هامبورغ (ألمانيا) – تشير تفاصيل كُشفت عن مُطلق النار على أعضاء في حركة شهود يهوه في ألمانيا، وهو مؤلف كتاب ذي ميول تنبئية كارثية يعاني من جنون العظمة، إلى أنه رجل تثير شخصيته الكثير من القلق.
وشهود يهوه هي طائفة دينية تضع نفسها ما بين اليهودية والمسيحية. وتأسست الطائفة في الولايات المتحدة في عام 1874 على يد تشارلز تيز راسل، لذلك عرفت في بداياتها باسم “الراسلية”، كما عرفت أيضا بمجموعة دارسي الإنجيل الجدد. أما الاسم الأخير الذي اشتهرت به، “شهود يهوه”، فنسبة إلى “يهوه” إله بني إسرائيل بحسب العهد القديم في سفر الخروج.
ويُعرف أعضاء هذه الجماعة بعملهم النشط الذي يعتمد على تنقلهم من بيت إلى بيت ومن شخص إلى آخر لإقناع الناس بالانتساب إلى الطائفة. وثمة ما يقرب من 6.9 مليون شخص ينتسبون إلى هذه الطائفة منتشرين في 235 دولة حول العالم، هناك مليون شخص منهم في الولايات المتحدة و130 ألفا في المملكة المتحدة حسب إحصاءات عام 2007.
ويختلف وضع المنظمة من بلد إلى آخر. فهي قانونية مثل الديانات “الكبرى” في النمسا وألمانيا حيث يبلغ عدد أتباعها أكثر من 170 ألفا بينهم 3800 في هامبورغ.
فمن هو الشخص الذي قالت الشرطة إنه يدعى فيليب إف. (35 عاما)، والعضو السابق في حركة شهود يهوه الدينية الذي قتل ستة من أفراد هذه المجموعة مساء الخميس في مدينة هامبورغ وقتل جنين امرأة حامل في شهرها السابع أصيبت بجروح خطيرة قبل أن ينتحر؟
لا يبدو أن أحدًا يعرفه من جوار شقته المتواضعة الواقعة في مبنى رمادي في غرب المدينة، بحسب وسائل الإعلام الألمانية. ويقدم فيليب إف. نفسه على أنه رجل أعمال ناجح على حسابه الشخصي في منصة لينكد إن، مقره منطقة راقية في مركز المدينة كمجرد عنوان توطين، وفقًا للأسبوعية الألمانية دير شبيغل.
ويعرض الرجل تقديم خدماته في مجال الاستشارة والإدارة العامة في ما يتعلق بـ”الرقابة الإدارية والتمويل والمحاسبة” لقاء رسوم باهظة قدرها 250 ألف يورو في اليوم. وعزا هذه التكلفة إلى قدرته على “توليد قيمة مضافة تبلغ 2.5 مليون يورو” للشركات التي يقدم لها المشورة، ومن خلال نهجه “الكلي” أخذا بعين الاعتبار “اللاهوت والقانون”.
وتكثر على موقعه الإشارات إلى الإنجيل وكرة القدم، نادي ليفربول خاصة. ويدعو فيليب إف. على الموقع إلى “تحقيق أقصى قدر من السعادة في حياة الإنسان والحيوان”. فهو يتوقع على سبيل المثال “تغييرًا كبيرا في بنية العالم الذي نعيش فيه” وتغيير السماء “حيث يعيش أشباح”، على حد قوله.
كما كان يروج لكتاب نشره بنفسه على موقع أمازون بعنوان “الحقيقة عن الله والمسيح والشيطان”. وهدفه من الكتاب كما يذكر تنوير “أي شخص يشغل وظيفة إدارية في مجالات الاقتصاد والعلوم والسياسة والترفيه” من خلال 292 صفحة.
وفي الكتاب الذي أزاله موقع أمازون ولكن تمكنت دير شبيغل ووسائل إعلام ألمانية أخرى من قراءته، قال إنه أجرى “رحلة خاصة إلى الجحيم استمرت أكثر من ثلاث سنوات” مشيرا إلى وجود “حكومة سماوية عليا” مع 101 مليون كائن روحي. ويقدم في الكتاب، وهو مزيج من النثر المتزمت والصيغ الجاهزة حول الإدارة، جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا كعقاب إلهي.
كما أورد فيه خطابا مؤيدا لروسيا وكارها للنساء، متخوفا من حرب عالمية ثالثة، وفقًا لمجلة دير شبيغل. وبحسب معلومات أفاد بها شخصيا، نشأ فيليب إف. في أسرة متدينة “صارمة”، مشيرا إلى أن حادثًا جعله يشعر بالحاجة إلى الروحانية. وقال إنه كانت لديه “أحلام تنبئية” أثناء طفولته.
◙ أعضاء الجماعة يعرفون بعملهم النشط الذي يعتمد على تنقلهم من بيت إلى بيت ومن شخص إلى آخر لإقناع الناس بالانتساب إلى الطائفة
فقد رجل الأعمال الأعزب آخر وظيفة عام 2020 وأصبح مستشارًا ماليًا منذ ذلك الحين. لكن صفحته لا تذكر أي مهمة حالية. وانخرط في نزاع مع شركات عديدة بعد أن قدم، وفقًا للمحققين، عدة شكاوى، لاسيما ضد شركة في بافاريا من المرجح أنها وظفته في الماضي.
كان الرجل يحمل مسدسًا مرخصا استخدمه لإطلاق النار على أعضاء المجموعة التي كان ينتمي إليها. وأطلق الرجل، وهو أيضا رياضي يمارس الرماية، النار أكثر من مئة مرة وكانت ما زالت لديه كمية كبيرة من الذخيرة. لكن الشرطة تلقت في يناير الماضي رسالة من مجهول يحذر فيها من خطورته المحتملة. ثم جاءت لتراه في شقته لكنها لم تكشف عن أي وضع خطير وغادرت، وقالت إنه كان “متعاونا”.
وحذرت الرسالة من أنه قد يعاني من “مرض نفسي”. اليوم، وبعد المأساة، ثَبُت أن العضو السابق في حركة شهود يهوه “كان غاضبا من شهود يهوه”. لكن لماذا؟ ويقول بعض الشهود، بحسب الشرطة، إنه طُرد من الحركة. وأشارت صحيفة بيلد إلى أن هذا الاستبعاد تقرر بعد أن نشر فيليب إف. كتابه. لكن روايات أخرى تقول إنه ترك الحركة بمحض إرادته.
وفي بيان رسمي، قال أعضاء “شهود يهوه” إنهم “مستاؤون”، وأوضح مايكل تسيفيداريس ممثل الحركة في المنطقة وقد بدا مصدوما نتيجة المجزرة “كل شعائرنا الدينية مفتوحة للجمهور. ليس لدينا رجال أمن والجميع مدعوون”.
العرب