اتفاق تمديد الهدنة في اليمن بمواصفات اتفاقية سلام

اتفاق تمديد الهدنة في اليمن بمواصفات اتفاقية سلام

عدن- اعترفت مصادر دبلوماسية مقربة من مفاوضات تمديد الهدنة اليمنية الجارية في مسقط بأن التمديد هذه المرة سيكون بمواصفات اتفاقية سلام شاملة وليس مجرد اتفاق لوقف إطلاق النار يتم خرقه بسهولة، مشيرة إلى استمرار الحوار بالرغم من كل الصعوبات، نتيجة الإصرار الدولي والإقليمي على عدم فشل المفاوضات.

ووفقا للمصادر سيتم تمديد الهدنة الأممية في اليمن مدةَ عام في حال تم التوافق على نقاط الخلاف، وسيترافق اتفاق الهدنة الأساسي مع ملاحق اقتصادية وإنسانية وأخرى تتعلق باستئناف مسار المشاورات السياسية حول الحل الشامل للأزمة اليمنية.

ولم تستبعد المصادر الإعلان في أي لحظة عن التوصل إلى اتفاق تمديد الهدنة بعد الانتهاء من حل الخلافات العالقة حول بنود الهدنة واستكمال آليات التنفيذ والضمانات.

وبشأن سيناريوهات الإعلان عن الاتفاق الجديد تباينت المصادر المتعلقة بطبيعة الإعلان الذي تشير مصادر إلى أنه سيتم الكشف عنه على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في جلسة أمام مجلس الأمن، فيما قالت مصادر أخرى إن السعودية قد تحتضن مراسم التوقيع على الاتفاق بين ممثلين للحكومة الشرعية وممثلين للحوثيين.

وربط مراقبون بين اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وبين التطورات المتعلقة بجهود إنضاج التسوية السياسية المتعثرة في اليمن.

وبخصوص تفاصيل اللقاء الذي تم بحضور رئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إنه “جرى خلال اللقاء استعراض مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية، والتأكيد على استمرار دعم المملكة العربية السعودية الشقيقة لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة والشعب اليمني، ودعم كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي شامل برعاية الأمم المتحدة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن”.

وحول ما إذا كان هناك اتفاق وشيك لتمديد الهدنة في اليمن في ضوء اللقاء، قال الباحث السياسي اليمني يعقوب السفياني “يبدو أن المفاوضات بين السعودية والحوثيين بوساطة عمانية تسير بشكل مستمر نحو تثبيت اتفاق جديد في اليمن قد يعلن على الأرجح خلال شهر رمضان القادم. وهناك مؤشرات على أن المفاوضات واجهت وتواجه عقبات كثيرة أهمها رفض الأطراف المحلية الأخرى ما يجري من تحييد وعزل لها في هذه المشاورات التي قد تفضي إلى اتفاق أكبر من اتفاق الهدنة السابق”.

وتابع السفياني في تصريح لـ”العرب” أن “الحوثيين خففوا شدة لهجتهم ضد السعودية بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع تحميل الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولية أي عرقلة أو تعثر للمفاوضات، وتركيز الاهتمام بشكل ملحوظ على محافظات وثروات جنوب اليمن التي تطالب الجماعة بنصيب منها”.

ومن المبكر الجزم بما قد تتمخض عنه هذه المفاوضات، لكن يبدو أن الرياض أطلعت مجلس القيادة الرئاسي على سير المشاورات مع الحوثيين خلال اللقاء الأخير مع رئيس المجلس رشاد العليمي وبعض الأعضاء، في العاصمة الرياض.

وكان العليمي قد أقر سابقا بعدم مشاركة الحكومة اليمنية في المشاورات والاكتفاء بالإحاطات المقدمة من المملكة.

وأشار السفياني إلى أنه “اتخُذت خطوات لبناء الثقة بين الحوثيين والسعودية تمثلت في تخفيف القيود المفروضة على ميناء الحديدة الذي يستقبل في الوقت الراهن ضعف العدد من البواخر مقارنة بالفترات السابقة. وهناك حديث عن فتح المنافذ البرية بين اليمن والسعودية أيضاً وزيادة رحلات مطار صنعاء، وهذا كله قد يتم حتى قبل الإعلان عن الاتفاق”.

وعلى صعيد متصل، توقعت مصادر حكومية يمنية بدء جولة جديدة من المشاورات المباشرة مع الحوثيين في جنيف، حول ملف الأسرى، وهو ما اعتبره مراقبون كسرا لحاجز القطيعة السياسية بين الشرعية اليمنية والحوثيين، وتمهيدا لعقد جولات قادمة من الحوار المباشر بين الطرفين حول ملفات أوسع وأكثر تعقيدا.

والثلاثاء شكر الرئيس الأميركي جو بايدن سلطانَ عُمان هيثم بن طارق، على دعمه للهدنة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن.

وقال بيان صادر عن البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي شكر سلطان عمان “على دعمه للهدنة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن الذي شهد خلال العام الماضي أطول فترة من الهدوء منذ بداية الحرب الدائرة لأكثر من عقد”.

وتزامنت تصريحات بايدن، التي شكر فيها سلطنة عمان على دورها في دعم الهدنة وجهود الوساطة في اليمن، مع لقاء ولي العهد السعودي برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني وعدد من نوابه وتأكيد الجانب السعودي على دعم كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي شامل برعاية الأمم المتحدة.

وقال الباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح إن “هذه الجهود قد تفضي في الأيام القادمة إلى اتفاق وشيك على تمديد الهدنة في اليمن على أسس مختلّة مسبقا بتعنت الحوثيين وعدم الوفاء بأي اتفاق معهم، حيث لم تنفذ الميليشيا أي بند من البنود في الهدنات والاتفاقيات السابقة، وأهمها رفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات، ورفضهم تسليم إيرادات الحديدة إلى البنك المركزي اليمني لدفع الرواتب وعدم تنفيذهم لأي بند من بنود اتفاق ستوكهولم”.

وأضاف بحيبح في تصريح لـ”العرب” أن “ما يقوم به المجتمع الدولي هو محاباة للميليشيا الحوثية، حيث تستخدم الميليشيا سلاح الهدنة لفرض شروطها وإملاءاتها وهي في الأساس تنازلات خطيرة تقدمها الحكومة الشرعية على حساب القضية اليمنية، وهذه التنازلات تمنح الحوثي ومن خلفه مشروع إيران فرصة للتغلغل بشكل أعمق في اليمن، وكل ذلك على حساب الطرف المقاوم لهذه الميليشيا”.

وحول تقييمه للجهود الدولية لحل الأزمة اليمنية وفرص نجاحها تابع بحيبح “كل هذه الجهود الإقليمية والدولية لا تلامس في الحقيقة الوضع الداخلي في اليمن ولا تهتم بتجاوزات الحوثيين وعدم تنفيذهم للاتفاقيات، فما يهم المجتمع الدولي حاليا هو الضغط على الشرعية اليمنية لتقديم التنازلات بهدف ثني الميليشيا الحوثية عن استهداف وتهديد طرق الملاحة الدولية وشركات إنتاج الطاقة، ما قد يتسبب في تهديد أمن الطاقة ويرفع أسعارها عالميا في الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمة في الطاقة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية”.

العرب