عودة للملف النووي الإيراني ولكن بصورة أكثر إهتماما وتوجسا بعد التقرير والمعلومات المتداولة عن قيام النظام الإيراني بتخصيب اليورانيوم بنسبة 84% أثناء قيام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمعاينة بعض المواقع النووية داخل إيران وهذا ما أكده تقرير الوكالة بتاريخ 20 شباط 2023 وآثار حفيظة الدول الاوربية (المانيا وفرنسا وبريطانيا ) والولايات المتحدة الأمريكية المشاركة في الحوار حول خطة العمل الشاملة المشتركة والتي لم تسمح لإيران إلا بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3,67 لأغراض مدنية وحسب ما اتفق عليه في اب 2015 ولكن البرلمان الإيراني في كانون الأول 2020 اقر قانونا يجيز للحكومة الإيرانية رفع نسبة التخصيب إلى 20% وهذا ما تحقق في نيسان 2021 عندما أعلن النظام الإيراني أنه تمكن من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% ردا على الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز ولاثبات قدرته وامكانياته في تصعيد حدة المواجهة مع جميع الأطراف.
بقي موضوع إجراء الحوار وبدأ الجولة العاشرة من مفاوضات البرنامج النووي الإيراني حبيس التفاعلات السياسية والاختلافات في وجهات النظر والتشدد في الشروط الأمريكية والإيرانية بعد أن صرحت الإدارة الأمريكية(ان الاتفاق النووي يعاني موتا سرسريا وان واشنطن تفضل عدم الاعلان عن وفاته ) وهذا ما أكدته الأحداث القائمة باهتمام واشنطن بمتابعة المتغييرات التي أدت إلى قيام إيران بتزويد روسيا بالطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة ومساعدتها في حربها مع أوكرانيا والتي رأت واشنطن ان هذا المتغير يأتي في الأولوية من اهتمامها في متابعته ورصده ومحاولة ثني إيران عن استمرار تعاونها العسكري والأمني مع موسكو ، في حين تأتي مفاوضات البرنامج النووي في الاهتمام الثاني ،ولهذا جاء حديث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بليكن على (ان الدبلوماسية هي أفضل الطرق للتعاطي مع البرنامج النووي ولكن هذا يعتمد على ما تقوله إيران وما تفعله وما إذا كانت تتفاعل معه ) .
رغم تصاعد حدة الأحداث إلا أن المصالح الدولية والغربية تبقى هي المعيار الرئيسي في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط ومنها موضوع الوساطة البريطانية_القطرية التي تحاول إقناع النظام الإيراني بإطلاق سراح المواطنين الأمريكان الموقوفين لديهم مقابل قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالموافقة على إطلاق مبالغ مالية مجمدة تقدر ب(7) مليار دولار لدى كوريا الجنوبية، وهذا يؤكد سياسية التناقض التي تتبعها واشنطن في التعامل مع إيران التي أخذت بالاستفادة من هذه المواقف في التشدد بشروطها وعدم قبولها بالمبادرات الأوربية في عقد جلسة الحوار القادم لمناقشة مستجدات البرنامج النووي والإبقاء على حالة التعنت وإظهار القوة بعد أن رأت مدى طبيعة وحقيقة العلاقات التي تسعى إليها أطراف الحوار ولهذا فهي طلبت من بريطانيا أن تتوقف مؤسسة إيران انترناشيونال الإعلامية عن ممارسة دورها الإعلامي من داخل الأراضي البريطانية والتي تستخدم في فضح وكشف أساليب النظام الإيراني وقمعه لانتفاضة الشعوب الإيرانية وطبيعة السياسية القائمة والأحوال المتدهورة اقتصاديا واجتماعيا داخل إيران والذي يرى فيه النظام الإيراني أنها تؤثر عليه دوليا وإقليميا وتضعف دوره السياسي في العلاقات الدولية كما سعت الحكومة البريطانية للضغط على (مؤسسة بي بي سي) الفارسية لإعادة النظر في سياستها حول ايران تلبية لطلب الحكومة الإيرانية ودعم الوساطة البريطانية لصالح واشنطن .
هي المصالح الدولية التي تجعل حقوق الشعوب الحرة ليس من أهدافها بل تستخدم المتغيرات لصالحها والا ما معنى أن يوصي مجلس العموم البريطاني بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وإصدار عقوبات اقتصادية وسياسية على بعض الكيانات الإيرانية على خلفية الدور الإيراني في أوكرانيا واستمرارها في إدانة طهران حول نقل أسلحة متنوعة للحوثين في اليمن وأنها تخالف تشكل مخالفة لقراري مجلس الأمن(2231) و(2140) واستمرار الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية على صناعة النفط والبتروكيماويات داخل إيران، مع وجود اللقاءات والمناقشات بين هذه الدول وإيران وتشديد العقوبات عليها ؟.
تبقى عملية الشد والضغط ما بين الدول الاوربية والإدارة الأمريكية والنظام الإيراني قائمة ومستمرة لتحقيق مصالحهم واهدافهم، وتعلم طهران أن الدول الاوربية من الممكن أن تبدأ بفرض عقوبات اقتصادية مشابهة لما فرضته الولايات المتحدة الأمريكية حال اقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدم تنفيذ إيران للالتزامات بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة ووفقا لقرار مجلس الأمن (2231) الذي وضع أسس الاتفاق النووي ووافق عليه .
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية