أمريكا الثابت بديمقراطية أوكرانيا ووحدة أراضيها» مهما استغرق الأمر».
أدى خطاب بايدن إلى حصول «مبارزة كلامية» مع نظيره الروسي، الذي قام بعد خطوة بايدن القوية بتعليق مشاركة موسكو في «معاهدة نيو ستارت» والتي تلتزم فيها روسيا وأمريكا بضبط الترسانة النووية في البلدين، كما طالب وزارة الدفاع والوكالة النووية الحكومية روساتوم بالتأهب لإجراء تجارب نووية، وأعلن أن «من المستحيل هزيمة روسيا في ساحة المعركة».
تبعت ذلك زيارة من بايدن إلى بولندا حيث التقى رئيسها أندجي دودا، ثم اجتمع بقادة «مجموعة بوخارست» وهي تسع دول كانت جميعها تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي سابقا، وتمثل «الجناح الشرقي» المحاذي لروسيا من حلف الناتو، حيث قام بطمأنة تلك الدول مستخدما تعابير قوية من قبيل أن علاقة واشنطن بتلك البلدان هي «التزام مقدس» وأن حكومته «ستدافع عن كل شبر من الناتو».
بالتزامن مع خطوة بايدن لتحشيد «الجناح الشرقي» لحلف الأطلسي قام بوتين باستقبال وانغ يي، وزير خارجية الصين، الذي تحدث عن «شراكة بلا حدود» وقال إن الجانبين سيعززان «التعاون الاستراتيجي» وذلك بعد أيام من تحذير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن بكين «تدرس بجدية تزويد موسكو بأسلحة فتاكة» كما أشار بوتين أن نظيره الصيني سيزوره قريبا.
يجيء هذا بعد حادثة إسقاط المنطاد الصيني في الأجواء الأمريكية، التي رفعت منسوب التوتر بين واشنطن وبكين، ورغم أحاديث كبير دبلوماسيي الصين عن مبادرة سلام صينية لحل النزاع الروسي الأوكراني، وتعليق وزارة الدفاع الصينية أن أمريكا «تضخم التهديد النووي الصيني» وأن بلاده ليست في وارد سباق تسلح نووي «مع أي دولة» فإن هذه التصريحات الوسطية، لا يجب أن تستبعد إمكانيات لجوء الصين لتسليح روسيا في حال زادت احتمالات تراجعها، وهو جانب يمكن استشفافه من التوتر الذي تشهده أوضاع كوريا الشمالية، الحليفة الأولى للصين، عبر تكثيف تجاربها الصاروخية المكثفة.
كان لافتا، ضمن سياق الحراك الدولي المحتدم، تصريح رئيس الأركان العامة التشكي كاريل شيكا، أن الحرب في أوكرانيا من المحتمل أن تتصاعد إلى حرب في أوروبا بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، فيما أشار رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني إلى أن الحرب في أوكرانيا قد تصبح «المشكلة الأصغر» وأن العالم قد يواجه صراعات عسكرية أخرى «تحمل خطر حدوث تصعيد نووي».
أصبحت روسيا، مع تزايد العقوبات الغربية عليها بعد الحرب الأوكرانية، أكثر بلدان العالم تعرضا للعقوبات (تتبعها إيران وسوريا وكوريا الشمالية) وبالتناظر مع إعلان واشنطن، أمس، عن مساعدات جديدة بقيمة 10 مليارات دولار لأوكرانيا، وتعهدات دول غربية عديدة، من بينها السويد وفنلندا المرشحتان لدخول حلف الناتو، بمد كييف بدبابات ليوبارد 2، أعلنت روسيا إجراءات جديدة بخصوص القدرات الصاروخية لثالوثها النووي (أي التي يمكن إطلاقها من البر والبحر والجو) عبر إدخال منصات منظومة صواريخ «سارمات» العابرة للقارات، الخدمة القتالية، واستمرار إنتاج صواريخ «كينغال» الفرط صوتية، واستلام كميات كبيرة من صواريخ «تسيركون» الأسرع من الصوت.
الصوت الأخير في هذه الدراما المخيفة كان للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن التهديد بالأسلحة النووية «غير مقبول على الإطلاق» داعيا العالم «للتراجع عن حافة الهاوية» والخوف طبعا أن تصل الأمور إلى درجة لا يعود ممكنا فيها، فعلا، التراجع عن الهاوية.
القدس العربي