الزلزال وجه ضربة قوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما كشفه من فساد وفي ظل شكاوى واسعة من بطء الإنقاذ. قد يسقط أردوغان في الانتخابات، لكن تأثير سياساته داخليا وخارجيا سيظل قويا ويفرض على الحكومات القادمة الالتزام به حتى لو فازت المعارضة.
أنقرة – يأمل المعارضون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تنهي انتخابات هذا العام حكمه المضطرب بعد 20 عاما قضاها في السلطة. لكنهم قد يتعرضون لصدمة تواصل “الأردوغانية من دون أردوغان”، فحتى لو غادر الرئيس المثير للجدل السلطة، فإن سياساته ستظل تتحكم في توجه الحكومة التي ستأتي من بعده.
ومن المقرر إجراء عمليتين انتخابيتين في 14 مايو (واحدة للرئاسة وأخرى للبرلمان) إن تم تقديم موعد الانتخابات. وقد أصبحت الحملات الانتخابية السابقة لأوانها أكثر حدّة نتيجة للزلزال الرهيب الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 46 ألف شخص حتى الآن.
وشعر أردوغان في الأيام الأخيرة بانقلاب المد الانتخابي ضده، وردّ بغضب على الانتقادات العلنية لمعايير البناء المتدنّية وادعاءات الاستجابة البطيئة للكارثة، والتي تحاول المعارضة الاستفادة من كليهما.
وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في المقاطعات العشر المتضررة، وتتزايد التكهنات بأنها ستحاول تأجيل الانتخابات إذا كان المزاج العام ينذر بفوز المعارضة.
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل الزلزال أن التحالف بين حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومية لا يزال قويا، مما يعني أنه حتى لو تمكن تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب من تولي الرئاسة، فإنه سيفشل بالفوز بالسيطرة على البرلمان. وهذا ما من شأنه أن يصعب على المعارضة إعادة النظام البرلماني السابق الذي أزاله أردوغان من خلال التغييرات الدستورية التي وافق عليها الاستفتاء الذي أجراه في 2017.
يتمحور السؤال الكبير حول الانتخابات الرئاسية، حيث لا يزال أردوغان المرشح الأكثر شعبية. ولكن مشكلته ستكمن في أنه إذا توحد الناخبون حول شخصية واحدة في جولة الإعادة، فإنه قد يجد أن حظوظه أقل أمام مرشح المعارضة المحتمل.
وقضت محكمة إسطنبول التركية بمعاقبة رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو بالسجن والحظر من العمل السياسي بعد إدانته بإهانة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات خلال الانتخابات المحلية التي فاز فيها برئاسة البلدية سنة 2019.
وانسحاب إمام أوغلو من السباق، بعد أن كان المرشح الذي تقلق شعبيته أردوغان، قد يمهّد الطريق أمام زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو ليصبح مرشح المعارضة الذي قد يهزم أردوغان.
جيل كامل من الأتراك نشأ معتادا على بلد يقدم نفسه كقوة إقليمية إن لم تكن عالمية تعمل ضمن مجالات نفوذ متنوعة
وتضم المعارضة العديد من الشخصيات التي تعتقد أنها قادرة على هزيمة أردوغان، بمن في ذلك زعيمة الحزب الصالح ميرال أكشنر وعمدة أنقرة منصور يافاش من حزب الشعب الجمهوري. ولكن لأن كلجدار أوغلو أكبرهم سنا، فقد أوضح في الأشهر الأخيرة أنه يعتبر السباق حقا له، خاصة أنه وافق على السماح لمحرم إينجه بالترشح عن حزب الشعب الجمهوري في 2018.
ولد كلجدار أوغلو عام 1948، ويصور نفسه على أنه أكبر رجل دولة في تركيا، وأنه قادر على هزيمة الرئيس الحالي.
وتدرك المعارضة أن الإعلان عن مرشحها في أوائل مارس سيجعل الآلة الإعلامية الحكومية تلاحقه بضراوة. وستستهدف كلجدار أوغلو باعتباره عجوزا وضعيفا وغير مدرك للقضايا الحديثة، على عكس أردوغان.
ولا يُعرف ما إذا كان الشباب سيخرجون للتصويت لصالح كلجدار أوغلو أم العكس.
كما أن الآلة الإعلامية الأردوغانية ستصنفه على أنه خطر على الأمن القومي من خلال سعيه لاستمالته حزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد لدعم ترشحه.
ويرجح أندرو هاموند، الباحث البريطاني في التاريخ الإسلامي والشرق الأوسط، أن تلعب الحكومة التركية الورقة الطائفية، حيث أن كلجدار أوغلو هو علوي من أصل كردي.
واعتمد حزب العدالة والتنمية الهوية السنية سلاحا سياسيا في الماضي، وخاصة خلال الحرب الأهلية السورية عندما صور أردوغان ووسائل الإعلام الموالية لحزب العدالة والتنمية الصراع على أنه جهاد ضد نظام علوي يقوده منحرفون عن العقيدة.
كما سعت الآلة الإعلامية للحزب إلى كسب تعاطف الإسلاميين العرب للوقوف وراء أردوغان الذي أطلق الكثير من شعارات المزايدة خاصة في الملف الفلسطيني لتأكيد زعامته الإقليمية قبل أن تسقط تلك الشعارات مع تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي ظل ردود الفعل الغاضبة بعد الزلزال، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت الحكومة ستحاول تزوير الانتخابات بأيّ شكل من الأشكال، خاصة أنها تمتلك مفاتيح هذه الانتخابات من أولها لآخرها.
وتسهل مراقبة عملية التصويت بشكل كبير في المراكز الحضرية الرئيسية، ولكن متابعة ما يحدث داخل مراكز الاقتراع تصعب في المحافظات، وخاصة في الجنوب الشرقي. كما تتمتع الحكومة بالسيطرة الكاملة على العملية من خلال لجنتها الانتخابية التي اعتادت على تقديم إعلانات فورية عن النتائج إلى وكالة الأنباء الحكومية لتصبح رسمية.
وعلى الرغم من كل ذلك، خسر حزب العدالة والتنمية انتخابين مهمين في 2019 لرئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة. وقد فاز إمام أوغلو في إسطنبول، حتى بعد أن أقنعت الحكومة المحكمة بإلغاء التصويت الأول وإجرائه مرة أخرى.
وتوجد ورقة أخرى أكثر تأثيرا في حسم اتجاهات التصويت، وهي ورقة الأعداد الكبيرة من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، وكذلك الأتراك في الخارج الذين يمكن لأصواتهم أن تجعل أردوغان في وضعية صعبة، أو تصعد به مجددا إلى الرئاسة.
في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، يبدو التغيير الذي تجهز فيه تركيا نفسها لكسب قيم الاتحاد الأوروبي وثقة واشنطن بعد عقدين من التوتر بعيد المنال، وهو ما تؤكده مواقف أردوغان من حرق القرآن في السويد والتظاهرات الاحتجاجية على ذلك.
وفي جانب آخر، نشأ جيل كامل من الأتراك معتادا على بلد يقدم نفسه كقوة إقليمية إن لم تكن عالمية تعمل ضمن مجالات نفوذ متنوعة، ذلك أن تدخلات أردوغان توسعت إلى البلقان وآسيا الوسطي وأفريقيا. ولا يمكن لأيّ حكومة التخلص من هذا التفكير بين عشية وضحاها.
ومن الصعب القفز على توجه تركيا لأن تصبح قوة إقليمية ذات نفوذ وتنافس في ذلك حتى أقرب حلفائها الغربيين، وذلك لأسباب من بينها، أن النزعة الأوراسية (آسيا الوسطى) تيار قوي في الجيش ولم تتجذر في الأرض إلا في عهد أردوغان. ومن الصعب التراجع عن المكاسب التي تحققت في عهده على هذا المستوى.
وإذا تنحى أردوغان سيأتي إصلاح المشاكل الاقتصادية الرهيبة التي تعاني منها تركيا عبر المؤسسات المالية الغربية بثمن يهدد استقلالية السياسة الخارجية المكتسبة حديثا، وهذا سيكون أمرا صعبا قبوله شعبيا بالرغم من أنه خيار واقعي.
ويضيف هاموند عنصرا آخرا لصعوبة التخلي عن سياسات أردوغان الخارجية، وهو أن التفكير في عضوية تركيا بتكتل جنوبي (روسيا والصين) يريد إزالة الدولرة سيستمر في التفكير الرسمي التركي، على الرغم من أن الإغراء باتباع النظام النيوليبرالي سيكون حقيقيا.
إلى ذلك، يريد القليل من الأتراك العودة إلى نظام الوصاية العسكرية والحكم العسكري العلني الذي حقق أردوغان نجاحا تاريخيا في قلبه، بما في ذلك قواعده القاسية ضد الرموز الدينية المحافظة في الأماكن العامة. وتظل حماية الحق في أن تكون محافظا عامل جذب قوي لقاعدة حزب العدالة والتنمية.
ويصادف هذا العام الذكرى المئوية للجمهورية التركية، وستكون لسلطة الحكومة هيبة هائلة في هذا المنعطف المهم في التاريخ.
وسيمنح النصر أردوغان وحزب العدالة والتنمية الضوء الأخضر للمضي قدما في مشروعهم لتصوير أردوغان باعتباره المؤسس الفعلي لجمهورية ثانية، وأهم شخصية منذ السلطان عبدالحميد الثاني بما يتجاوز مصطفى كمال أتاتورك. كما أنه سيعزز حزب العدالة والتنمية كحزب دائم في السلطة، وينقذ أردوغان من محاكمات الفساد.
وكانت المفارقة النهائية لنهج أردوغان اللافت للنظر هي الاستحواذ على الكمالية نفسها، على الرغم من الانتماء إلى حركة أيديولوجية قائمة على نبذ الكثير من إرث أتاتورك.
واختار أردوغان لأول مرة التحالف مع القوميين المتطرفين في حزب الحركة القومية سنة 2015 عندما بدأت شعبيته المتدهورة في تهديد هيمنة حزبه الانتخابية، وهو تعاون أثبت مرونته وصعوبة التغلب عليه. ويبقى كسر الرابطة الإسلامية القومية التحدي الأكبر للمعارضة رغم التوقعات المتكررة بزوالها.
وقد يمثل الزلزال ضربة موجعة لأردوغان بعد افتضاح ظاهرة الفساد في المباني ما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا.
وفي الوقت الذي يسعى فيه أردوغان لتمديد فترة حكمه إلى عقد ثالث، يلقي المعارضون باللوم عليه في زيادة حدة التضخم مجددا والسماح لمقاولي البناء بانتهاك اللوائح المتعلقة بالزلازل التي كان من الممكن أن تنقذ المزيد من الأرواح.
وتمثل الانتخابات أصعب اختبار انتخابي لأردوغان حتى الآن.
وتولى حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية مقاليد السلطة عام 2002 وسط أزمة مالية وبعد انهيار حكومة ائتلافية واجهت انتقادات شديدة بسبب طريقة تعاملها مع زلزال مدمر وقع عام 1999.
حزب العدالة والتنمية خسر انتخابين مهمين في 2019 لرئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة، وقد فاز إمام أوغلو في إسطنبول، حتى بعد أن أقنعت الحكومة المحكمة بإلغاء التصويت الأول وإجرائه مرة أخرى
ومنذ الزلزال الأخير، زار أردوغان (68 عاما) عدة مدن مدمرة ووعد بإعادة إعمارها ومحاسبة مقاولي البناء بسبب عدم امتثالهم للوائح الأمان في المباني.
لكن هذا قد لا يكون كافيا لإقناع الناجين الغاضبين الذين تحولت منازلهم إلى أنقاض في الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة وأودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص. وانتقد الناجون من الزلزال الاستجابة البطيئة للغاية لفرق الإنقاذ في أعقاب الزلزال.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض إن الضرر الناجم عن الزلزال سببه “سياسات التربح الممنهجة” خلال عقدين من حكم أردوغان.
وأضاف “إذا كان هناك أي شخص مسؤول عن هذا فهو أردوغان. هذا الحزب الحاكم فشل لمدة 20 عاما في تجهيز البلاد لزلزال”.
وقال مسؤولون إن أردوغان الذي سيبلغ عامه التاسع والستين اليوم الأحد فكر في تأجيل الانتخابات لكنه يفضل الآن المضي قدما.
وأضافوا أن أردوغان على ثقة من قدرته على حشد الناخبين الأتراك حول شعار حملته التي أطلقها بعد الزلزال “نبني تركيا معا”.
قال مصدر مقرب من الرئيس “يشعر أردوغان بالأسى حقا، حتى أنه انهار بسبب الزلزال. لكنه لم يستسلم بأيّ حال من الأحوال ولم ييأس”.
وأضاف المصدر “لقد أصبح عمله أصعب. كان مشغولا بالفعل. في زياراته لمواقع الزلزال.. قد يبدو متعبا، وهذا أمر طبيعي”.
وفي الوقت الذي تستعد فيه البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تلوح في الأفق مخاطر حول مسار البلد الذي دأب أردوغان على محاولة تشكيله ليصبح متدينا ومحافظا ولاعبا إقليميا ذا ثقل.
وتعهد المعارضون بإلغاء الرئاسة التنفيذية القوية التي أنشأها أردوغان، وإعادة تركيا إلى الديمقراطية البرلمانية وعودة الاستقلال للبنك المركزي الذي نفذ خطط أردوغان بخفض معدلات فائدة، مما قاد نموا اقتصاديا لكنه تسبب في انهيار الليرة وارتفاع التضخم بشدة.
وهذه المخاطر ليست أمرا جديدا يتعرض له أردوغان الذي قضى في يوم من الأيام عقوبة السجن بعد أن ألقى قصيدة دينية. كما نجا من محاولة انقلاب عسكرية في عام 2016 عندما هاجم جنود مارقون البرلمان وقتلوا 250 شخصا.
وُلد أردوغان لأب فقير كان يعمل قبطانا بحريا ونشأ في بيئة يرثى لها في حي فقير في إسطنبول حيث التحق بمدرسة مهنية إسلامية واشتغل بعد ذلك بالعمل السياسي كزعيم لذراع محلية للشباب تابعة لأحد الأحزاب.
بعد أن شغل منصب رئيس بلدية إسطنبول، دخل أردوغان ساحة العمل الحزبي على المستوى الوطني كرئيس لحزب العدالة والتنمية، الذي فاز في الانتخابات عام 2002. وفي مارس آذار 2003، تقلد أردوغان منصب رئيس الوزراء.
وفي ذروة نجاحه، تمتعت تركيا بازدهار اقتصادي طويل الأمد مع إنشاء طرق ومستشفيات ومدارس جديدة وارتفاع مستويات المعيشة لسكانها البالغ عددهم 80 مليون نسمة.
وقيّد حزب العدالة والتنمية سلطات الجيش التركي الذي كان قد أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960. وفي عام 2005 بدأت محادثات لتحقيق طموح استمر عقودا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي عملية توقفت الآن تماما.
في الوقت الذي تستعد فيه البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تلوح في الأفق مخاطر حول مسار البلد الذي دأب أردوغان على محاولة تشكيله ليصبح متدينا ومحافظا ولاعبا إقليميا ذا ثقل
وكان الحلفاء الغربيون ينظرون إلى تركيا تحت حكم أردوغان في البداية على أنها مزيج حيوي من الإسلام والديمقراطية يمكن أن يكون نموذجا لدول الشرق الأوسط التي تكافح للتخلص من الاستبداد والركود.
لكن سعيه لفرض سيطرة أكبر أثار قلق الشركاء الدوليين.
ويرى المؤيدون لأردوغان أنه زعيم أعاد التعاليم الإسلامية إلى صميم الحياة العامة ودافع عن الطبقات العاملة المتدينة، بينما يصوره المعارضون على أنه مستبد ومدمن للسلطة، وبعد محاولة الانقلاب شنت السلطات حملة قمع وسجنت أكثر من 77 ألف شخص على ذمة المحاكمات وفصلت أو أوقفت عن العمل 150 ألفا من موظفي الدولة. وتقول جماعات حقوقية إعلامية إن تركيا أصبحت أكثر دول العالم سجنا للصحافيين.
وقالت حكومة أردوغان إن التطهير سببه التهديدات التي يمثلها المساندون للانقلاب وكذلك تنظيم الدولة الإسلامية والمسلحون في حزب العمال الكردستاني.
وفي الداخل، أصبح مجمع القصر الرئاسي الجديد مترامي الأطراف على مشارف أنقرة علامة واضحة على سلطاته الجديدة، بينما أصبحت تركيا في الخارج أكثر حزما، إذ تدخلت في سوريا والعراق وليبيا، ناشرة في الكثير من الأحيان طائرات مسيرة محلية الصنع.
وسعى أردوغان إلى التقارب مع دول في أنحاء المنطقة فيما يواجه تعثر اقتصاد بلاده وتدهور العملة المحلية وانطلاق العد التنازلي لانتخابات هذا العام.
وقد آتت هذه الخطوة ثمارها جزئيا، فقد تعهدت الإمارات بضخ استثمارات في تركيا، كما عزز تحسين أنقرة علاقاتها مع الرياض الآفاق الاقتصادية للبلاد في هذا العام الانتخابي الصعب. ولكن جاء زلزال السادس من فبراير ليقلب خطط أردوغان رأسا على عقب.
الآن بات لزاما عليه إقناع الناخبين بأنه الزعيم الذي سيقود إعادة بناء تركيا بعد الزلزال.
العرب