إيران المرتبكة تستنجد بفزاعة المؤامرة لتبرير تسميم التلميذات

إيران المرتبكة تستنجد بفزاعة المؤامرة لتبرير تسميم التلميذات

طهران – عمّقت الدعوات إلى التظاهر في العاصمة الإيرانية طهران ومدن أخرى تنديدا بموجة من الهجمات بالسم تعرضت لها تلميذات في عشرات المدارس مخاوف النظام الذي يعيش حالة من الارتباك وسط عجزه عن حل هذا اللغز، ليستنجد مجددا بفزاعة المؤامرة لتبرير ذلك.

ويتخوف النظام الإيراني من اتساع الاحتجاجات على غرار تلك التي أعقبت وفاة الشابة الكردية مهسا أميني والتي كسرت المحرمات ونزعت هالة القداسة عن علي خامنئي أعلى مرجعية دينية وسياسية في إيران من خلال شعارات تنادي بإسقاطه وتصفه بالدكتاتور.

ووسط انتشار لوقائع يُشتبه بأنها ناجمة عن تسميم في أنحاء مختلفة من البلاد ونقل مئات الفتيات للمستشفى، وصف خامنئي اليوم الاثنين تسميم تلميذات إيرانيات خلال الشهور القليلة الماضية بأنه جريمة “لا تغتفر”، فيما واصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الترويج لنظرية المؤامرة باتهامه أعداء أجانب للبلاد بالوقوف وراءها، وسط شكوك قوية تحوم حول تورط النظام الإيراني في هذه الحوادث بهدف الانتقام من الشابات والمرأة على وجه الخصوص بعد الدور البارز الذي لعبته في الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ منتصف سبتمبر الماضي.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن خامنئي قوله “على السلطات تتبع قضية تسميم التلميذات بجدية. هذه جريمة لا تغتفر… يجب معاقبة مرتكبي هذه الجريمة بقسوة”.

ودعت مجموعة من الناشطات الإيرانيات إلى التظاهر في الشوارع في يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من مارس، وذلك للاحتجاج على ما وُصف بالهجمات الكيماوية على مدارس التلميذات في إيران.

وجاء في الدعوة التي وقعتها عدد من الناشطات في إيران “نطالب الجميع لا سيما الناشطين والناشطات والعمال والطلاب الانضمام إلى هذا الاحتجاج والدفاع عن الأطفال وحقوق الفتيات والنساء”.

وسجلت حالات تسمم لفتيات إيرانيات جديدة في إيران الأحد، إذ تم الإبلاغ عن تسمم عدد من الطالبات في مدرستين ثانويتين للبنات، في أبهار (غرب) والأهواز (جنوب غرب)، وفي مدرسة ابتدائية في زنجان (غرب)، وفق ما نقلت وكالة الانباء “إسنا” عن مسؤولين صحيين محليين.

هذا، وطالت حالات التسمم أيضا تلميذات في مدارس مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق) وشيراز (جنوب) وأصفهان (وسط)، بحسب وكالتي الأنباء مهر وإيسنا.

وكانت مئات التلميذات قد تعرضت لتسمم بالغاز في عشرات من مراكز التعليم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقا لأرقام رسمية.

وزعم رئيسي في اجتماع للحكومة -دون تقديم أدلة- أن تسميم الطالبات حلقة أخرى ممن وصفهم بـ”الأعداء” بهدف “التسبب في بلبلة المجتمع” و”إرباك الرأي العام”.

وفي إشارة إلى “التحقيق والمتابعة” في هذا الموضوع من قبل وزارة المخابرات الإيرانية، أضاف أن “إثارة الخوف” لدى الطالبات وأولياء أمورهن “جريمة وعمل مناهض للإنسانية”.

وبحسب وكالة أنباء “إيرنا”، دعا إبراهيم رئيسي إلى “البحث عن جذور” و”المعالجة الجادة” لهذه القضية.

وفي وقت سابق، وصف بعض نواب البرلمان الإيراني ومسؤولون حكوميون آخرون هذه الهجمات بـ “المتعمدة” و “الأمنية” قائلين إنها يتم توجيهها من قبل الغرب ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية خارج إيران، تماما مثل الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد.

ولا يزال من غير الواضح لماذا لم تقدم أجهزة المخابرات والأمن في إيران، حتى الآن، أي تقرير عن تحقيقاتها أو احتمال توقيف المتهمين، رغم مرور ثلاثة أشهر على بداية هذه الهجمات.

ويأتي اتهام من يسمون بـ”الأعداء” بتنفيذ هجمات تسميم واسعة النطاق على مدارس في مدن مختلفة من البلاد، في حين أن النظام الإيراني يزعم دائما أنه يشرف استخباراتيا على كل الشؤون.

ونظم العديد من أولياء التلميذات في طهران ومدن أخرى السبت وقفات احتجاجية حسبما أفادت وكالات أنباء إيرانية ومقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تجمع الأهالي في المدارس لأخذ بناتهن إلى منازلهن، بينما نقلت بعض التلميذات إلى المستشفيات بسيارات الإسعاف أو الحافلات.

وتحول تجمع لأولياء الأمور خارج مبنى لوزارة التعليم في غرب طهران السبت إلى تظاهرة مناهضة للحكومة، بحسب مقطع فيديو تحققت منه “رويترز”.

وهتف المتظاهرون “الباسيج والحرس، أنتم داعشنا”، مشبهين الحرس الثوري وقوات أمن أخرى بتنظيم “داعش”.

وخرجت احتجاجات مماثلة في منطقتين أخريين بطهران ومدن أخرى بينها أصفهان ورشت، بحسب مقاطع فيديو لم يتم التحقق منها.

وأثارت القضية الغامضة قلق أهالي التلميذات مطالبين السلطات بإيجاد الفاعلين.

وانتقدت السلطات الإيرانية الدعوة التي أطلقتها الخارجية الألمانية، الجمعة، لكشف “كل حالات” تسمم التلميذات، واعتبرتها تدخلاً في شؤون البلاد.

وكذلك دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى “تحقيق شفاف” في القضية تنشر استنتاجاته.

وأعلنت الحكومة فتح تحقيق في أسباب التسمم، ولم يعلن حتى الآن توقيف أي شخص على خلفية هذه القضية.

والأسبوع الماضي، قال مسؤول في وزارة الصحة إن “بعض الأفراد” يسعون عبر ذلك إلى “إغلاق كل المدارس، خصوصاً مدارس الفتيات”، لكن لم يردد مسؤولون آخرون مواقف مماثلة.

وتأتي هذه القضية بينما تشهد إيران احتجاجات منذ وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني البالغة 22 سنة، في 16 سبتمبر بعد اعتقالها لدى شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.

العرب